استغرب مسؤولون سياسيون وأمنيون إسرائيليون دعوات الإدارة الأمريكية ودول أوروبية للنظام المصري بعدم قمع المظاهرات وعبروا عن معارضتهم لها، معتبرين أن هذه الانتفاضة الشعبية من شأنها أن توصل الأخوان المسلمين إلى الحكم، فيما سيضطر الجيش الإسرائيلي في حال سقوط النظام إلى إعادة تنظيم نفسه. وقال رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الأسبق أهارون زئيفي فركاش للإذاعة العامة الإسرائيلية أمس الأحد "إنني لا أفهم تصرف الولاياتالمتحدة ودول أوروبا ومطالبتهم بالديمقراطية في مصر". وأضاف "أستغرب كيف أن الدول الغربية لا تعي التوتر بين السنة الذين يريدون حل المشاكل بالمفاوضات، مثل نظام مبارك، والشيعة الذين يريدون حل المشاكل بالمقاومة المسلحة". ورأى فركاش أنه ما زال من السابق لأوانه التحدث عن انقلاب في مصر وأشار إلى أن احتمالات نجاح الجيش المصري بإعادة الهدوء "كبيرة جدا". وذكرت صحيفة (هآرتس) أن "الشكوك الإسرائيلية حيال سياسة الإدارة الأميركية تجاه الشرق الأوسط التي بدأت بخطاب الرئيس باراك أوباما قبل عام ونصف العام في جامعة القاهرة، استبدلت الآن بالذهول على ضوء الرسائل المتلعثمة الصادرة من واشنطن خلال اليومين الماضيين". وأضافت إن التخوف الإسرائيلي هو أن الأخوان المسلمين سيكونون أول من سيستغل الانتفاضة الشعبية في مصر ويستولي على الحكم. ولفتت إلى أن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية لم تتوقع أبدا حدوث انتفاضة شعبية في مصر وحتى أن رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية أفيف كوهافي قال أمام لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست الأسبوع الماضي "إن النظام المصري مستقر". رغم ذلك فإن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية توقعت حدوث انقلابات في دول عربية خلال العام 2011 الحالي لكنها لم تتوقع أبداً حدوث انتفاضة شعبية. وقالت الصحيفة إنه في حال إسقاط نظام مبارك فإنه سيتعين على الجيش الإسرائيلي إعادة تنظيم نفسه، لأنه منذ ثلاثين عاما لم يستعد الجيش الإسرائيلي "لاحتمال مواجهة تهديد مصري" إضافة إلى أن "السلام مع القاهرة خلال العقود الأخيرة جعل الجيش الإسرائيلي يخفض من عديد قواته بصورة تدريجية وخفض سن الإعفاء من الخدمة العسكرية الاحتياطية وتحويل موارد كبيرة إلى أهداف اقتصادية واجتماعية". وأضافت الصحيفة إن التدريبات والمناورات التي يجريها الجيش الإسرائيلي منذ انتهاء حرب لبنان الثانية ركزت حتى الآن على محاربة حزب الله وحماس وحاكت هذه التدريبات في أقصى حد احتمال حرب مع سوريا "لكن لا أحد، مثلا، تخيل احتمال دخول فيلق عسكري مصري إلى سيناء". وعقد وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك ورئيس أركان الجيش غابي أشكنازي سلسلة مداولات أمنية على ضوء الوضع في مصر ورأت التقديرات الإسرائيلية أن "نظام مبارك ليس زائلا بالضرورة، لكن في جميع الأحوال فإن الوضع في مصر لن يعود إلى سابق عهده". ونقلت الصحيفة عن مسؤولين إسرائيليين رفيعي المستوى الذي أجروا اتصالات مع نظرائهم المصريين، وبينهم الوزير السابق وعضو الكنيست عن حزب العمل بنيامين بن اليعزر، قولهم إن الانطباع الذي لديهم بعد هذه الاتصالات هي أن الجيش المصري صعَّد بشكل كبير من ضلوعه في الأحداث وأن قادة الجيش أملوا على مبارك خطواته الأخيرة بشأن تعيين وزير المخابرات نائباً له وتعيين رئيس حكومة جديد. وقدر المسؤولون الإسرائيليون أن الجيش المصري يسعى إلى تنظيم عملية تنحي مبارك عن الحكم لكن في حال اشتداد الضغط الشعبي فإن الجنرالات سيضطرون إلى تنحية مبارك مبكراً. لكن من جهة أخرى أشار المسؤولون الإسرائيليون إلى تعلق مصر بالمساعدات الاقتصادية الأمريكية وقالوا إن أي حكم في مصر بالمستقبل ستكون لديه مصلحة بالحفاظ على العلاقات القوية مع الغرب.