بقلم : محمد قروش تصنيف الجزائر في المراتب الاخيرة-المرتبة 113-ضمن ترتيب مؤشر الابتكار والإبداع في العالم دليل خطير عن الازمة العميقة التي تعيشها بلادنا في المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية بعد اكثر من نصف قرن من الاستقلال ،وانعكاسات ذلك بشكل واضح على الواقع الحضاري والعلمي والعمراني الذي لا يزال بعيدا بعقود طويلة بالنظر الى الدول التي قطعت اشواطا كبيرة على طريق التقدم الاقتصادي والاجتماعي و العلمي والتقني والعمراني مثل دول الخليج او دول شرق اسيا او حتى دول الجوار مثل المغرب وتونس التي احتلت مراتب متقدمة في الترتيب قبل الجزائر . ويركز هذا المؤشر على الإنجازات المستدامة التي أحرزتها الدول في مدخلات الابتكار وخاصة قوة المؤسسات وتطور الأسواق وحداثة البيئات السياسية والتشريعية في العالم، إضافة إلى التقدم في قطاعات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والبنية التحتية وروابط الابتكار. ولعل ملاحظات بسيطة لواقع الجزائر تفضح مظاهر التخلف الذي تعيشه في مختلف المجالات حيث لا تمتلك مؤسسات سياسية قوية ولا اسواق مالية مزدهرة ولا حظائر تكنولوجية متطور ولا بنية تحتية صلبة تمكنها من منافسة الدول التي تملك نفس امكاناتها المادية والجغرافية والبشرية ،ونلك بسبب اعتمادها على اقتصاد الريع وتجاهلها لتطوير مختلف المجالات التي تقوم بالدرجة الاولى على العلم والمعرفة واكتساب الخبرات الصناعية و التقنية والمعلوماتية التي تعد اساس أي تطور وابتكار . فلم يعد من الممكن في عالم اليوم ان تسير أي امة في طريق التقدم والازدهار دون التحكم في القدرات العلمية والمعرفية والتكنولوجية الحديثة وتسخيرها في مختلف المجالات التربوية والصناعية والإدارية والعمرانية ضمن مشروع كبير يهدف الى تحسين حياة الانسان ورفاهيته و الر فع من قدراته وإمكاناته الفردية والجماعية . ولا شك ان اكبر خطا ارتكبته الجزائر في مسار تطورها التاريخي هو اهمال الجوانب العلمية والتقنية في مشاريعها التنموية وتركيزها بدرجة كبيرة على الحلول السهلة لتوفير السكن والغذاء دون الاهتمام بجلب التكنولوجيا وتشجيع البحث العلمي في مختلف المجالات ومواكبة ذلك لتطوير المؤسسات السياسية والتجارية والتربوية الاجتماعية ،وأكثر من ذلك عدم الاهتمام بالقدرات البشرية التي تمثل الثروة الرمادية للبلاد ، وهو ما ادى بالنهاية الى هروب ملايين الادمغة التي لم تجد واقعا ملائما لتحقيق افكارها وطموحاتها واسقط البلاد في دوامة التبعية التكنولوجية والعلمية والاقتصادية للخارج دون الاهتمام بتطوير القدرات الداخلية ،و بالنتيجة الانحسار في دوامة التخلف على كل المستويات و العجز عن مواكبة التطور العالمي فى مختلف المجالات الذي يرتكز بالدرجة الاولى على العلم والبحث العلمي واكتساب التقنية واعتماد النظريات الجديدة في التسيير والتخطيط الناجع الذي نجحت به الدول المتطورة والرائدة في ميدان الابتكار.