زيارة الكاتب بوعلام صنصال لاسرائيل تثير عاصفة في الساحة الثقافية العربية أثارت زيارة الكاتب الجزائري بوعلام صنصال لإسرائيل لغطا وجدلا واستياء في أوساط المثقفين الجزائريين والعرب، واعتبرت زيارته بالخطوة الجريئة والخطيرة وبالمستفزة أيضا، والحاملة لفكر التطبيع غير المبرر والمرفوض، صنصال سيشارك في مهرجان الكتاب العالميين الإسرائيليين الذي تحتضنه مدينة القدسالمحتلة من ال13 إلى غاية ال18 من الشهر الجاري. وهي المشاركة التي فاجأت الأوساط الفلسطينيةوالجزائرية والعربية، وأسالت حبرا كثيرا هنا وهنا، صنصال الذي كثيرا ما يكون محط انتقادات يجد نفسه هذه المرة أمام تساؤلات كثيرة تطرحها العائلة الثقافية والإعلامية وحتى السياسية في أكثر من خارطة عربية، تساؤلات عن معنى ومغزى هذه الزيارة في هذا الوقت بالذات الذي يتزامن والذكرى ال 64 للنكبة. حملة استنكار واسعة لهذه الزيارة، وبيانات تنديد كثيرة من أفراد وجهات وهيئات جزائرية وفلسطينية وعربية مختلفة، منها بيان الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل، والتي وجهت رسالة مفتوحة إلى الكاتب الجزائري بوعلام صنصال تقول في نصها: «لا تمنح حريّتك للأبارتهايد الإسرائيلي». وذهبت في مخاطبتها صنصال قائلة بنبرة من ينشده التراجع عن قراره الذي تم فعلا: «لقد علمنا، وبأسف شديد، خبر مشاركتك في مهرجان الكتّاب العالميين الإسرائيلي الذي يتواصل إلى غاية 18 مايو من العام الحالي في مدينة القدس المحتلّة. إن مشاركتك هذه ستشكل تطبيعًا مع دولة الاحتلال يغذي حصانتها وبالتالي يساهم في إدامة قدرتها على حرمان الشعب الفلسطيني من حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير. ندعوك لإلغاء مشاركتك لكي لا تمنح حريتك لمن يحرمنا حريتنا». في ملف كراس الثقافة لعدد اليوم يتحدث بعض الكتاب والأدباء الجزائريين والعرب عن هذه الزيارة وعن موقفهم منها وبالطبع فإن هناك من عارضها واعتبرها جناية ومن يرى أن الكاتب حر فيما يفعل وانه لا يجب أن تكون هذه الزيارة مناسبة للتنكر لقيمة أدبية صعدت بسرعة . إستطلاع/ نوّارة لحرش الدكتور أمين الزاوي/ كاتب وروائي جزائري أعارض هذا الموقف غير المسؤول في ذكرى النكبة «ليتني بائع خبز في الجزائر/ لأغني مع ثائر»، هكذا كتب محمود درويش في ديوانه «أوراق الزيتون». لا أتفق مع الروائي الكبير بوعلام صنصال، بل أعلن معارضتي لهذا الموقف غير المسؤول الذي اتخذه والمتمثل في قبوله المشاركة في ما يسمى باللقاء العالمي للكتاب الذي تحتضنه مدينة القدسالمحتلة وفي ذكرى النكبة، والذي تنظمه إسرائيل. لقد طغى على الأصوات المعترضة على هذه المشاركة صوت واحد هو «بيان وزير الثقافة في حكومة حماس» المقالة بغزة، وهو ما فُسر من قبل الغرب على أن «بيان حماس» هذا ليس مفاجأة، لكني أريد أن أقول إن هذا الاعتراض ليس قناعة «حماس» وحدها بل قناعة كل مثقف يناصر حق الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال وإقامة الدولة المستقلة على حدود 4 جوان 1967، من الغرب أو من العرب. ومع ذلك أتعجب لسكوت المثقفين والأدباء الجزائريين وعدم إثارة نقاش جاد حول مثل هذه المشاركة التي هي قبل كل شيء مسألة فكرية وثقافية وسياسية، خاصة حين يكون بطلها كاتب عالمي بحجم بوعلام صنصال؟. إن مشاركة كاتب بحجم بوعلام صنصال في معرض للكتاب الإسرائيلي يجب أن يكون فرصة لنقاش وجدل حول علاقة الثقافة والأدب بالسياسة، علاقة ودور المثقف الحداثي والروائي في السلام وإدانة الحروب والاستبداد والإستعمارات بكل خاصة وبلادنا تحتفل بالذكرى الخمسين للاستقلال. مع أنني أعترف بأنني لا أملك كل المعطيات عن خلفيات هذا اللقاء وعن محتواه وعن أهدافه وعن الأسماء الأخرى العالمية المشاركة فيه، إلا أنني لا أتفق مع الروائي بوعلام صنصال على هذه المشاركة في معرض للكتاب ينظم من قبل إسرائيل في مدينة تحتلها وتهودها شبرا شبرا وتشرد أبناءها وساكنتها من المسلمين والمسيحيين يوما بعد يوم. لا أتفق مع الروائي بوعلام صنصال مهما كانت التبريرات لهذه المشاركة لأن أبجديات فلسفة الحرية تقول لا يمكن لمستعمر أن يكون مرافعا عن الحرية فردية كانت أم جماعية، ولقاء الكتاب هذا ينظم من قبل بلد استعماري على أرض مستعمرة، ينظم في الوقت الذي تُضرب فيه العشرات من الأسيرات والأسرى الفلسطينيات والفلسطينيين عن الطعام في سجون هذا البلد المنظم. وأعتقد أن هذه المشاركة تسيء، أولا، إلى الروائي بوعلام صنصال نفسه بوصفه كاتبا نتقاسم وإياه الدفاع عن قيم الحرية والعدالة والديمقراطية ومحاربة الإرهاب التي تحلم بها الشعوب العربية والإفريقية التي تعيش استبدادا وقمعا وإرهابا وعلى رأسها الشعب الفلسطيني المقموع في يومياته والمسجون في مدنه وقراه ومخيماته ومنافيه. أعتقد أن مشاركة بوعلام صنصال في مثل هذه التظاهرة هي خيانة لأصدقاء كثر له من الجزائريينوالفلسطينيين، خيانة لأصدقاء كتاب دافعوا ويدافعون عن الحرية والكرامة وقد كتبوا المسرح والرواية والقصة والشعر ضدا للاستعمار الإسرائيلي بشكل خاص والاستبداد بشكل عام مهما كان لونه السياسي أو العقدي أو اللغوي، هذه المشاركة خيانة لكاتب ياسين صاحب مسرحية (فلسطين المغدورة)، لنور الدين عبة، لمحمد بودية، لمحمود درويش، لإميل حبيبي، لتوفيق زياد، لجبرا إبراهيم جبرا، لسميح القاسم، لفدوى طوقان، لمراد السوداني، لمحمد لافي، ليحيى يخلف، لخالد أبو خالد، لسحر خليفة، لغسان كنفاني ل... إني أستغرب هذه المشاركة في معرض للكتاب يقام في بلد يقاطعه ويدينه كثيرٌ من الكتاب العالميين ولعل آخرها الموقف الذي عبر عنه الكاتب الألماني الكبير غونتير غراس (الحائز على جائزة نوبل الآداب 1999) من خلال قصيدته التي نشرها قبل أسابيع والتي عرت الممارسات القمعية الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني الأعزل والمحاصر في سجن كبير، ومن قبله