الآلة تكتسح المجال وتلغي العلاقات هل باتت روابطنا الاجتماعيّة إلكترونيّة؟
(هل شفيت عيدك مبارك عيد ميلاد سعيد...) هي عبارات وأخرى لطالما تكررت على أجهزة الحواسيب والهواتف الذكية التي اكتسحت المجال وقضت على الروابط الاجتماعية والعلاقات الأسرية وألغت مشاعرالمودة والتراحم حتى بين أقرب المقربين كما أن نقل الصوت والصورة عبر السكايب فعل فعلته في العلاقات الاجتماعية وألغى الزيارات برمتها. فإذا استعرضنا اليوم ما يصخب به واقعنا من وسائل اتّصالات إلكترونية في عالم الأنترنت الافتراضي من فايسبوك وتويتر ومواقع اجتماعية أخرى نجدها غنيّة بالمعايدات وتبادل التّهاني وحتّى التّعازي أيضاً مع زحمة صور تختصّ بكلّ موقف ومناسبة وليس هذا غريباً في زمن التطوّر التّكنولوجيّ السّريع. لكنّ الغرابة أن تحلّ هذه الوسائل مكان الرّوابط الاجتماعيّة الحميمة والتّواصل الشخصيّ المباشر بين الأفراد والعائلات ما يُضعف من العلاقات الإنسانيّة والاتّصال الفعليّ الّذي يشارك النّاس عن قرب في آلامهم وآمالهم وهذا ما بتنا اليوم نفتقده على مساحة حياتنا اليوميّة إذ بكبسة زرّ واحدة ترسل جمَل التّطمينات والتّساؤلات إلى كثير من الأشخاص بكلفة بسيطة ودون عناء الزّيارات مثلاً. فهناك مواقع التّواصل الاجتماعيّ والرّسائل القصيرة هذه المواقع الّتي تعرض مقاطع فيديو ومعايدات صوتيّة.. والمفترض أنّ المناسبات هي فسحة لتلاقي النّاس وتبادل الهموم والكلام وتعزيز المشاعر بينهم لا لإفقار هذه المشاعر واختصارها بجمل على أدوات تقنيّة باتت تتحكّم بمشاعر الإنسان وتعيد تشكيل روابطه الاجتماعيّة والإنسانيّة. ويرى بعض النّاس أنّ هذه الوسائل خفّفت عنهم مصاريف كثيرة فهم من عاداتهم مثلاً أن يشتروا هدايا عند قيامهم بزيارات اجتماعيّة إضافةً إلى مصاريف سيّاراتهم وخصوصاً إذا كان المكان بعيداً.. ويرى هؤلاء أيضاً أنّها سمحت لهم بالتّواصل حتّى مع أناس خارج حدود أوطانهم وإرسال معايدات وغيرها إليهم... ويعلِّق بعض الباحثين الاجتماعيّين على الأمر بالتّحذير من زيادة هذه الظّاهرة وانعكاسها السلبيّ على نسيج العلاقات الإنسانيّة والّتي تهدّد بزوالها فتواصل النّاس مباشرةً ووجهاً لوجه يعزّز فهم الآخرين والتّواصل معهم والتّعاون في مجالات كثيرة ويشدّد هؤلاء على فترة الأعياد كفرصة للتّواصل أقلّه مع الأقارب والأصدقاء المقرّبين للحفاظ على الأقلّ على القدرة على التّعامل المباشر مع الآخرين. فهل تحوّل العالم فعلاً إلى مجرّد شاشة نفرغ فيها مشاعرنا على حساب التّفاعل المباشر والمشاركة الإنسانيّة والاجتماعيّة الحقيقيّة والمؤثّرة في زمن الصّعوبات والتعقيدات المتنوّعة؟!