قدرت صحيفة فرنسية أن ثروة الرئيس التونسي المخلوع، زين العابدين بن علي، وعائلته تناهز 5 مليارات أورو، جمع معظمها من الاستحواذ على أملاك وأموال الغير بحسب مصادر تونسية، فيما تتهيأ جهات تونسية وفرنسية لعمل لجان تحقيق أو رفع قضايا لمحاكمته بتهمة الاختلاس والفساد. ويتوقع خبراء اقتصاديون أن يشهد الاقتصاد التونسي انتعاشة بعد انهيار نظام بن علي؛ حيث سيتنفس رجال الأعمال الصعداء، بعد أن كانت أسرة الرئيس المخلوع تجبرهم على تقديم جزء من أصول مشاريعهم أو أرباحهم لأفراد الأسرة. كما أن السلطات الفرنسية أعلنت عن تجميد أصول بن علي وعائلته، ما يعد خطوة أولى نحو توجيه هذه الثروة للدولة التونسية. ووفق ما ذكرت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، فإن ثروة الخمسة مليار أورو تتنوع ما بين ممتلكات عائلة بن علي الموجودة في تونس، وحسابات بنكية في سويسرا، وفنادق في البرازيل والأرجنتين، وأملاك عقارية في فرنسا، منها عمارة في باريس تقدر بحوالي 37 مليون أورو. وسبق أن تردد أن زوجة الرئيس المخلوع، ليلى الطرابلسي، فرت من تونس بعد استيلائها على 1.5 طن من سبائك الذهب، أي ما يوازي 45 مليون أورو، وهو ما نفاه البنك المركزي التونسي، الذي قال إن احتياطي الذهب لدى البنك التونسي لم يُلمس في الأيام الأخيرة. غير أن وكالة أنباء "رويترز" نقلت عن منصف شيخ روحو، رجل الأعمال والإصلاحي التونسي ونائب رئيس دائرة الاقتصاديين العرب، إنه علم من مصادر داخل البنك المركزي أن عائلة الرئيس السابق أخذت 1,5 طن من الذهب معها إلى خارج البلاد، وأن ميليشيات موالية لبن علي حاولت الإغارة على البنك المركزي يوم الأحد الماضي للاستيلاء على مزيد من الذهب، لكن الجيش صد الهجوم. وعن كيفية هروب بن علي وعائلته من تونس إلى الخارج، قال أحد أفراد طاقم الخدمة الرئاسي التونسي إن الرئيس المخلوع وزوجته تعمدا عدم إظهار ما يلفت الأنظار إلى عزمهما الفرار خلال الاحتجاجات الشعبية، وأن الأخيرة طلبت الغذاء من طاقم الخدمة، لكن أسرة الرئيس لم تتناوله بل اختفت عبر نفق سري من سيدي بوزيد إلى مدينة قرطاج، حيث استقلوا مروحية قبل أن يدخل رجال الجيش التونسي إلى مقر الرئاسة في وقت لاحق من نفس اليوم، ويطلب من طاقم الخدمة الذهاب إلى منازلهم". وفر بن علي من البلاد إلى السعودية، الجمعة 14-1-2011، تحت وطأة مظاهرات جماهيرية عنيفة استمرت أسابيع؛ احتجاجا على تفشي البطالة وارتفاع أسعار المواد الغذائية والحكم المطلق الذي اتسم به نظامه. بشرى خير ورغم حجم الأموال المهربة خارج البلاد، فإن اقتصاديين تونسيين يرون في سقوط نظام بن علي بشرى خير لطبقة رجال الأعمال والمستثمرين الذين كانوا يعانون من وطأة تدخل عائلة بن علي في أعمالهم، واستيلائها على جزء من ثرواتهم. وفي هذا يقول منصف شيخ روحو الذي أُرغم على بيع أسهمه في مجموعة صحفية لأحد أقرباء بن علي والخروج من تونس عام 2000 إن الاقتصاد التونسي سيتخلص بالطرق القانونية من القبضة المتشعبة لأسرة الرئيس المخلوع، بعد أن شكلت وزارة العدل لجنة ستكشف عن أصول تم الاستحواذ عليها