موقف الكاتب والروائي البرتغالي خوسي ساراماغو الشجاع (الحائز على جائزة نوبل للآداب 1998) فقد صرح وهو يصل رام الله ذات مارس 2002 ضمن وفد «من كتاب البرلمان العالمي للكتاب» وقد شاهد بأم عينه جزء من يوميات معاناة الفلسطيني في الجحيم الإسرائيلي اليومي والمستمر، قائلا: «رأيت في رام الله الإنسانية تتعرض للإذلال والإبادة كما في معسكرات الاعتقالات النازية». ولكني وفي الوقت نفسه أقول أيضا: إن بوعلام صنصال كاتب كبير فله كل الحق في ممارسة قناعاته الشخصية والفكرية والسياسية وهو في ذلك وبذلك قادر على تحمل التبعات التاريخية لموقفه هذا ولنا نحن أيضا كل الحق في ألا نتفق معه في مثل هذه الممارسات التي نراها هروبا إلى الأمام وخيانة لأصدقاء الحرية من الكتاب اليهود والمسلمين والمسيحيين والبوذيين وغيرهم. لا أتفق مع موقف بوعلام صنصال في موقفه هذا ومع ذلك دعونا نتساءل: لماذا لا أحد يتكلم وهو يرى روائيا بحجم بوعلام صنصال، مهما كان اختلافنا مع بعض كتاباته، يتم إلغاؤه من الخارطة الثقافية الجزائرية وهو صاحب «قسم البرابرة» وصاحب جائزة السلم العالمية؟. لا أتفق مع موقف بوعلام صنصال في موقفه هذا ومع ذلك أشعر أن بوعلام صنصال، وبحساسية ورهافة الأديب، بمثل ثقافة «المحو» هذه الممارسة ضده ككاتب أضحى يعيش «أجنبيا» في بلده، فهو المهمش، المنسي، المُحارَبُ في كل التظاهرات الثقافية في بلادنا. ربما هذا الوضع الإقصائي الذي يعيشه وهذا الشعور ب»الأجنبي» المفروض عليه في بلدٍ خدمه طوال حياته هو الذي جعله «يخرج مثل هذه الخرجات» غير المقبولة والمرفوضة سياسيا وأخلاقيا، أليس هذا الإقصاء هو الذي دفعه إلى مثل هذا الانتحار!!. نوري الجراح/ شاعر وكاتب سوري زيارة تدخل في باب الجنايات إذا كان هذا الكاتب جزائريا وسافر إلى فلسطينالمحتلة بوصفه جزائريا، فهو صاحب جناية يعاقب عليها القانون الجزائري بجرم زيارة العدو والتعامل معه ولا علاقة لها بالكتابة والكتاب ولا تناقش في حيز المواقف والأفكار، ولكنها تدخل في باب الجنايات. وإذا كان يحمل الجنسية الفرنسية وتصرف على أنه كاتب فرنسي من أصل جزائري، وهو غير آبه بجنسيته الأصل، فهو تصرف كصاحب حق في السفر كفرنسي إلى بلد لا عداء بينه وبين فرنسا. وقضيته عندي إذ ذاك تدخل في باب موت الضمير وإنعدام الشعور. ولكن في كلتا الحالتين الأصل الجزائري لهذا الكاتب الزائر ل»إسرائيل» يجعل منه شخصا وقحا لكونه أولا لا يأبه بحقوق الشعب الفلسطيني وعذاباته، وثانيا لا يحترم تراث شعبه الجزائري الذي يعتبر من أعظم الشعوب المكافحة ضد الاستعمار في العصر الحديث، وثالثا لكونه بزيارته الإسرائيلية إنما يستهتر تماما بمواقف مناصري قضية الشعب الفلسطيني وحقوقه التاريخية بفلسطين من الفرنسيين أنفسهم. عرفنا هذا النمط العربي من زوار إسرائيل تحت شتى الذرائع، وجميعهم ذهبوا إلى مزبلة التاريخ. عزت القمحاوي/ روائي مصري الإدانة مضاعفة في حالة