انتشرت خلال هذه الأعوام الأخيرة في مؤسساتنا الاستشفائية، ظاهرة توليد النساء عن طريق العملية القيصرية أو شق البطن بدل الولادة الطبيعية بشكل ملفت للانتباه ، بحيث أصبحت العملية القيصرية الطريقة الأولى التي يلجأ إليها الأطباء بعدما كانت في وقت ليس ببعيد حلا أخيرا واضطراريا عندما تتعسر على الأم أو تستحيل الولادة بطريقة طبيعية، وهي المفارقة التي يعيشها قطاع الصحة اليوم بعدما أصبح عدد الولادات عن طريق العملية القيصرية يفوق بكثير عدد الولادات الطبيعية. تعد الولادة المرحلة الأخيرة التي توصل الجنين بالعالم الخارجي، وهي المرحلة التي لها وقع خاص على حياة المرأة الحامل بل الخطوة التي تخشاها الحوامل عموما سواء أكانت عن طريق ولادة قيصرية أم طبيعية. ويعلم العام و الخاص منا أن العملية القيصرية كانت في زمن ليس ببعيد نادرة وبمثابة كابوس يطارد العديد من النساء اللواتي تكون ولادتهن عسيرة، وبذلك فإن إجراء العملية القيصرية للمرأة التي تضع مولودها لا يحدث إلا في الحالات الطارئة والعاجلة أي فقط إذا كانت هناك مضاعفات تشكل خطرا على صحة الأم، أو في حال ما إذ كان حجم الجنين لا يسمح بحدوث ولادة طبيعة، كما أن هناك حالات أخرى تستدعي توليد الأم قبل موعد الولادة، في حال ما إذ حدث معها حادث خطير استلزم على إثره انقاذ الجنين قبل فوات الأوان. إلا أن الموازين انقلبت اليوم و أصبح اللجوء إلى العملية القصيرة في كل الظروف و الأحوال بل حتى في أحسنها، لا لشيء سوى لأن هذا النوع من العمليات يضخ الكثير من المال في جيوب الأطباء العاملين في العيادات الخاصة، وهو الأمر الذي اشتكت منه العديد من الأمهات اللواتي أجبرن على الخضوع إلى العملية القيصرية حتى وان كن في غنى عنها خاصة منهن الأمهات الجدد اللواتي لجأن إلى أطباء التوليد في العيادات الخاصة وهي الطريقة التكتيكية التي يستخدمها العديد من الخواص حسب ما أدلت لنا به السيدات اللواتي التقينا بهن، حيث أكدن لنا أن العيادات الخاصة تسعى من خلال ذلك إلى الربح السريع ولو كان ذلك على حساب مرضاها وزبائنها، فالسيدة ''مريم '' واحدة من الأمهات اللواتي وضعن مواليدهن عن طريق عملية قيصرية بعدما أقنعها طبيبها المختص أن الحبل السري ملتف حول عنق ابنها بحيث إن وضعته عن طريق ولادة طبيعية يختنق ويموت بسبب ذلك الحبل وتفاديا لحدوث ذلك يجب أن تلد عن طريق عملية قيصرية، غير أنها عندما أجرت العملية اكتشفت أن ابنها كان في حالة طبيعة ولم يلتف على رقبته الحبل وإنما هي مجرد حيلة استخدمها الطبيب لإقناعها. في حين أكدت لنا سعيدة أن أخصائي التوليد الذي كان يكشف عليها طيلة مرحلة الحمل أكد لها أن عظم الحوض يعيق ولادة الجنين بطريقة طبيعية إلا أنها عندما حملت مرت ثانية اكتشفت أن ذلك كان كذبة أراد الطبيب أن يلصقها بها لا غير. وما زاد من استفحال هذه الظاهرة خلال هذه السنوات أن الأمهات اللواتي يلدن لأول مرة يفضلن الوضع في العيادة الخاصة مهما بلغت التكاليف بدل التوجه إلى المستشفيات العمومية خاصة وأن سمعة المستشفيات العمومية في هذا الشأن لا تشرف لكثرة المشاكل والمتاعب التي تتلقاها النساء الحوامل أثناء التوجه إليها كالاكتظاظ الشديد وانعدام كافة شروط النظافة والمعاملة السيئة من طرف الممرضات و القابلات وغير ذلك من متاعب، ما يدفعهن إلى اللجوء إلى العيادات الخاصة لاعتقادهن بأنها أرحم وأفضل، إلا أنهن يجدن أنفسهن وقعن فيما هو أسوء عند إجبارهن على الولادة بطريقة قيصرية، إذا غالبا ما يتم إبلاغهن أنهن سيلدن عن طريق عملية قيصرية بعد إقناعهن أن ولادتهن ستكون متعسرة و أن هناك العديد من المشاكل التي تجعل ولادتها بطريقة طبيعيه معقدة قد تفقد المولود على إثرها وهي الحجة التي تتخذها العيادات الخاصة، لا لشيء سوى لان ثمن الولادة الطبيعية والقيصرية تختلف بكثير بحيث تكلف الولادة الطبيعية ب 8000دج في حين الولادة القيصرية تكلف ما بين 30 و65 الف دينار. ''رضوخ الأمهات سببه الخوف على الجنين '' وفي هذا الصدد تقول الأخصائية في قسم توليد النساء'' هنية .أ'' إن اغلب العيادات الخاصة تسعى إلى الربح المادي ولذلك فإنها تخضع مريضتها إلى العمليات القيصرية حتى ولو كانت في غنى عنها دون وجود أسباب حقيقية وراء إجرائها، إلا أن هناك سببا متخفيا وراء اللجوء إلى هذه الطريقة من التوليد تكمن في وجود عدد كبير من السيدات اللواتي يوشكن على الوضع مقابل النقص الموجود في الأطباء ذوي الخبرة في التعامل مع حالات الولادة في حال ما إذا تعسرت إضافة إلى المخاطر القليلة نسبيا التي تشكلها الولادة عموما. وأوضحت المتحدثة أن الولادة القيصرية باختصار هي ولادة الطفل عن طريق فتح البطن والجزء السفلى من الرحم وتستغرق العملية 45الى 60دقيقة تقريبا وغالبا ما تتم ولادة طفل في 5الى15 دقيقة الأولى وباقي الوقت يستغرق في خياطة الفتحة الموجودة بالرحم و البطن، كما أن أغلب السيدات في الوقت الحالي صرن يفضلن اللجوء إلى الولادة القيصرية وكأنها أضحت موضة العصر ولكل في ذلك مبرراتها التي تتمحور في الغالب في الخوف من آلام الوضع والولادة الطبيعية وتأثيراتها الجانبية أو خوفا على صحة الجنين من أن يولد بعاهة جسدية أو عقلية أو حتى يتم تحديد موعد الولادة في تاريخ يناسبهن تماما. في حين أن الأسباب الحقيقية للجوء إلى الولادة القيصرية تتمثل بشكل مختصر في وجود نزيف قبل الولادة أو ضيق في عظام الحوض أو بعض حالات ارتفاع ضغط الدم إضافة إلى عدم اتساع عنق الرحم بالرغم من وجود انقباضات رحمية منتظمة مما يعيق بشكل مباشر وجود ولادة طبيعية، كما يتم اللجوء إلى العملية القيصرية في حال كبر حجم الجنين أو التفاف الحبل السري على عنق الجنين أو في حال ما إذ كان سن الأم التي تضع مولودها لأول مرة تجاوز 35 سنة أو غيرها من الأسباب الأخرى التي تجعل الولادة الطبيعية أمرا متعسرا. وعلى العموم تعتبر العملية القيصرية آمنة لكل من الأم و الجنين في مثل هذه الحالات ولكن بشكل عام هي كأي عملية جراحية أخرى، فلا بد أن تكون هناك بعض المخاطر أهمها النزيف الشديد أثناء العملية او التهاب الجرح بعد الولادة وحدوث تخثر أو تجلطات في الأوعية الدموية بالأطراف السفلية زيادة على تلك العلامات التي تدل على أثر العملية فهي تسبب تشويها في منطقة البطن زيادة على مضاعفات أخرى كالصعوبة في الجلوس والإرضاع، إلا أنها تبقى حلا لانقاذ الأم والجنين .