لا بديل عنه في تحضير اللحم المشوي طاجين الطين ينافس آلات الشواء في اللمة لا تزال العديد من العائلات بولاية قالمة متمسكة بطريقتها التقليدية في شواء قطع الكبد والرئة صبيحة أول أيام عيد الأضحى وذلك باستعمال طاجين الطين الذي ينافس آلات الشواء الحديثة التي تعرض بكثرة للبيع قبيل حلول هذه المناسبة الدينية. ق. م يعرف طاجين الطين المستعمل لأغراض الشواء محليا باسم الطاجين المسرح الذي تكون مساحته الداخلية ملساء وهو نفسه المستعمل في إعداد الكسرة اليومية والغرائف ويبقى ينافس أرمادا من الأدوات المتنوعة التي يشوى بها اللحم. وبالموازاة مع عملية نحر أضحية العيد وسلخها التي يشرع فيها الرجال مباشرة بعد أداء صلاة العيد وعودتهم من المساجد تكون النساء قد انتهت من تحضير الكسرة على طاجين الطين الذي يبقى موضوعا على الموقد ليحافظ على حرارته في انتظار وصول أول دفعة من قطع الشواء والتي تكون عادة الكبد والرئة والطحال وحتى أجزاء من الأمعاء الدقيقة. وما أن يتم الرجال عملية النحر وتعليق الأضحية حتى يجدوا أمامهم المائدة التي سبقتها رائحتها الزكية المنبعثة كسحابة دخان من أبواب المطبخ و عليها أطباق بسيطة من السلطة والهريسة التقليدية الممزوجة بزيت الزيتون والكسرة وطبعا القطع الكبيرة من الشواء التي لا يمكن مقاومة لذتها. الطاجين المسرّح الحاضر الأول في العيد وبالنسبة للسيدة بريزة في العقد السادس فإن استعمالها لطاجين الطين في شواء لحم الأضحية عادة ألفتها منذ صغرها وتوارثتها عن أمها في السنوات التي لم تكن تعرف فيها لا غاز البوتان ولا غاز المدينة وكانت الوسيلة الوحيدة هي الحطب مبرزة بأن الشواء على الآلات الحديدية وحتى الكهربائية المعروضة في الأسواق لا يعني لها شيئا. في نفس السياق تقول فطيمة ذات ال31 سنة بأنها في بداية الأمر لم تكن تعرف سر إلحاح أبيها في كل صبيحة عيد الأضحى على استعمال الطاجين و كانت تعتقد أنها مجرد عادة فقط لكنها تضيف - بأنها سرعان ما أدركت السر في ذلك حينما تذوقت عند خالتها شواء معدا على المقلاة ومليئا بالدهون. وأضافت بأن الشواء المعد على طاجين الطين يصنع أجواء احتفالية وسط كل أفراد العائلة ليس فقط من حيث قطعه الكبيرة مقارنة ببقية القطع التي تعد في سفافيد وتكون صغيرة الحجم لكنه فعلا يكون له مذاق مميز للغاية من دون استعمال أية عقاقير فهو لا يغلب فيه طعم الشحوم ولا تجد فيه بقايا الفحم ولا تجد عليه أي جزء محترق. مذاق مميز يحفظ الصحة بدوره اعتبر إبراهيم (25 سنة) أن الشواء المعد على الطاجين يكون مراعيا بدرجة كبيرة لمختلف شروط الصحة والنظافة مقارنة باستعمال بقية الأجهزة مبرزا في هذا السياق طهارة الطين في حد ذاته والتي يزال منه كل بقايا الأطعمة بسهولة بمجرد وضعه على النار بخلاف الوسائل الحديدية أو المصنوعة من الألومنيوم. أما الهاني الذي أدرك العقد السابع من عمره فلا يتصور أبدا بأن يتناول شواء لحم أضحية العيد بطريقة بديلة عن الطاجين رغم المتغيرات الاجتماعية الكثيرة التي أفرزتها الحياة المعاصرة مشيرا إلى أنه في الأيام العادية يتناول الشواء مهما كانت طريقة ووسيلة تحضيره لكن بالنسبة له يوم العيد فهو شيء ينقله إلى الماضي المجيد لأسلافه بما في ذلك وسائلهم المستعملة في الطبخ وعلى رأسها الطاجين المعروف بمنطقة قالمة منذ مئات السنين.