صنصال، لأنه يزور إسرائيل في وقت يوشك فيه الأسرى المضربون عن الطعام على الموت مقاطعة إسرائيل التزام أخلاقي توافق عليه المثقفون العرب، موجع لهذا الكيان الذي تأسس ويعيش على إبادة شعب، حتى لو لم يكن الفلسطينيون عربًا ينبغي أن يقف المثقف إلى جوارهم بدافع إنساني. ولكن بعض المثقفين، خصوصًا من تلعب برأسهم أوهام العالمية وأوهام قوة التأثير الإسرائيلي يحاولون الخروج على هذا التوافق الأخلاقي بزعم أن هذه المقاطعة عبثية وغير مؤثرة أو بزعم أن هذا الالتزام ينتمي إلى ثقافة القطيع ويخدم الأنظمة التي تريد إلهاء الشعوب في قضايا بعيدة عن ظلمها وظلامها. وهذا غير صحيح على الإطلاق، فالمقاطعة موجعة لإسرائيل وتشكو منها مر الشكوى، لأن من أسس دولته غصبًا لن يستريح إن بقي إنسان واحد في العالم يتذكر هذه الحقيقة. وليس صحيحًا أن هذا الالتزام يعطل التزام الكاتب داخليًا بل إن المطبعين هم غالبًا بلا تاريخ في مواجهة الديكتاتورية. البعض يختلق مبرره من وجود يسار إسرائيلي يتحدث بعقلانية عن الصراع. وهذا الفصيل أصاب البعض منا بالتشوش، إذ كيف نرفض مشاعر كهذه؟!. والحقيقة أن المقاطعة ليست بعدًا رمزيًا فقط، بل لها بعد قانوني يتمثل في عدم الاعتراف بدولة إسرائيل بما يترتب على هذا من مقاطعة لمواطنيها وعدم التعامل المادي مع مؤسساتها. وحملات المقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل التي يقودها مثقفون في الغرب تكذب مزاعم المطبعين وتدينهم. وأظن أن الإدانة مضاعفة في حالة صنصال، لأنه اختار أن يزور إسرائيل في وقت يوشك فيه الأسرى المضربون عن الطعام على الموت. بشير مفتي/ روائي جزائري لا أحد وصيٌ على أحد بالنسبة لي، هذه القضية أخذت بُعدا أكبر من حجمها وخاصة من هؤلاء الذين راحوا يتهجمون فجأة على هذا الكاتب بطريقة سيئة وغير أخلاقية بالمرة، فقد نختلف ولا نتفق مع مواقف يصدرها هذا الكاتب أو ذاك، لكنه يبقى حرا في النهاية، يتصرف بحسب قناعته هو وليس قناعات الآخرين، ومن يريد أن يكون موقفه هو مع القضية الفلسطينية فهذا أيضا ليس إلا من قناعاته هو، لأن الجميع يفعل ذلك ولكن لأنه يؤمن هو شخصيا بذلك، وإذا كنت أنا بشير مفتي أرفض أن أطبع مع الكيان الصهيوني فهذا موقفي الشخصي ولا ألزم به غيري، لأنني لست وصيا على قناعات الآخرين. حقا أنا لا أعرف خلفيات هذه القصة وأسبابها وليس بحوزتي معطيات كافية لأدرك خفاياها ودهاليزها وبالتالي أنا بشير مفتي عندي قناعة أني لن أزور إسرائيل إلا إذا تحقق ما يطلبه الشعب الفلسطيني من حقوق وحريات يستحقها، ولكن هذا موقفي الشخصي وإذا كان موقف بوعلام صنصال غير هذا فهو شأنه وهو حر فيه ولا يلزمني بشيء، غير أني لست مستعدا لتقديم أي دروس أخلاقية في الضمير والنزاهة لأي كاتب لا يشاطرني موقفي، وأيضا أوافق رأي الروائي أمين الزاوي فنحن منذ فترة طويلة أغلقنا أبواب الجزائر على هذا الكاتب ونفيناه مثلما نفينا العشرات من الكُتاب الذين ندفعهم دفعا للخروج منها وتركها لمن لا يستحقها أحيانا، فكيف نلومه الآن باسم الجزائر الجاحدة هذه؟ ومن نكون نحن؟ وبإسم ماذا؟، أسئلة أتركها معلقة وأتمنى أن لا يعتبر ما كتبت الآن دفاعا عن زيارة صنصال لإسرائيل، أردت أن أقول أن كل كاتب حر وأن حريته لا تلزم الآخرين في شيء، وأيضا لا تنقص مواقفه السلبية من قيمته الأدبية وكثيرا من الأدباء والمفكرين في العالم صنفوا مع النازية مثل هيدجر وسيلين رغم وحشية النازية ولكن هم كتاب ومفكرون كبار ومهمين. سعيد خطيبي/كاتب ومترجم جزائري بوعلام.. زيد للڤدام! بوعلام صنصال، ليس المبدع الجزائري الوحيد الذي يزور تل أبيب، فقد سبقه إليها كثيرون، آخرهم المخرج جون بيار لييدو، الذي عرض شتاء2010، في مدن إسرائيلية مختلفة، شريطا وثائقيا تم إنتاجه ضمن تظاهرة «الجزائر، عاصمة للثقافة العربية 2007». لكن النقطة التي ربما أفاضت الكأس هي التوقيت الذي اختاره صاحب «قسم البرابرة» لزيارة الدولة العبرية، تزامنا مع الذكرى الرابعة والستين للنكبة، وفي ظل حالة احتقان سياسية داخلية، مع تزايد الاعتداءات الإسرائيلية في حق الفلسطينيين. باعتقادي، بدل التركيز فقط على دوافع صنصال في زيارة دولة محتلةّ، لابد من العودة إلى الوراء قليلا، وإعادة التساؤل حول موقع صنصال على خارطة الأدب الجزائري الحديث وملامسة أهمية الزيارة وقيمتها الرمزية. لا يختلف إثنان في التأكيد على أن صاحب «حراقة» يعتبر أكثر الروائيين الجزائريين الفرانكفونيين تميزا، خصوصا من ناحية الأسلوب وفي طريقة التعاطي مع القضايا الراهنة. حيث استطاع، في ظرف قياسي، من كسب موقع متقدم بين الروائيين الأجانب في فرنسا، وصارت أعماله تحتل المراتب الأولى في قوائم مبيعات دار النشر الفرنسية العريقة غاليمار. بالمقابل، لا نكاد نجد أثرا لصنصال في الداخل، فلحد الساعة لم تترجم له سوى روايتان إلى العربية، تداولهما ضعيف في المكتبات. والمحزن أن الأحكام المسبقة سبقت أعمال الكاتب إلى القارئ، وجعلته عرضه للقراءات الهامشية، بدل الأطروحات النقدية. حيث لم يتوانى كثير من المثقفين الجزائريين من تلفيق التهم لصنصال، والأكثر من ذلك، فقد احتضنت المكتبة الوطنية الجزائرية عام 2008 منصة، شارك فيها نقاد وجامعيون، تكفلت بتوجيه جملة اتهامات، تخرج عن السياقات الأدبية، للكاتب. حالة الحصار المعلن التي فرضها مثقفو الداخل على بوعلام صنصال جعلته ينطوي نسبيا على نفسه، وينعزل عن الأوساط الثقافية، رغم أهميته كحساسية روائية جد هامة كان يمكن أن تستفيد منها الجزائر كثيرا. كما لا ننسى بأن بعض الصحف لعبت دورا محوريا في تلفيق التهم لصنصال، دونما اطلاع كاف بأعماله، خصوصا بعد صدور رواية «قرية الألماني» (2008) التي لم يقرأ منتقدوه منها سوى ما قيل عنها. وكما فعل معلمه رشيد ميموني الذي خالف قناعات النظام السياسي الجزائري عام 1992، والتزم بموقف المعارض من المغرب، في مرحلة