هيثم مناع اللجنة العربية لحقوق الإنسان وجمعية يترأسها المحامي المعروف والمتخصص في قضايا حقوق الإنسان، ويليام بوردو، وبالتعاون أيضا مع محام آخر من منظمة الشفافية الدولية، شرعوا هذه الأيام بتحضير ملف قضائي لرفعه في العاصمة الفرنسية باريس ضد عائلتي الرئيس المخلوع بن علي وزوجته، ويتعلق الأمر بالمطالبة بفتح تحقيق قضائي مباشر من أجل تجميد كل الأرصدة الخاصة بما سموها القائمة السوداء لعائلة بن علي وعائلة الطرابلسي وآخرين. * وبالرغم من مبادرة السلطات الفرنسية بإعلانها بتجميد الأرصدة، إلا أن هذه المنظمات التي ظلت تتهم السلطات الفرنسية بالتواطؤ مع نظام بن علي، اعتبرتها خطوة استباقية من أجل قطع الطريق أمام المنظمات الدولية التي تعتزم مقاضاة الرئيس المخلوع وعائلته وأركان نظامه، حيث إلى جانب تجميد الأرصدة، هناك تهم تتعلق بتبييض الأموال والفساد وتحويل الأموال العامة من الداخل إلى الخارج التي أدت إلى الإغتناء الفاحش وغير المشروع لمسؤولين وأقارب الرئيس المخلوع. * وتعمل المنظمات المذكورة وعلى رأسها اللجنة العربية لحقوق الإنسان التي تترأسها الدكتورة فيوليت داغر، ويعتبر المعارض التونسي المشهور منصف المرزوقي أحد أعضائها البارزين، من أجل رفع طلب تحقيق للسلطات الفرنسية، كما تطالب بخلق مؤسسة أوروبية خاصة بالزمان والمكان من أجل إدارة هذه الأموال المجمدة حتى تشكيل أول حكومة يعينها برلمان منتخب في تونس. * خطوة أخرى مهمة في سياق تحرك هذه المنظمات الدولية والتي ستتسع دائرتها مستقبلا، وهو العمل من أجل فتح ملفات التعذيب والقتل أو ما يمكن تسميته "الإبادة الجماعية" أثناء الثورة الشعبية العارمة التي نشبت في تونس وأدت إلى سقوط مدوي لنظام الرئيس زين العابدين بن علي. * وأكد الناطق الرسمي باسم اللجنة العربية، الدكتور هيثم مناع في إتصال مع -الشروق- إلى أنه سيقوم بالسفر يوم الثلاثاء 18 جانفي الجاري إلى تونس، من أجل القيام بتحقيق حقوقي في هذا الإطار، وأشار إلى أنه سيرافق الدكتور منصف المرزوقي الذي قرر العودة من المنفى إلى بلاده كما سبق وأن نقلته عنه -الشروق- من قبل. * وأشار هيثم مناع الذي أطلق على ما حدث في تونس ب "ثورة الياسمين" إلى أنهم يعملون حاليا من أجل جمع توقيعات عشرة آلاف محام من كل أنحاء العالم من أجل العمل في إطار هذه التحركات القضائية والحقوقية، مشترطين على كل من سيوقع على العريضة الإلتزام فقط من أجل إسقاط الديكتاتورية وفلولها، والتطوّع للدفاع عن الشعب التونسي من دون أي تعويض أو أجر. * كما أنهم طلبوا من نواب اليسار في البرلمان الفرنسي الذين انضموا إليهم، على العمل من أجل استجواب وزير الداخلية حول الأموال والأملاك التي تحوز عليها عائلات نظام بن علي، وقد أخذ الأمر بجدية من طرف هؤلاء النواب، وسيعملون في هذا الإطار خلال الأيام القادمة. وأشار مصدر مقرب من الحزب الإشتراكي الفرنسي إلى أنهم يعتزمون فتح ملفات خطيرة تكشف مدى تواطؤ قصر الإليزيه في كثير من الخروقات التي مارسها النظام التونسي البائد، سواء كان في عهد الرئيس الحالي ساركوزي أو من سبقه، ويتعلق الأمر أساسا بالرئيس الأسبق جاك شيراك. * وأكد الدكتور هيثم مناع في تصريحاته ل "الشروق" أنهم ينسقون مع المحامين الذين تطوّعوا للعمل مجانا من أجل أن يستعيد الشعب التونسي ماله العام، وقال: "عشرات المحامين أرسلوا رسائل يؤكدون على أنهم مستعدون للمشاركة في هذه الحملة، وللعلم توجد سابقة نجحت فيها الشفافية الدولية مع المحامين أنفسهم الذين تطوّعوا الآن، في استعادة الأموال والأملاك المسروقة لثلاثة رؤساء أفارقة قبل شهر ونصف من اليوم". * * ثلاثة أسئلة للدكتور هيثم مناع * - لماذا تسميها ثورة الياسمين؟ * - بكل بساطة عزيزي أنور لأن الشعب التونسي أطلق عليه الرصاص ولم يرد بالعنف وأرادها حركة لا عنفية. ولأن هذا الشعب لم يحمل صورة أي صنم أو زعيم، الشعب وحده المستقبل وثالثا لأنها مقاومة مدنية مستقبلية بكل معنى الكلمة. * - هل يمكن ملاحقة الرئيس المخلوع في السعودية؟ * - السعودية لم توّقع أو تلزم نفسها بأي ميثاق حقوقي أو قضائي باسم الشريعة، وها نحن نرى أن الاستئصالي بن علي يجد ملاذا فيها، لكن سنعمل مذكرة ملاحقة دولية بحقه تضطر الرياض للرد عليها. * - كيف ترى المشهد التونسي خلال الأيام المقبلة بشكل عام؟ * - حتى لا نتحدث بعد سنوات عن حركة مدنية مغدورة، لا بد من مباشرة الإنتقال الديمقراطي والشعب في الميدان، تكتيك منظومة التسلط يعتمد التهدئة لكسب الوقت دون تغيير أساسي، أنا أعتقد بأن الشبيبة التونسية والحراك المدني ناضجان، بحيث يقاومون محاولات الترقيع الأخيرة. *