لاحتواء الكتلة النقدية الضخمة المتداولة في السوق الموازية ** في ظل الأزمة المالية التي تشهدها الجزائر طرح خبراء اقتصاديون ومسؤولون سابقون فكرة تغيير العملة لحل واحدة من أهم مشكلات الاقتصاد الوطني وهي الكتلة النقدية الضخمة المتداولة في السوق الموازية بعيدا عن رقابة الحكومة هذه الأخيرة لم تتخذ موقفا من دعوات إصدار عملة جديدة وتراهن على منح امتيازات ضريبية لأصحاب الأموال المجهولة المصدر لضخها في البنوك. طرح وزير الطاقة الأسبق شكيب خليل جملة من الاقتراحات لإخراج اقتصاد الجزائر من أزمته ومن بين هذه المقترحات تغيير العملة أو إصدار دينار جديد . ورغم وصفه لهذه الخطوة ب الجريئة فإنه اعتبرها الحل الأمثل لاحتواء الكتلة النقدية المتداولة في السوق الموازية والتي تعد إحدى أهم معضلات الجزائر والناتجة عن مشكلة أكبر وأعقد وهي غياب الثقة في المنظومة البنكية. وفي الوقت الذي قدّر فيه خليل نسبة الكتلة النقدية المتداولة في السوق الموازية ب30 بالمائة من إجمالي الكتلة النقدية إلا أن أرقام الجمعية الوطنية للاقتصاديين الجزائريين تتحدث عن نسبة 45 بالمائة. وأعلن الوزير الاول عبد المالك سلال أن قيمة هذه الأموال المتداولة خارج المؤسسات النقدية الرسمية تقدر ب37 مليار دولار في وقت تحدث المستشار السابق في وزارة الطاقة عبد الرحمن مبتول عن أموال تفوق قيمتها 58 مليار دولار. وفي الوقت الذي أعلنت فيه الحكومة اتخاذ حزمة من الإجراءات للقضاء على مشكلة السوق الموازية أهمها منح امتيازات ضريبية لأصحاب الأموال المجهولة المصدر لضخها في البنوك وتحويل تلك الأموال إلى أموال شرعية إلا أنها لم تتخذ موقفا من دعوات إصدار عملة جديدة. وتقوم فكرة إصدار عملة جديدة على حذف الأصفار من العملة الحالية بحيث يصبح الدينار الجديد مساويا لعشرة دنانير قديمة أو مئة دينار قديم مثلا دون إحداث تغيير في الحجم النهائي لكتلة النقود الموجودة. ويرى شكيب خليل أن هذا سيدخل النقد الموازي إلى الدائرة البنكية وسيقضي على التضخم والتزوير. ويوضح الخبير المالي محمد بوجلال أن تغيير العملة لا يرتبط بسياسة رفع العملة وهي الإجراء الذي تقوم به الحكومة لزيادة قيمة عملتها عن طريق تعزيز رصيد الذهب أو تغيير الوزن المرجعي للعملات الأجنبية مقابل العملة المحلية. ويرى بوجلال أن العملة الجديدة حل لاستقطاب أموال السوق الموازية وقال في تصريحات نقلها موقع الجزيرة نت أمس إن قيمة الأوراق النقدية الجديدة يمكنها أن تحمل نفس قيمة الأموال القديمة بمعنى أن قيمة الدينار الجزائري ستبقى ثابتة مقارنة بالعملات الأخرى . لكنه سجل بالمقابل عوارض عدة قال إنها تقف دون نجاح هذه الفكرة أهمها غياب الإطار القانوني للمعاملات المالية الإسلامية في المنظومة البنكية وهي النقطة التي قال إنها تنفر الجزائريين وتمنعهم من إيداع أموالهم في البنوك لعدم اقتناعهم بالفوائد الربوية التي تمنحها البنوك التقليدية عن المدخرات . ونقلت نفس الوسيلة الاعلامية أيضا عن الخبير المالي عمروش العمري قوله أن إصدار عملة جديدة سيكون له العديد من المزايا لكنه يتساءل عما إذا كانت الجزائر بحاجة فعلا إلى تغيير عملتها. ورصد العمري ثلاثة أسباب قال إنها تدفع أي دولة لتغيير عملتها لكنها لا تتوفر في الجزائر حسب رأيه وهي حدوث تضخم جامح وفي الجزائر لا يتجاوز التضخم 5 بالمائة. كما أن تغيير العملة يكون في فترة استقرار اقتصادي واستقلالية للبنك المركزي وهي الشروط الغائبة حاليا في المشهد الاقتصادي الجزائري . وفي ظل منظومة بنكية متخلفة وتتعامل بالورق أكد العمري أنه من الصعب إتلاف العملة القديمة لقيمتها الكبيرة مع صعوبة تحمل كلفة إتلاف هذه الأوراق وإصدار وطبع أوراق جديدة في ظل الأزمة المالية الحالية .