أكد الشيخ الدكتور سلمان العودة، المشرف العام على مؤسسة "الإسلام اليوم"، على أنه ينبغي على البلدان العربية والإسلامية الاستفادة مما حدث ويحدث في تونس ومصر، وأن تعمل على "الثورة على أسباب الثور"ة من خلال تصحيح الأوضاع الاجتماعية وإقامة العدالة وضمان الحريات للناس، عوض انتظار أن تصلها شرارة الثورة إلى شوارعها. وأثنى العودة في برنامج "الحياة كلمة" الذي بثته قناة إم بي سي على الحراك الشعبي والشبابي الذي تشهده مصر حاليا ومنذ أيام خلت، مشيدا بالشباب المصري الذي سبق الأحزاب السياسية الرسمية والنخب في الوصول إلى الشارع. موقعة الجمل المصرية وأشاد عالم الدين السعودي بحراك الشباب الذي خرج للاحتجاج في كثير من المدن المصرية بعد أن بدأ هذا الاحتجاج من خلال حراك الإعلام الجديد مثل تويتر والفايس بوك والتواصل الإعلامي، مشيرا إلى أن هؤلاء الشباب سبقوا الأحزاب السياسية الرسمية والنخب في الوصول إلى الشارع. وأضاف الدكتور العودة أن الشباب أثبتوا قدرا كبيرا من الانضباط حتى أن وسائل إعلام دولية أبدت انبهارا وإعجابا بانضباط الشباب المحتج الذي أبان عن حالة من الوعي والحراك المنظم المنضبط وحالة من صناعة معادلة جديدة لا تقوم على الرعب والخوف الذي تصنعه أجهزة الأمن، وإنما تقوم على الاحترام والشراكة والمطالبة العادلة بالحقوق، على حد تعبير العودة. وعاد العودة إلى القول إن حراك هؤلاء الشباب ناضجٌ وموضوعي، وينبغي أن يكون الجميع معه ولا نسمح أن يغتصب من أي طرف كان ولا أن يتم الاعتداء عليه كما حدث في الأيام الأخيرة بما يمكن تسميته ب"موقعة الجمل"، حيث ظهرت جمالٌ وخيول تهاجم الشباب العزل الأبرياء، كأننا في مواجهة بين الفايس بوك والجمال والحمير، أو بين الماضي في مواجهة الحاضر والمستقبل. وتابع الشيخ بأن ما وقع أساء إلى المظاهرات السلمية التي كانت تجري في أجواء احتفالية تجمع الكبار والصغار والشباب، فنتج عن تلك الاعتداءات قتلى وجرحى بالمئات، فبدا عند البعض كأن الشعب المصري يقتل بعضه بعضا أو أنه لا يستحق الحرية والديمقراطية، لكن هذه الرسالة لم تنجح. فجوة ضخمة وأشار ضيف البرنامج إلى الفجوة الضخمة التي توجد بين الجيل الماضي والجيل الحاضر، حتى في الخطاب السياسي تأتي المبادرة ضعيفة ومتأخرة، بالرغم من أن الحراك الشبابي يكون متطورا، ومطالبه تتحول وترتفع. وشدد العودة على أهمية إدراك الفجوة بين تاريخ وعمر سياسي ربما يكون في تعداد الماضي وبين أجيال جديدة يتولد لديها قدر من الوعي والنضج، مردفاً أن الشبكات الاجتماعية في العالم الافتراضي سهَّلت عملية التواصل بينهم وساهمت في صناعة نوع من الوعي والنضج السياسي والحقوقي بشكل غير قادر على الاستيعاب. واستطرد بالقول: لسنا محللين سياسيين لكننا أشخاص يهمهم وضع مصر، وأن لا تصل البلاد إلى أية حالة من الفوضى أو يحكمها حزب معين يتكرر معه نفس المشكلات السابقة. شعار الحكومات في مواجهة