كان ولازال الشاش الصحراوي الأصيل حاضرا بقوة بين الشبان والشابات على اختلاف فئاتهم وأعمارهم، بحيث توارثته الأجيال جيلا بعد جيل، وبعد اقترانه بالتوارق وبالبيئة الصحراوية تغلغل شيئا فشيئا ليزور المدن الحضرية على غرار مدن الشمال، دليل ذلك الإقبال الكبير على اقتنائه لاسيما في موسم المطر من اجل لفه على الرؤوس والرقبة أو إلقائه على الكتف، وبعد أن بصمت الكوفية الفلسطينية بصمتها بين الجزائريين جاء الشاش الصحراوي ليثبت حضوره في هذا الموسم. خ. نسيمة عرف به الرجل الأزرق أو الترقي وشاع كثيرا في المناطق الصحراوية كتمنراست وجانت وورقلة وبسكرة إلى غيرها من الولايات الجنوبية الأخرى وتميز الرجل الترقي بوضعه بطريقة خاصة تلفت انتباه الجميع وبالنظر إلى شغف الكثيرين لمعرفة سرِّ ارتدائه راح الكل يقتدي به، دليل ذلك انتشاره بطريقة لافتة للانتباه بين الجميع وأصبح بذلك ينافس الكوفية الفلسطينية لاسيما وان وظيفة كليهما هي الاحتماء من البرد. ففي حين فضل البعض اقتناء الكوفية على مختلف أنواعها وأحجامها راح البعض الأخر إلى ارتداء الشاش الصحراوي الذي ارتبط بالبيئة الصحراوية منذ أمدٍ بعيد. وطالما ارتبط في اعتقاد العامة عن عادات مجتمع التوارق أن الرجل الأزرق إنما يلجأ إلى استعمال قماش الشاش لتغطية وجهه وتلثيمه لحماية نفسه من غبار الصحراء وحرارة الجو، وهو ما كنا نعتقده أيضا إلى أن توضح فيما بعد أن زي الرجل الترقي أو الرجل الأزرق، مرتبط بموروث حضاري قديم، حيث من غير اللائق أن يفتح المرء فمه ويغلقه أمام الآخرين أو أن يتناول طعامه علانية، فهناك حرمة للفم منذ قديم الزمن عند التوارق. وصار شبان التوارق يتباهون باللثام فينتقونه من أفخم أنواع القماش الملون ويرتدونه بشكل أنيق، ومثلهم العاصميون الذين تفاعلوا مع شتى أنواع الشاش وباتوا يفضلونه من النوع الأصيل الذي لا يتأخر الصحراويون على إهدائه لضيوفهم من بعض الولايات وقد تنوعت ألوان الشاش بين مختلف الألوان فمن الأسود إلى الرمادي إلى البني إلى الزرق أو النيلي وهو عادة اللون الذي يفضله الرجل الترقي ليلف به رأسه ووجهه بطريقة محكمة. ومع تنوع الألوان أصبح الكل ينسِّقونه على حسب اللباس لاسيما البنات، اقتربنا من بعض الطلبة وهم الفئة الأكثر طلبا على الشاش قالت كنزة التي كانت تضع شاشا اخضر على كتفها أن شاشها من النوع الأصيل كونها جلبته من محل مختص في بيع المقتنيات الصحراوية بساحة الأمير عبد القادر وكلفها مبلغ 800 دينار، ويتميز بطوله الخارق وبلوغه المتر والنصف وكذا بعرضه وبنوعية قماشه الجيدة المُقاوِمة للبرد. وأضافت أنها تفضل وضعه للاحتماء من لسعات البرد شتاءً بلفه حول الرأس وكذا الرقبة وهي تفضله على الكوفية الفلسطينية التي تجدها متوسطة الطول وتليق حسبها أكثر بتزيين الهيأة ليس إلا. اقتربنا من احد الباعة المختصين في بيع الأغراض الصحراوية التقليدية بساحة اودان فلفت انتباهنا توفيره لكمية لا باس بها من الشاش الصحراوي على مختلف الألوان انتهزنا الفرصة واقتربنا منه لمعرفة مستوى الإقبال على ذلك النوع من الأغراض فقال أن الإقبال كبير لاسيما في موسم المطر ومن الجنسين، خاصة وانه يوفر سلعا ذات نوعية جيدة وأصيلة على غرار الشاش الصحراوي الذي يجلبه خصيصا من منطقة تمنراست المعروفة بجودتها في ذلك المجال، وأضاف أن اغلب الشبان يفضلون الشاش الأصيل الذي عُرف به الرجل الترقي وهو عادة ما يتميز بطوله المعتبر إلى حدود المترين وكذا بجودة قماشه.