كانت فيها العلاقات الجزائرية المغربية جد متوترة، فقد اندفع صنصال إلى خيار «شاذ» بإعلان زيارة إسرائيل، في ردة فعل يراها البعض جد منطقية، بالنظر إلى ما تعرض إليه من تهميش، لكنها تبقى خطوة «جريئة وشخصية» لا تعبر تماما عن عمق قناعات الكاتب الذي كشف أكثر من مرة، رفضه للأنظمة السياسية المحتلة والاستبدادية، وعلى مقولة المثل الشعبي «بوعلام.. زيد للڤدام» نقول «بوعلام.. رد البال». عبد السلام العطاري/كاتب فلسطيني ومدير عام الآداب بوزارة الثقافة الفلسطينية زيارة تتجاوز الأخلاق والشيم التي هي قوام المثقف الحر في الوقت الذي تتعالى فيه دعوات تحريم زيارة فلسطينوالقدس على وجه التحديد تحت حجج وذرائع تخدم الاحتلال ولا تخدم الفلسطيني المحاصر من قبل تلك الدعوات والاحتلال والتي بالفعل كنا نحتاجها للاطلاع على واقعنا وحياتنا في فلسطين. ولكن على أن تتم هذه الزيارة وفق الشرط الفلسطيني وليس على أساس الاشتراط التطبيعي الإسرائيلي، تأتي زيارة صنصال إلى فلسطينالمحتلة العام 48 والقدس ليتجاوز الأخلاق والشيم التي هي قوام المثقف الوطني الحر والعربي المثقف الحر من باب تل أبيب وليس من بوابة الشعب الفلسطيني الذي للأسف يستنكر هذه الفعلة التي أراد منها الكاتب أن يخلق جوا حوله من الشهرة الفاضحة، وهذا ما تفعله النكرات عادة عندما تريد أن تطفو على سطح الإعلام. إن الجريمة الفجّة التي يقترفها بعض الكُتاب الذين يحملون جنسيات غربية ويدخلون ويخرجون كيفما شاؤوا إلى فلسطيننا من نهرها إلى بحرها، إنما هي جريمة تضاف إلى نحر الشعب العربي الفلسطيني وتزيد من ألمه، تماما كما تزيد من جرح الشعب الجزائري العظيم والشعب العربي الحرّ الذي توارث عشقه لفلسطين. إن الزيارات التي تتم بهذا الشكل إنما هي تصب في خدمة أعداء شعبنا. لذلك ونحن نحاول أن ندعو العرب وأحرار العالم لزيارة فلسطين من بوابتها الشرعية يتأففون ويتذمرون وأن الرد الحقيقي هو بالتواصل مع الهيئات الشرعية للمثقفين الفلسطينيين كوزارة الثقافة واتحاد الكتاب والأدباء الفلسطينيين واللجنة الوطنية للعلوم والتربية والثقافة، هذه المؤسسات التي تعي وتعرف آلية دخول وزيارة فلسطين من بابها العالي الذي يرحب به الشعب الفلسطيني. وبالمناسبة ليس صنصال وحده من يبحث عن الذل والمهانة وإنما ثمة من يبعث ويبحث عن هذه المهانة التي تكسرهم وتذلهم وتجعل شعبنا العربي في الجزائر الحرّ وفي فلسطين أن تلفظهم. إسماعيل مهنانة/ كاتب وباحث وأكاديمي جزائري الرجل لا يعتبر نفسه عربيا كفاية لكي يلتزم بالقضايا العربية وهذا من حقه وهو حر أعتقد أن زمن الوصاية على النوايا قد انتهى، بوعلام صنصال هو كاتب وليس وزير خارجية فهو إذن لا يمثل إلا نفسه، وهو حر فيما يصدر عنه كمثقف، وعلينا أن نتوقف عن المزايدات الأخلاقية والوطنية، لسنا ملكيين أكثر من الملوك، شخصيا لا أدافع عن هذه الزيارة ولا أحب الممارسات الإسرائيلية لكن لا تعجبني هذه