اسمه يعني موهبة حقيقية في عالم الموسيقى، لكنه يعني أيضا إنسانا مجاهرا بشذوذه الجنسي، وعدائه للدين، وإساءته لنبي الله عيسى عليه السلام، ومن هنا لم يكن غريبا منعه من الغناء في مصر، أو الدعوة لمنعه أيضا من المشاركة في مهرجان موازين المغربي في الأسبوع المقبل، ليظل شخصية محبوبة من البعض، ومكروهة بشدة من البعض الآخر. لم يمنع الجدل الواسع حول إلتون جون، ولديه أربعون عاما من النجاح الفني، أن يجعل الإبداع عنوانا له بعد أن استحوذ حب الموسيقى على وجدانه مبكرا، فبدأ العزف على البيانو وهو في الرابعة من عمره، وكان لاحترافه العزف وهو في الحادية عشرة من عمره دور كبير في اجتياز العديد من الحواجز مبكرا، فمنحته الملكة إليزابيث ملكة انجلترا منحة جامعية على حسابها الخاص، وجائزة الثقافة التابعة للأكاديمية الملكية للموسيقى، لكنه ترك الدراسة بعد ست سنوات لاقتحام أبواب جديدة في عالم الموسيقى لم يكتشفها من قبل. كانت بدايته الحقيقية عام 1961 كأحد أعضاء فرقته »bluesology« ولكن لم ينصبّ عمله بالكامل مع الفريق، بل أعطى لنفسه مساحة من العمل منفردا باحثا عن التميز بين حفلات الفنادق، إلى أن أُتيحت له الفرصة الذهبية الأولى لتسجيل أغانٍ لتنطلق باسمه، ويسطع بها نجمه عام 1968، وحققت نجاحا فتح له مجال إصدار ألبومه الأول في العام التالي. وكان لاسم النجم العالمي »جون لينون« -الذي أنتج الألبوم وكان المغني الأول في فريق »البيتلز« The Beatles وقتها- نصيب كبير في نجاح الألبوم، ليكون الخطوة الأولى بطريق الألف ميل. على عرش البوب كانت السبعينيات العقد الذهبي في عمر إلتون جون الفني، إذ لمعت نجوميته بأغنيات ذات طابع خاص أخذت في الانتشار بسرعة بين قاعدة عريضة من محبيه، كما اخترق أوروبا وأمريكا، وكانت لكلمات أغنياته بإمضاء الشاعر الأسترالي »توين« دور كبير في تتويج نغماته على عرش موسيقى البوب. وكان صديقُه توين المقيم في أستراليا رفيقَ نجاحه الأول والأهم في بداية مسيرته الفنية، إلا أنهما لم يلتقيا أبدا للعمل، فكان البريد الوسيلة الوحيدة لتعاونهما الفني، إلى أن رفض إلتون الاستمرار في التعامل بهذه الطريقة، وكانت خسارة قاسية عليه حاول بعدها تحقيق النجاح بعيدا عن أشعار »توين« لكنه لم يفلح. ثم كان لتصريحاته الجريئة التي أعلن فيها شذوذه الجنسي دور كبير في نفور الناس عنه، وتراجع مبيعاته، ليصبح ذلك سقطة جديدة في مشوار إلتون الفني. أما فترة الثمانينيات فجاءت على عكس سابقتها، إذ شهدت أفول نجمه بعد أن رفض غناء قصائد »توين«، بالإضافة إلى إدمانه المخدرات، ثم إصابته في حنجرته التي أضعفت صوته كثيرا، وكانت بمثابة جرس إنذار بانهيار مملكته الموسيقية. بعدها أيقن جون أن لديه رصيدا ضخما قد يساعده في مقاومة ذلك الانهيار، فاستعان بأشهر أغنياته في السبعينيات، مستغلا نجاحاته السابقة في ألبوم واحد جمع فيه 400 عازف محترف في فرقة السيمفونية الأسترالية ليطغى الأداء الرائع على ضعف صوته، وبالفعل يصبح الألبوم من أشهر نوادر موسيقى البوب على الإطلاق. ثم كانت أغنية »تضحية