الأزمات وزاد العودة في حديثه للبرنامج أن هذا الحراك الشعبي لم يتوقعه الكثيرون، فبعد تونس جاءت مصر، رغم أن البعض قال إن مصر ليست تونس، وهذا هو الشعار الذي نسمعه دائما بخصوص الخصوصية والذي تحدث به أكثر من رئيس وحاكم ومسؤول، مما يدل على أننا لم نستوعب الدرس كليا. وأكد على عدم جدوى مجرد الاعتصام بقضية الخصوصية أو الاعتقاد بأن لكل بلد له ظروفه الخاصة التي أدت إلى ما أدت إليه، أو تسيير مجموعات ومسيرات مؤيدة لهذا النظام أو ذاك في الشوارع، حيث ترتفع الصور والأعلام في محاولة لمواجهة عالم افتراضي يحاول أن يتحرك في بلد أو آخر. واسترسل: يخطر في بالي خاطر مفاده هذا الذي يحدث في مصر الآن من صراعات ربما هناك قوات أخرى أصبحت مصرة على بقاء الأوضاع لأنها تخشى أن تنتقل شرارة الثورة إليها. وشدد العودة على أنه ينبغي على الآخرين خاصة في البلاد العربية أن يقتبسوا هذه القصة التي تقع في مصر، وأن يثوروا من داخلهم على أسباب الثورة، موضحا أن هناك أسبابا معينة تثير حنق الناس، فلماذا لا يبادر الحكام العرب في كل بلادهم إلى الثورة عليها بشكل صحيح؟ بمعنى أن يتم تصحيح الأوضاع المختلة ونشر العدالة وإعطاء الناس الحريات وغيرها من الإجراءات والسياسات. وأفاد المتحدث أن الكثير من البلاد العربية يمكنها أن تستفيد مما يحدث عوض أن تنتظر إلى أن تحدث الثورة لديها وتنتقل هذه الشرارة إلى الشارع الذي يبدأ في الهتاف بسقوط النظام، فيتعقد الحل أكثر. لهذا، يضيف العودة، من الأجدى استباق الثورات خاصة في فترة الرخاء لكثيرٍ من البلاد، وذلك تفاعلاً مع ما يحدث في مصر خاصة في مسائل التعامل مع المواطنين وقضية الحريات والحوار ونبذ العنف والقمع. الناس تحتاج إلى الحريات واستبشر العودة خيرا بعواقب هذه الأحداث، سائلا الله تعالى أن يحفظ مصر وشعبَها، وأن يجعل النتائج خيرا لكون مصر إذا تحسنت أوضاعها من ناحية الحريات والحقوق، سيوافقه قدر من الجفوة مع إسرائيل حتى لا تستمر في الاستسلام في مخططات السلام التي فرضت عليها في ظروف صعبة، فأصبحت مصر تحتاج استئذان إسرائيل حتى في بضعة جنود تريد إرسالهم إلى سيناء. ولفت العودة إلى أن الأسباب قد تتغير من بلد إلى آخر، لكن ينبغي مراعاة متغيرات ضخمة في العالم اليوم بسبب الإعلام الجديد وتنامي الوعي وبسبب الفضائيات، ولذلك يلاحظ اختلاف آراء الناس وتضاربها بشكل كبير، ومن هنا يجب استيعاب آراء الناس والوعي بالمشكلة قبل حصولها والقدرة على حلها، وفق كلام العودة. * شدد العودة على أنه ينبغي على الآخرين خاصة في البلاد العربية أن يقتبسوا هذه القصة التي تقع في مصر، وأن يثوروا من داخلهم على أسباب الثورة، موضحا أن هناك أسبابا معينة تثير حنق الناس، فلماذا لا يبادر الحكام العرب في كل بلادهم إلى الثورة عليها بشكل صحيح؟ بمعنى أن يتم تصحيح الأوضاع المختلة ونشر العدالة وإعطاء الناس الحريات وغيرها من الإجراءات والسياسات.