ساهمت الانترنيت بشكل كبير في الأوضاع التي عاشتها الجزائر وحتى بعض دول المغرب العربي كتونس، وراحت تنشر رسائل بعضها يدعو إلى الاحتجاج، وأخرى إلى التخريب، وأخرى مضادّة تدعو إلى تهدئة الأوضاع. مصطفى مهدي لعلّ الانترنيت صارت فعلا الوسيلة الوحيدة، أو الوسيلة الأقوى لكي ينشر الناس ما يريدون من أفكار، إن كانت هادمة او صادمة، حتى أنّ "الأنترنوت" وفي الأحداث الأخيرة التي عرفتها الجزائر، لاحظوا مساهمة المواقع الالكترونية، وخاصّة تلك التفاعلية مثل "الفايس بوك"، وغيره من مواقع الدردشة الالكترونية، والتي انتقلت فيها الأخبار الصحيحة والخاطئة بسرعة كبيرة، وشاركت في الأحداث بصورة كبيرة، وذلك عبر الرسائل التي كانت تنتقل على ما يسمى "الجدار" على "الفايس بوك" والذي يُمّكن عشرات ومئات وآلاف المشاركين من قراءة الرسالة في وقت واحد، ولهذا فانّ المعلومات التي صاحبت الأحداث التي وقعت في ولايات عديدة، كانت تنتقل من شخص لآخر بسرعة فائقة، ودون حدود جغرافية ولا شيء. ولكن، وفي الأيام التي تلت الأحداث، وخوفاً من أن تتكرر، راح بعض الأئمة، او بعض الشيوخ، او حتى أشخاصا غير معروفين، ينشرون دعوات إلى الهدوء، ورسائل فيها فتاوى، تدعو إلى أن لا تُمسّ أملاك البشر بسوء، وأن يهدأ الجميع ولا يمنحوا فرصة لبعض المجهولين حتى يستغلوا الأوضاع، ويعيثوا في الأرض فسادا، ويستدلّ أصحابها فيها بدلائل من القرآن والسنة، ولقد انتقلنا إلى الجامعة المركزية لنُقابل بعض الطلبة، والذين تلقى كثير منهم تلك الفتاوى والدعاوي، ولكن لكلّ منهم رأيهم في الموضوع، فيقول لنا رضا، 22 سنة:"تلقيت رسالة على "الفايس بوك" تقول أنه لا بدّ من التزام الهدوء، وأنّ التدمير والاحتجاج لا ينفع في شيء، وكان المُرسل مجهولا، لهذا لم أصدقها، او شككت في أمرها، وأنا في النهاية لا استطيع أن أستندّ إلى معلومات جاءت عن طريق مجهول، ولو بدت لي مقنعه، فانا لا اعلم من أرسلها، وما غرضه من إرسالها، وان كانت الأحاديث والأدلة التي جاءت فيها صحيحة ام لا". أمّا رؤوف، 23 سنة، طالب في الترجمة، فقال لنا باستخفاف: في حقيقة الأمر أنا لا أصدق كلّ ما يأتيني عبر البريد الالكتروني لسبب بسيط، وهو أنّ أيّ شخص يمكن أن يرسل أي شيء، ولا يمكننا التحقق، بل يمكنه كذلك أن ينتحل أيّة شخصية ويقول باسمها ما يحلو له، وحتى اليهود قد صاروا يبعثون برسائل مدمرة باسم الدين، ولهذا فأنا لا أثق فيما يرسل لي عبر الانترنيت، ولو أنّ غرض البعض يكون سليما، ولكن المفسدين كثيرون، وأفضل إن أردت أن استشير أحدا، وخاصّة إن تعلق الأمر بامور دينية أن اذهب إلى إمام الحي، واسأله وجها لوجه، فيقول لي ما علي فعله، وان لم اقتنع فاسأل آخر وهكذا". لكن أشخاصا آخرين، ومنهم مروى، قالت إننا يمكن أن نتبيّن ما ينفعنا مما يضرّنا مما يرسل إلينا عبر الانترنيت، تُوضح رأيها قائلة: "الخير بيّن والشر بين، ولا يمكن أن اصدق كل شيء، ولكن يمكن إن افرق بين الغرض من تلك الرسائل، خاصة وان كانت تمسّ حياتنا الاجتماعية، وقد تلقيت بدوري رسالة تدعو إلى التهدئة والسلم، واقتنعت بالأفكار التي جاءت فيها، خاصّة وان فيها أدلة من السنة والكتاب، وكذلك فإنّها توافق العقل والمنطق، ولا يمكن أن نقول فيها العكس، ولذلك فيسهل تصديقها، على عكس بعض المعلومات المريبة التي تنتقل لنا عبر فتاوى لا معنى لها، ينشرها أعداء الأمة الإسلامية، وتهدف أساسا إلى تدمير بعض المفاهيم الجميلة الراسخة في حياتنا ومجتمعنا".