المزايدات التي يبديها من هاجموه، لأنهم ببساطة لم يقدموا شيئا بدورهم للقضية الفلسطينية، سوى البكاء والنواح، أكثر من ذلك الرجل لا يعتبر نفسه عربيا كفاية لكي يلتزم بالقضايا العربية وهذا من حقه. أفكر في عدد الصحافيين الجزائريين الذين سبقوه إلى زيارة إسرائيل، وبعض مناضلي الأرسيدي، والكثير من الوقائع، أعتقد أنه حر في اختار قناعاته، مثلما أنا وغيري أحرار في التعبير عن قناعاتنا المختلفة، أما مسألة التخوين بسبب هذا الموقف أو ذلك فلا أحد اليوم يدعي أنه يمتلك تأشيرة الوطنية لكي يخوّن الآخرين. الجميع يخون أيضا ولكن بطرق مختلفة ومتعددة. زرياب بوكفة/ كاتب وروائي جزائري صنصال لن يمثل في إسرائيل إلا نفسه لا أدري ما الغريب في زيارة صنصال لإسرائيل ومشاركته في مهرجان الكتاب العالميين الإسرائيليين الذي تحتضنه مدينة القدس؟ ألكونه كاتبا جزائريا؟ أو كاتبا عربيا أو كاتبا "جنوبيا"؟. إن كان لهذه الاعتبارات فصنصال ابن بومرداس جزائري بيولوجيا وابن الضفة الأخرى فكريا استهلاكا وإنتاجا، فهو يعرف عن شارلوت كورداي أكثر مما يعرف عن فاطمة نسومر أو أي فاطمة جزائرية أخرى. عربيا هو لا يعرف من العربية غير كلمة "سلام واشك و واش البلاد؟". جنوبي، صنصال ليس أكثر جنوبية من ذيب الذي اعتذر عن كونه جزائريا والأدهى أن يكون ذو أصول عربية. الفرق بين صنصال وذيب هو "لالا عيني" التي بسببها عرف الجزائري ذيب، أما صنصال فهو نكرة – ليس أدبيا فهو في الحقيقة كاتب مدهش– في الجزائر والعالم العربي. صنصال لن يمثل في إسرائيل إلا صنصال، وحضوره للمهرجان عاد، كون إسرائيل لا تعني له شيئا فلا هو جزائري ولا هو عربي ولا هو غنتر غراس. فلماذا يخلط مثقفينا الأمور؟، ألأن صنصال أكثر الأدباء احتراما في العالم وأن هذا يكفي للمطالبة في الحق فيه كونه يحمل made in.... أسفل قميصه. فاتنة الغرة/ شاعرة فلسطينية مقيمة في بلجيكا ليفرح باحتفال هزيل يلقي به في أحضان السفاحين لا أستطيع التخيل كيف له أن يطأ أرضنا المسلوبة في الوقت الذي يشن فيه الأسرى الفلسطينيون حربهم الشرسة في إضراب تاريخي عن الطعام، ولا أستطيع أن أتخيل كيف له أن يأكل من لحمنا من على موائد الإسرائيليين، أنا مؤمنة وعلى يقين كامل أن الجزائر البلد العظيم الذي يحتضن القضية الفلسطينية وفلسطين بداخله أكثر ربما منا نحن لهو بريء من هكذا شخص وأدعو الحكومة الجزائرية بعدم السماح له بالرجوع إلى الجزائر وليبق هناك في حضن من يحبهم ويخلص لهم ربما تأته المنية على الأرض التي يتمنى الكثيرون الموت على ترابها إلا أن موته سيكون مكللا بالعار والخزي. حزينة وغاضبة ومستاءة أن يقوم شخص عربي بهذا الفعل المشين، فما بالك بكاتب من المفترض أن تكون مواقفه قدوة للكثير من الشباب ومن المتابعين. وما أقوله له: افرح باحتفال هزيل يلقي بك في أحضان السفاحين، لكن مثلك حتما مكانه ليس على تراب الجزائر الطاهر الذي احتضن مليون ونصف شهيد.