ق· حنان في كل مرة ينتظر فيها المواطنون الجزائريون انخفاض أسعار السردين إلى مستوى معقول، يتماشى والقدرة الشرائية للمواطن الجزائري من جهة، والثروة السمكية التي تتمتع بها السواحل الجزائرية على طولها من جهة أخرى، يكون هذا الأخير على موعد مع ارتفاع آخر، ومستوى آخر أعلى عما كان عليه، كيف لا وقد وصلت أسعاره حتى في الأحياء الشعبية إلى 350 دج كاملة، بالنسبة للأنواع الجيدة منه، و250 دج للأنواع العادية، رغم أنه في الحالتين يكون اقتناؤه صعبا على طبقة عريضة من المجتمع الجزائري، التي صار السردين لديها مثله مثل الجمبري الملكي، يكتفون بمجرد النظر إليه لا غير، قبل أن نصل إلى مرحلة يكون اقتناء السردين فيها موجها للزينة مع بقية أسماك الأكواريوم الأخرى· إحدى المواطنات بالعاصمة قالت إنهم لم يفقدوا رائحة السمك فحسب، وإنما حتى رائحة الباعة المتجولين الذين كانوا يملؤون الأحياء بصخبهم وضجيجهم وهم ينادون صبيحة كل يوم تقريبا على السردين الذي كانوا يأتون به إلى مختلف أحياء العاصمة في عرباتهم، بعد أن عزف المستهلك الجزائري البسيط عن اقتنائه، في وقت كان أكثر أنواع اللحوم توفرا أمامه، وأكثر ما يستغني به عن غلاء أسعار اللحوم الحمراء والبيضاء على حد سواء· وتضيف قائلة إنه حتى مع مرور الوقت وانقضاء اليوم ووصول الساعة إلى حدود منتصف النهار أو ما بعد ذلك فإن أسعار السردين تظل على حالها، ولا تنزل عن مستوى 200 دج، رغم أن المتعارف عليه أن الأسعار تنخفض بشكل منطقي بعد هذه الساعة، وبالتالي فإن عائلات جزائرية كثيرة اضطرت إلى حذف السردين من قوائم أطباقها، خاصة وأن عددا منها لا يكتفي بكيلوغرام واحد فقط لاسيما للعائلات كثيرة الأفراد، في وقت كانت العائلات الجزائرية تقتني ما بين كيلوغرامين إلى ثلاثة، لتعد منه أطباق غذائها من يوم لآخر، عندما كانت أسعاره لا تتجاوز في مطلق الأحوال ال70 دج فقط· من ناحية أخرى تبدو التحليلات والتقارير الرسمية المقدمة بشأن ارتفاع أسعار السردين في الجزائر غير مقنعة للكثير من المواطنين الذين يتساءلون عن مدى عجز الجزائري عن تذوق أنواع كثيرة من السمك رغم أن بلاده تتمتع بشريط ساحلي أطول بكثير مما تتمتع به كثير من الدول الصديقة والشقيقة ومع ذلك فإن سكانها يعتبرون السمك طعاما يوميا لهم ولا يشتكون من مشاكل الندرة وارتفاع الأسعار، خصوصا وأن كثيرا من الأنباء أكدت أن السمك في الجزائر يموت بالشيخوخة، وهو الرأي الذي أبداه بعض المواطنين الذين أكدوا أن الأمر يتعلق بالمضاربة حينا وبنقص الإمكانيات حينا آخر، بانتظار تجسيد الوعود المدرجة في هذا الإطار، وتبني سياسية واضحة للحفاظ على الثروة السمكية في الجزائر وتوفيرها للمواطن الجزائري وهو ما يأمله الكثير من المواطنين وينتظرونه بفارغ الصبر·