تُجبر المرأة الحامل بعد إتمام التسعة أشهر وفي الأسبوع الأخير على التنقل من مشفى إلى آخر من أجل إخراج مولودها إلى النور، وتتحجج الكثير من المصالح المختصة في التوليد بانعدام الأماكن وكأن حياة تلك المرأة وجنينها تقاس بذلك العذر الواهي، ضاربين سلامة الاثنين عرض الحائط، على الرغم من التأثير البالغ لذلك التأخير على المرأة وجنينها، إلا أن القائمين على تلك المصالح لا يهمهم أي شيء وبدل تسهيل الإجراءات واستقبال الحوامل بطريقة عادية لتوليدهن، نجدهم يساهمون في المخاطرة بهن والزيادة في توترهن بعد أن يتم تقاذفهن هنا وهناك في اللحظات الأخيرة التي تسبق موعد الولادة. عاشت العديد من النسوة لحظات عسيرة بعد بلوغهن المخاض فليس من السهل في بعض العيادات العمومية الحصول على مكان بمصالح التوليد، وعادة ما تتعذر تلك المصالح بانعدام أماكن شاغرة ومنحها حسب »الوجوه«، فالبيروقراطية والمحسوبية لحقت حتى ذلك النوع من المصالح المشرفة على مهام إنسانية محضة، مما أدى إلى فرار العديد من النسوة إلى العيادات الخاصة، فالمهم لديهن هو المحافظة على أرواحهن وسلامة أجنتهن والهروب من تلك المصالح التي باتت المحسوبية طبعها الشائع، على الرغم من المبالغ الخيالية التي تشترطها عيادات التوليد الخاصة، إلا أن بعض النسوة يرين أن كل شيء يهون في سبيل حفظ سلامتهن وسلامة أجنتهن. بحيث أصبح اللف والدوران بين العيادات المختصة في التوليد عرفا شائعا بين النسوة الحوامل، وفرض عليهن فرضا من طرف أصحاب القرار بعد منعهن من ولوج تلك المصالح وهن في الساعات الأخيرة التي تسبق الولادة، مما يؤدي إلى تعقيد حالات بعض النسوة والمخاطرة بهن، وعاشت تلك السيناريوهات جل الحوامل اللواتي يتم إرسالهن من عيادة إلى أخرى، والتحجج بانعدام الأماكن الشاغرة أو عسر ولادتهن، فتجد المرأة الحامل نفسها وهي تدور في حلقة مفرغة مما يجعل أهلها يستنجدون ببعض الوساطات، وهناك من يتجهون مباشرة إلى العيادات الخاصة ليُغنوا أنفسهم عن تلك المتاهات. ذلك ما وقفنا عليه بمصلحة التوليد بمستشفى مصطفى باشا الجامعي والذي يعدُّ من بين الأقطاب الصحية الهامة على مستوى العاصمة، بحيث تم رفض امرأة والتي كانت علامات التعب بادية على وجهها، وما زاد من قلقها وتوترها هو رفض إدارة المصلحة إفادتها بمكان وهي على بعد ساعات من بلوغ المخاض بحيث لم يعجبها الأمر، وقالت وهي متذمرة إنه تم إرسالها إلى عيادة التوليد »نعيمة« على الرغم من حالتها المتقدمة وتدهور صحتها، وأضافت أنها رُفضت هي لتُقبل حاملٌ مثلها أمام أعينها، وتساءلت أين هو الإنصاف والعدل؟. العينة التي اصطدمنا بها هي ليست بالوحيدة بل هناك العشرات بل المئات يتعرضن إلى نفس المواقف، بعد أن يتم إرسالهن من عيادة إلى أخرى وهن على تلك الحالة المتقدمة من الأوجاع واقتراب المخاض. وفي هذا الصدد تحدثنا إلى السيدة »ح. لطيفة« أخصائية في توليد النساء لمعرفة مدى تأثير تلك السلوكات على المرأة الحامل بعد رفض استقبالها على مستوى المصالح، فقالت إنه بالفعل هناك تأثيرات سلبية على المرأة وعلى المولود لاسيما إن تجاوزت الأسبوع ال 42، ويكون تأخير الولادة طبيعي إذا لم يتجاوز 12 ساعة بعد بلوغ الأسبوع الثاني والأربعين، أما غير ذلك فتكون في تلك الحالة المرأة والمولود قد دخلا في مرحلة الخطر، لاسيما بعد تفتق الجيب المائي وابتلاع الجنين لذلك الماء الذي يؤثر عليه بالسلب، وقالت: يجب التعجيل في توليد المرأة إذا ما توفرت الظروف بعد تفتق الجيب المائي »السقية« كما يعرف بالعامية لاسيما وإن انفتح عنق الرحم مما يسهل الولادة، وختمت بالقول، إنه في حالة ما إذا توفرت الظروف لما التعطيل في توليد المرأة فالتأخير من شأنه التأثير على المرأة وكذا جنينها والمخاطرة بحياتهما. وإضافة إلى الضغوط النفسية والصحية التي تكون عليها الحوامل تزيد تلك التعقيدات الإدارية من أزمتهن بعد أن يتم قذفهن هنا وهناك.