Sacrifice« عودة قوية للصديقين في أواخر الثمانينيات ضرب بها إلتون جون رقما قياسيا جديدا في قلوب جماهيره بمعانيها الراقية، وجميع الأرقام القياسية بمبيعاتها في أوروبا وأمريكا. وفي عام 1996 أسهم إلتون جون في الحفل التأبيني للأميرة ديانا بأغنيته الشهيرة »شمعة في مهب الريح« التي قدمها في الأصل عام 1974 وأهداها إلى »مارلين مونرو« لأنه كان من أشد المعجبين بها. وعندما ماتت الأميرة ديانا لم يجد إلتون الوقت الكافي لتأليف أغنية جديدة خاصة بالأميرة الراحلة، فحذف مقطعين من الأغنية الأصلية، وأضاف مقطعين على نفس اللحن الأصلي، وأطلق عليها اسم »الوردة الإنجليزية«. وفي ختام 63 عاما هي سنوات حياته استطاع جون إلتون -الذي منحته الملكة البريطانية لقب سير- أن يتوج مسيرته بجائزة الأوسكار، وبمبيعات تصل لأكثر من 250 مليون ألبوم في جميع أنحاء العالم، كما حصل على خمس جوائز »جرامي«. شهرة تقتل أصحابها ولد إلتون هيركيوليز جون في 25 مارس 1947 باسم ريجينالد كينيث دوايت، ونشأ بين نغمات الموسيقى، وكبر على حلم لم يكن يوما يتوقع فيه ذلك النجاح. وبرغم ما حققه إلتون جون من شهرة، إلا أنه يكرهها لأنها قد تتسبب في مقتل أصحابها، وذلك بعد وفاة الأميرة ديانا، وجياني فيرساتشي، وجون لينون، ومايكل جاكسون، وقال إن فيرساتشي ولينون قتلا أمام منزليهما، وما كان ليحصل ذلك لهما لو لم يكونا من المشاهير. ويطمح إلتون جون في أن يغير نمطه الكلاسيكي الذي عرفه به الجمهور على مدى نصف قرن ليقتحم عالم الراب والهيب هوب مثل أغاني فريق »بلاك ستريت« كما قال في أحد تصريحاته إنه يحب هذه النغمات لكنه لا يعرف كيف يصل إليها. مكافحة السيدا كان لإلتون جون نصيب في العمل الاجتماعي بعد أن أسس مؤسسة خيرية باسمه لمكافحة مرض السيدا عام 1992، ومنذ ذلك الوقت أصبحت مؤسسة إلتون جونز الخيرية واحدة من أهم المؤسسات المتخصصة في برامج تجنب الإصابة بالسيدا، وجهود مكافحة التمييز ضد المصابين بالفيروس، ونجحت المؤسسة في مد العون ل150 مليون شخص خلال 18 عاما من تاريخها، كما جمعت ما يزيد عن 60 مليون دولار لمكافحة السيدا، وتدعيم البحوث العلمية حوله. تصريحات مستفزة اتهم إلتون بأنه »يشجع الشذوذ«، وبأنه أساء بتصريحاته للنبي عيسى عليه السلام. وكان أعلن سابقا في تصريحات صحفية أنه »يجب حظر الأديان بسبب عدم تسامحها، وعدائها تجاه أصحاب الميول الجنسية الشاذة«!. وفي منتصف فيفري الماضي، أثار عاصفة من الهجوم ضده إثر نشر مقابلة له مع مجلة »بارايد« الأمريكية، قال فيها إنه يعتقد أن »يسوع المسيح كان مثلي الجنس، ويفهم مشاكل الرجال«!. وردت الكنيسة الأرثوذكسية وقتها على إلتون جون بسخرية لاذعة، واعتبرته شخصا لا يستحق حتى أن يُطلب منه الاعتذار. ويُعد إلتون جون من أبرز الفنانين الغربيين الذين يعترفون بالشذوذ، وقد وقع عقد الشراكة المدنية بينه وبين صديقه ديفيد فيرنتش في احتفال بقاعة بلدية ويندسور في العاصمة البريطانية لندن، وبعد المراسم خرج الزوجان الشاذان أمام المصورين لأخذ الصور التذكارية، ولوّحا لمئات من المهنئين!.