بثت قناة "الجزيرة" مساء الثلاثاء وثائق جديدة للمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية السرية تكشفت تنسيقا امنيا مكثفا تضمن مطالب إسرائيلية وموافقة فلسطينية على اعتقالات ومصادرة أسلحة ووصلت لحد بحث اغتيالات قيادات المقاومة التي تنتمي لحركتي "فتح" و"حماس". وحظي هذا "التنسيق" بإعتراف واشنطن وتل أبيب بالدور "الرائع" لاستخبارات السلطة التي أقرت باغتيالها فلسطينيين في سبيل إقامة"سلطة البندقية"، بحسب "وثائق الجزيرة". وكشفت الوثائق حوارا دار بين كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات ومسؤول أمريكي، قال فيه المفاوض الفلسطيني: "لقد استثمرنا وقتا وجهدا، وحتى قتلنا أبناء شعبنا لأجل حفظ النظام وحكم القانون. رئيس الوزراء سلام فياض يقوم بكل ما هو ممكن من أجل بناء المؤسسات. لسنا دولة بعد، ولكننا الوحيدون في العالم العربي الذين يراقبون الزكاة والخطب في المساجد. نحن نجتهد للقيام بما علينا". وتظهر الوثائق أنه خلال لقاء عام 2005 بين وزير الدفاع الإسرائيلي شاؤول موفاز ووزير الداخلية الفلسطيني السابق اللواء نصر يوسف الذي كان مسؤولا امنيا آنذاك، يظهر هذا الحوار أن السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية ناقشتا معا حسن المدهون اغتيال القيادي في كتائب الأقصى التابعة لحركة "فتح" في غزة. وفي الحوار بين الجانبين يقول موفاز إن "حسن المدهون نعرف عنوانه، ورشيد أبو شباك (نائب مدير الأمن الوقائي الفلسطيني بغزة سابقا) يعرف ذلك، لماذا لا تقتلونه؟"، فيرد عليه نصر يوسف بالقول "أعطينا تعليمات لرشيد وسنرى". وبعد ذلك بأسابيع، وفي الأول من شهر نوفمبر 2005، استهدفت الطائرات الإسرائيلية بصواريخها حسن المدهون، والمسؤول العسكري في كتائب عز الدين القسام الذراع العسكرية لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، فوزي أبو القرع، مما أدى إلى استشهادهما. ولقي التعاون الاستخباري بين الطرفين، الفلسطيني والإسرائيلي، إشادة كبيرة من المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين، كما ذكرت الوثائق. كما تكشف الوثائق عن خطتين استخباريتين بريطانيتين تدعو إحداهما لاعتقال قيادات حركتي حماس والجهاد الإسلامي، وثانيتهما لإعداد غرفة عمليات مشتركة متصلة بإسرائيل بهدف الحد من العمليات الاستشهادية. وتظهر الوثائق التي تنشرها قناة "الجزيرة" بالتزامن مع صحيفة "القدس العربي" اللندنية و"الغارديان"، دعوة قيادة السلطة الجانب الإسرائيلي لتشديد الحصار على قطاع غزة. هذا ما يقوله احمد قريع في الرابع من فبراير 2008 في لقاء جمعه مع وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني، حيث يدعو الإسرائيليين الى إعادة احتلال محور فيلادلفيا. وفي محضر لقاء امني فيما بعد مؤتمر انابوليس في 28 فبراير 2008 صادر عن مكتب تسيبي ليفني، بحضور احمد قريع وصائب عريقات ورامي الدجاني والعقيد حازم عطا الله وصلاح العليان من الجانب الفلسطيني وتسيبي ليفني وعاموس غيلعاد وتال بيكر واوري ديكل وتمت فيه مناقشة الصواريخ من غزة حيث هددت فيه ليفني انه في حال استمرار الصواريخ فستجبر إسرائيل على العودة إلى القطاع، ورد احمد قريع أن المسؤولين قلقون إلى ما ستؤدي إليه مشيرا إلى أن "حماس ليست لديها مشكلة". ويظهر المحضر أن الاستعدادات الإسرائيلية لضرب غزة كانت في مراحلها النهائية حيث علق غيلعاد على قول صائب عريقات ان عمر سليمان لم يعد يأتي الى غزة بسبب خوفه من بدء الهجوم وهو هناك او في إسرائيل. وتساءل غيلعاد عن موقف مصر الذي قال انها تعاني من تهديد حماس والإخوان المسلمين، وقال ان المصريين توصلوا الى نتيجة مفادها "التعايش مع الوحش من خلال تزويده بالسلاح". وقال غيلعاد ان إيران تقوم باستثمارات كبيرة في غزة من خلال توفير صواريخ متقدمة لحماس لكن حازم عطا الله قال انها صواريخ بدائية ورد غيلعاد انها متطورة وبعيدة المدى. كما تظهر تظهر الوثائق أن السلطة كانت تلح على المنسق الأمني في الأراضي الفلسطينية