من خلال المحسوبية والفساد. وقال شيخ روحو في مقابلة مع "رويترز" في باريس حيث يقوم بتدريس التمويل الدولي في كلية "إتش آي سي" للأعمال: "تصرفوا (عائلة بن علي) كما لو كانوا مافيا تستنزف الأموال من جميع قطاعات الاقتصاد التونسي". وأضاف "على سبيل المثال كانت العائلة تسيطر على جميع واردات السيارات. وأي تونسي يريد استيراد علامة تجارية جديدة كان عليه إما أن يمنح حصة مسيطرة لأحد أفراد أسرة بن علي دون أن يدفع شيئاً، أو يدفع له حصة من الأرباح". وعلى هذا وبحسب شيخ روحو، فإن تونس "بها طبقة من رجال الأعمال الشبان الذين يتوقون لإنشاء مشاريعهم الخاصة وتحقيق ثروات بدون تطفل وتدخل هذه العائلة"، لافتاً إلى أن البنك الدولي أشار إلى أنه يمكن رفع معدل نمو الاقتصاد التونسي بواقع نقطتين مئويتين أو ثلاث من أربعة بالمائة حاليا ليوازي معدل النمو الهندي إذا تم القضاء على المحسوبية والفساد". ولم يقتصر تدخل عائلة بن علي في ثروات رجال الأعمال التونسيين، بل أيضاً نال من الشركات الأجنبية التي كان يضطر الكثير منها إلى الدخول في شراكات مع أقرباء لبن علي وزوجته ليلى الطرابلسي. محاكمة وفي باريس قال جماعتا "شيربا" و"الشفافية الدولية فرنسا" وهما منظمتان حقوقيتان فرنسيتان، إنهما ستقيمان دعوى قضائية على الرئيس التونسي المخلوع تتهمه بالفساد واختلاس الأموال العامة؛ سعيا لتجميد الأصول الخاصة به في فرنسا. وقالت مود برديرييل فاسيير، المتحدثة باسم منظمة "شيربا" إن الهدف هو تجميد أصول أسرة بن علي في فرنسا لمنع تحويلها إلى أماكن بعيدة". وكانت باريس قالت في بداية الأسبوع إنها اتخذت خطوات لمنع أي تحركات مريبة لأي أصول تونسية في فرنسا؛ حيث يعتقد أن لبن علي وأسرته ملكيات عقارية. غير أن وزيرة الاقتصاد كريستين لاغارد أوضحت بشكل محدد أن ذلك لن يشمل التجميد الفعلي لكل أصول بن علي. وقال وليام بوردون مؤسس "شيربا" إن أسرة بن علي استثمرت مبالغ كبيرة في فرنسا من خلال تعاملات مصرفية تتسم بعدم الشفافية. وأضاف لإذاعة (آر. تي. إل): "السلطات الفرنسية تعلم تماماً أن فرنسا ملاذ آمن للاستثمارات المالية والمصرفية التي تحوَّل لمصلحة عشيرة بن علي الأوسع... إنها استثمارات عقارية أجريت في الظلام من خلال عدد من المجموعات التجارية وعدد من المجموعات المصرفية". وفي اعتقاد بوردون فإن إجراء محاكمة سيكون أمرا معقدا؛ نظرا لما وصفه بمجموعة من المستشارين تحيط ببن علي وتحمي مصالحه المالية، وانتقد الحكومة الفرنسية لعدم تجميدها أصول بن علي على الفور. * وفق ما ذكرت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، فإن ثروة الخمسة مليار أورو تتنوع ما بين ممتلكات عائلة بن علي الموجودة في تونس، وحسابات بنكية في سويسرا، وفنادق في البرازيل والأرجنتين، وأملاك عقارية في فرنسا، منها عمارة في باريس تقدر بحوالي 37 مليون أورو. * كانت العائلة تسيطر على جميع واردات السيارات. وأي تونسي يريد استيراد علامة تجارية جديدة كان عليه إما أن يمنح حصة مسيطرة لأحد أفراد أسرة بن علي دون أن يدفع شيئاً، أو يدفع له حصة من الأرباح.