** هل يجوز إيواء الظالم وتعطيل محاكمته؟ * إيواء الظالم وتعطيل محاكمته ليأخذ جزاء ظلمه حرامٌ شرعا، ومثل هذا العمل يعد كبيرة من الكبائر، وكل من ستر ظالما على ظلمه، فهو شريك له في الإثم، لكن يقتضي قبل ذلك التثبت في وصف الناس بالظلم، ومثل هذا مرده إلى القضاء العادل المحايد، فلا يجوز اتخاذ الناس بالتهمة، أو من خلال الإشاعات، بل لابد من التحقق والتثبت من هذا الظلم والوقوف على حقوق العامة والخاصة من خلال دراسة مظالمهم، وإذا ثبت تورط البعض بالظلم والطغيان؛ وجب السعي لرد المظالم إلى أهلها، وإعادة الأمور إلى نصابها، وتقديم الظالمين إلى المحاكمة. وإليك تفصيل ذلك في فتوى د. مسعود صبري الباحث في الدراسات الإسلامية بالمركز العالمي للوسطية: الظلم وما يتبعه من فساد مما حرم الله تعالى على عباده، قال تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ. وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَاد. وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ) البقرة. وبين الله تعالى جزاء هؤلاء فقال: (احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ. مِنْ دُونِ اللَّهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ) الصافات: 22– 23. فإيواء الظالم وتعطيل محاكمته ليأخذ جزاء ظلمه حرام شرعا، ومثل هذا العمل يعد كبيرة من الكبائر، وقد قال تعالى: (وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ)، وقوله تعالى: (وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا )النساء: 105. وأخرج الإمام مسلم في صحيحه عن علي بن أبي طالب –رضي الله عليه- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: ّلعن الله من أحدث حدثا أو آوى مُحدِثا". يقول شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-: "من آوى محاربا، أو مقاتلا، أو سارقا... ونحوهم ممن وجب عليه حدٌّ، أو حق لله تعالى أو لآدمي، ومنعه ممن يُستوفى منه الواجب بلا عدوان، فهو شريكه في الجرم، وقد لعنه الله ورسوله". مجموع الفتاوى 28/323 وقال الشيخ ابن عثيمين-رحمه الله-: "قوله: (من آوى محدثا)، أي: ضمه إليه وحماه، والإحداث: يشمل الإحداث في الدين؛ كالبدع التي أحدثها الجهمية والمعتزلة، وغيرهم. والإحداث في الأمر: أي في شؤون الأمة؛ كالجرائم وشبهها، فمن آوى محدثا؛ فهو ملعون، وكذا من ناصرهم؛ لأن الإيواء أن تأويه لكف الأذى عنه، فمن ناصره؛ فهو أشد وأعظم. وإيواء الظالم مخالف لما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم على اليد بأخذه، ومنه تقديمه للمحاكمة حتى يأخذ جزاءه، وألا يترك الظالم على ظلمه، فعن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله عز وجل أن يبعث عليكم عذابا من عنده ثم تدعونه فلا يستجاب لكم" رواه الترمذي وحسنه. وترك الظالمين وإيواؤهم مما يساعد على هلاك الناس، فقد أخرج البخاري: "استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم من النوم محمرا وجهه يقول: (لا إله إلا الله، ويلٌ للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه). وعقد سفيان تسعين أو مائة، قيل: أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: ( نعم، إذا كثر الخبث). وإذا كان هذا في شأن السراق وقطاع الطرق الذي يسرقون المتاع القليل من آحاد الناس، فما بال الذين يسرقون إرادة الشعوب، ويسرقون ممتلكاتهم، وينهبون ثروات البلاد تاركين الناس في ضنك من العيش، فلا شك أنهم أشد جرما عند الله، وإذا كان هذا جزاء الذي يؤوي المحدث الحدث الصغير، فلا شك أن جزاء من يؤوي الطغاة الظالمين أشد إثما وجُرماً عند الله. ويترتب على إيواء الظالمين عدة مفاسد، من أهمها: 1- ذهاب دماء الأبرياء والمظلومين هدرا، وليس في الإسلام دم هدر، ومثل هذا الفعل مناقض لشرع الله تعالى من وجوب القصاص في القتل العمد، أو الدية وغيرها من الأحكام في القتل الخطأ أو شبه العمد. 2- الإعانة على سرقة أموال الناس والشعب بالباطل، والإعانة على الحرام حرام. 3- تشجيع الظالمين على ظلمهم، وتفشي الاستبداد، وتكرار الظلم. 4- كما أن إيواء الظالمين من السنن السيئة التي يبوء فاعلُها بوزرها ووزر من قلده فيها، لقوله صلى الله عليه وسلم: "ومن سن في الإسلام سنة سيئة؛ فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة". والواجب شرعاً تسليم الظالمين الفارِّين لينالوا جزاء أفعالهم، خاصة إن كانوا من المجرمين الذين طغوا في الأرض، وأكثروا فيها الفساد. على أنه من المهم عدم اتهام الناس بالباطل، والتثبُّت في وصف الناس بالظلم، ومثل هذا مرده إلى القضاء العادل، أو الشهود العدول، فلا يجوز اتخاذ الناس بالتهمة، أو من خلال الاشاعات، بل لابد من التحقق والتثبت، وقد قال تعالى: "فتبينوا"، وفي قراءةٍ متواترة:" فتثبتوا"، فإذا ثبت تورط الناس بالظلم والطغيان؛ وجب على الناس السعي لرد المظالم إلى أهلها، وإعادة الأمور إلى نصابها، وتقديم الظالمين إلى المحاكمة، وكل من ستر ظالما على ظلمه، فهو شريك له في الإثم. والله أعلم. * إيواء الظالم وتعطيل محاكمته ليأخذ جزاء ظلمه حرام شرعا، ومثل هذا العمل يعد كبيرة من الكبائر، وقد قال تعالى: (وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ)، وقوله تعالى: (وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا )النساء: 105. * يقول شيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-:"من آوى محاربا، أو مقاتلا، أو سارقا... ونحوهم ممن وجب عليه حدٌّ، أو حق لله تعالى أو لآدمي، ومنعه ممن يُستوفى منه الواجب بلا عدوان، فهو شريكه في الجرم، وقد لعنه الله ورسوله". مجموع الفتاوى 28/323 * إذا كان هذا في شأن السراق وقطاع الطرق الذي يسرقون المتاع القليل من آحاد الناس، فما بال الذين يسرقون إرادة الشعوب، ويسرقون ممتلكاتهم، وينهبون ثروات البلاد تاركين الناس في ضنك من العيش، فلا شك أنهم أشد جرما عند الله، وإذا كان هذا جزاء الذي يؤوي المحدث الحدث الصغير، فلا شك أن جزاء من يؤوي الطغاة الظالمين أشد إثما وجُرماً عند الله.