الجنرال الأميركي كيث دايتون لإقناع إسرائيل بتعزيز تسليحها القوى الأمنية الفلسطينية لمواجهة حماس، وهو ما كان جليا في كلام كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات في اجتماع عقده مع دايتون في العاشر من جوان 2006، حين قال إن "الحرس الرئاسي في أشد الحاجة إلى السلاح والذخيرة خصوصا أن الوضع في غزة يجعل هذا الأمر ضروريا". وكررت السلطة نفس الطلب في ال11 من الشهر نفسه على لسان المدير العام للشرطة الفلسطينية حازم عطا الله الذي قال إنه "لتقييم الأسلحة التي نحتاجها يجب أن نأخذ بعين الاعتبار الأسلحة التي بأيدي المتطرفين (أي عناصر حماس)، والتي تتضمن صواريخ آر بي جي وقذائف المدافع الثقيلة. وعليه فإن الأسلحة الخفيفة ليست كافية". وإضافة إلى التنسيق الأمني بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، تكشف الوثائق السرية أن السلطة الفلسطينية، رغم إلحاحها على الحصول على الأسلحة لمواجهة المقاومة، قبلت مع ذلك بدولة منزوعة السلاح في نهاية المطاف. وتأكيدا من السلطة على تعاونها والتزامها بتنفيذ التعهدات الأمنية تجاه الطرف الإسرائيلي، قدمت لتل أبيب وثيقة سرية حصلت عليها الجزيرة معنونة ب"النجاحات الأمنية للسلطة الوطنية". وتعدد الوثيقة، المؤرخة بالتاسع من جوان 2009 وتغطي التعاون الأمني في الفترة من فبراير 2008 وحتى ماي 2009، "النجاحات الأمنية" كما يلي: "اعتقال ما يقارب 3700 من منتسبي المجموعات المسلحة، استدعاء حوالي 4700 شخص للمساءلة حول جنح مختلفة بما في ذلك الانتساب إلى مجموعات مسلحة، مصادرة ما يزيد على 1100 قطعة سلاح، الاستيلاء على ما يزيد على مليونين وخمسمائة ألف شيكل تابعة لمجموعات مسلحة، ومصادرة العديد من المواد التي تحرض على العنف(المقاومة)". وفي اجتماع أمني أميركي إسرائيلي فلسطيني بتاريخ 26 أوت 2008، يقول عريقات "ليست هناك حدود للتعاون في محاربة (الإرهاب)". لكن تسيبي ليفني ترد بأن "هذا كلام". وفي اجتماع بتاريخ 11 فبراير 2008 قال المدير العام للشرطة الفلسطينية حازم عطا الله -مُخاطبا رئيس الدائرة السياسية والأمنية في وزارة الدفاع الإسرائيلية عاموس جلعاد، بحضور عريقات- "لقد قمنا باعتقالات وصادرنا أسلحة، وطردنا أفراد الأمن المنتسبين إلى حماس". ويذهب الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبعد من ذلك، حين قال في اجتماع بتاريخ 22 جوان 2005 مع رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أرييل شارون إن "كل رصاصة توجه ضد إسرائيل هي رصاصة موجهة ضد الفلسطينيين أيضا؟". ويتوعد جلعاد نظراءه في السلطة بتاريخ 11 فبراير 2008 بالقول: "ما حدث في غزة يجب ألا يحدث في الضفة الغربية. كانت عندكم الأموال والسلاح ورجال الشرطة، وكانت هناك مجموعة تتلقى الدعم من إيران، وخلال خمس ساعات فقدتم كل قطاع غزة. كانوا ضباطًا فاسدين، معظمهم كانوا يقيمون في القاهرة، وقد حذرتهم بأن هذا قد يحدث". * كشفت الوثائق حوارا دار بين كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات ومسؤول أمريكي، قال فيه المفاوض الفلسطيني: "لقد استثمرنا وقتا وجهدا، وحتى قتلنا أبناء شعبنا لأجل حفظ النظام وحكم القانون. * تعدد الوثيقة، المؤرخة بالتاسع من جوان 2009 وتغطي التعاون الأمني في الفترة من فبراير 2008 وحتى ماي 2009، "النجاحات الأمنية" كما يلي: "اعتقال ما يقارب 3700 من منتسبي المجموعات المسلحة، استدعاء حوالي 4700 شخص للمساءلة حول جنح مختلفة بما في ذلك الانتساب إلى مجموعات مسلحة، مصادرة ما يزيد على 1100 قطعة سلاح، الاستيلاء على ما يزيد على مليونين وخمسمائة ألف شيكل تابعة لمجموعات مسلحة، ومصادرة العديد من المواد التي تحرض على العنف(المقاومة)". * يذهب الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبعد من ذلك، حين قال في اجتماع بتاريخ 22 جوان 2005 مع رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أرييل شارون إن "كل رصاصة توجه ضد إسرائيل هي رصاصة موجهة ضد الفلسطينيين أيضا؟".