تعكس التدني الأخلاقي الذي يشوب البعض الألفاظ النابية تغزو الشوارع دون رادع تفشت ظاهرة الكلام الفاحش في أوساط المجتمع الجزائري حيث تزايدت في الآونة الأخيرة بشكل ملفت للانتباه لاسيما بين الشباب والمراهقين وحتى الأطفال الصغار زحفت إليهم تلك الظاهرة وهذه الآفة الاجتماعية السيئة انتشرت في مختلف الأماكن العمومية على غرار المحطات العمومية والأسواق والمحلات والطرقات والمدارس وغيرها فلقد أصبح الإنسان لا يستطيع الخروج مع والدته أو شقيقته أو زوجته ولا مع أي فرد من العائلة بسبب ما هو منتشر من مظاهر مخزية عبر كافة الأماكن العمومية. مليكة حراث إن تفشي مثل تلك الظواهر يؤدي في الحقيقة إلى خلق اهتزاز خطير في البناء الاجتماعي مادامت الأسرة هي الخلية الأولى التي تشكو من مثل هذه الظاهرة المنتشرة بين الأطفال أي الكلام الفاحش والسب المستمر وهذا راجع إلى عدة عوامل منها تراجع قيم التماسك العائلي وتدني القيم الأخلاقية دون أن ننسى غياب الوازع الديني والغياب عن التوجيهات الشرعية مما أدى إلى غياب معايير الاحترام بشكل شبه كلي بين البعض. رأي الشارع حول الظاهرة ارتأينا رصد آراء بعض المواطنين حول الموضوع فكانت متباينة إلا أنها دارت كلها حول رفض الظاهرة المشينة التي أشابت شوارعنا ومدننا والتي لا تمت الصلة بأعرافنا المحافظة تقول رزيقة البالغة من العمر 26 سنة كنت في حافلة وإذ بجماعة من الأطفال يصعدون ويحدثون فوضى عارمة من خلال أصواتهم العالية والألفاظ السوقية التي كانوا يتفوهون بها وقد تمادى أحد المراهقين في تصرفاته وتلفظ بألفاظ بذيئة غير مبال بشعور الموجودين في الحافلة وعندما تدخل أحد الركاب طالبا منه السكوت واحترام الغير لم يأبه لكلامه وازداد قبحه وتمادى أكثر لدرجة أنه هدد الرجل وتوعده بالقتل فور نزوله وأضافت أن الرجل هو الذي سكت أمام التهديدات وتركه يواصل شغبه وتصرفاته الطائشة. ويقول رفيق 37 سنة أب لخمسة أبناء (كنت في حديقة التسلية ببيروت أنا وعائلتي وإذا بمجموعة من الشباب تمر أمامنا وتتفوه بأقبح عبارات السب والشتائم والكلام البذيء دون أدنى احترام للعائلات التي كانت برفقة أبنائها هناك والمؤسف في الأمر أن لا احترام بين هؤلاء والكلام الفاحش الذي كان يتردد _ يقول- جعلني أخفي وجهي من بناتي وأولادي الصغار فكنت خجلا جدا منهم ويضيف بالقول أنه في الماضي من يتفوه بالكلام الفاحش أمام مسامع الناس يعد قليل الأصل وعديم الأخلاق أما اليوم الظاهرة باتت عامة وكأنها عادية إلا من رحم ربي. ويقول عبد الرحمن في الموضوع: (أنا لا أستطيع أن ألتزم السكوت عندما يتصرف شاب تصرفات لا أخلاقية أمامي أو أسمع كلاما فاحشا فبإمكاني الوصول إلى حد ضربه أو اقتراف جريمة ويقول لامين أنا لا أستطيع التدخل في حالة سماع شاب أو طفل يردد كلاما قبيحا لأنني لا أستطيع تغيير شيء فمن الممكن أن أدخل في مشاكل أنا في غنى عنها وقد يأخذ الأمر منحى خطيرا. العبارات النابية تدخل في خانة العنف اللفظي إن العبارات النابية التي تداولت وتفشت كظاهرة سلبية في المجتمع الجزائري تدخل في صنف العنف اللفظي المعاقب عليه قانونا والملخص في جنحة السب والشتم إلا أنه يبدو أن التدني الأخلاقي تفوق على القانون إن صح التعبير وأصبحت تلك الكلمات متداولة دون رادع وكأنها كلمات عادية دخلت إلى قاموس الجزائريين مما أدى إلى إحراج الناس والعائلات في كم من مرة على مستوى الشوارع بحيث أصبح تنقلهم عبر بعض الأماكن بتحفظ بسبب ما هو منتشر من عبارات وكلام فاحش مما يدعو إلى وضع حد لتلك الظاهرة عن طريق النصح والإرشاد وتقوية الوازع الديني والمستوى الأخلاقي لعودة الاحترام بين الجميع خاصة وأن ظاهرة السب والشتم العلني في الأماكن العامة باتت تبدو أمرا عاديا إلا أنه في الحقيقة أمر خطير لا ينبغي التساهل فيه أبدا ووجب أخذ الأسوة الحسنة من رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم الذي ينهى عن ما قبح من القول والفعل وشر الناس منزلة عند الله من تركه الناس اتقاء شره وقال في حديثه (إِيَّاكُمْ وَالْفُحْشَ فَإِنَّ الله يبْغض الْفَاحِشَ الْمُتَفَحِّشَ).