دخلت الاحتجاجات في مصر أمس الأربعاء أسبوعها الثالث، وسط اتساع رقعة الاحتجاج بشكل غير مسبوق، وانضمام فئات جديدة إلى المعتصمين في ميدان التحرير الذين يطالبون بتنحي الرئيس حسنى مبارك عن منصبه، منددين بتصريحات سليمان بقمع الاحتجاجات. وسار آلاف المحتجين أمس للانضمام إلى المعتصمين أمام مبنى مجلس الشعب في القاهرة للمطالبة باستقالة النواب فورا. وكان عدد من المتظاهرين ناموا الليلة قبل الماضية أمام المبنى لمنع النواب من دخوله. وحدثت مناوشات بعد أن حاول عناصر الجيش إرجاع المعتصمين إلى الوراء قرب مبنى مجلس الشعب ومجمع الوزارات، لكن المعتصمين تدافعوا لرد محاولات الجيش ووقفوا كدروع بشرية ونجحوا في إحباط هذه المحاولات. وقالت وكالة أسوشيتد برس إن المحتجين يبدون أكثر تصميما على خوض معركة طويلة ضد النظام، بعد أن حولوا ميدان التحرير إلى ما يشبه "قرية مؤقتة"، مشيرة إلى أن آلاف المحتجين يأتون يوميا إلى الميدان وينام بعضهم في الخيم المنصوبة هناك. من جهة أخرى، تظاهر آلاف المصريين أمس أمام مبنى مجلس الوزراء، وأدى تصاعد الغضب والخشية من مهاجمة مقره، إلى انتقال مجلس الوزراء إلى مقر وزارة الطيران، كما أعطيت أوامر لموظفي مجلسي الشعب والشورى بمغادرة مكاتبهم خشية اقتحام المتظاهرين للمقرين. وبدا المشهد أمس أكثر هدوءا من يوم الثلاثاء الذي شهد توافد ملايين الأشخاص على مواقع الاحتجاج بمختلف المدن المصرية مجددين المطالبة برحيل الرئيس مبارك، بينهم نحو مليون في ميدان التحرير بالقاهرة, فيما نظمت مسيرات أخرى حاشدة واعتصامات في عدد كبير من المدن. جمعة الزخم وقال مصطفى شوقي -وهو أحد ممثلي ائتلاف ثورة الغضب- للجزيرة إن مشهد "الثلاثاء العظيم" رسالة للرئيس مبارك بأن الحركة الاحتجاجية تتصاعد وهي أكثر عزما على الإطاحة بحكمه. وشدد شوقي على أن الاستعدادات جارية على قدم وساق لتنظيم مظاهرات مليونية جديدة يوم الجمعة الذي سيطلق عليه "جمعة الزخم"، مؤكدا أن صمود المحتجين على الأرض وزيادة عدد المتظاهرين هما العاملان الحاسمان في تحديد مسار الأحداث وليس وعود مبارك ولا نائبه عمر سليمان. ومن جهته قال الصحفي داود حسن للجزيرة إن ظهور الناشط وائل غنيم في إحدى القنوات المحلية وهو يبكي حزنا على شهداء ثورة الغضب كان له تأثير كبير على المواطنين، مشيرا إلى أن ميدان التحرير شهد أمس توافد آلاف الأشخاص الذين يأتون لأول مرة إلى الميدان. وشدد على أن إقبال الناس على الميدان ناجم عن عدم ثقتهم بالوعود الحكومية، وهم يقولون إنهم يتعرضون لما يسمونه "احتيالاً سياسياً". احتجاج المحافظات وفي إطار "يوم حب مصر" عمت مظاهرات حاشدة الثلاثاء مدنا كثيرة من الجنوب إلى الشمال. وشهدت الإسكندرية مظاهرة جديدة ضخمة بلغ عدد المشاركين فيها نحو مليون شخص، وفق تقديرات صحفية مستقلة. وامتدت المسيرة على مسافة 1.5 كيلومتر بعدما انطلقت من أمام مسجد القائد إبراهيم, وتزامنت مع تحركات احتجاجية أخرى من بينها اعتصام بميدان سيدي جابر. وتتواصل الاستعدادات بالاسكندرية لتنظيم مظاهرة حاشدة جديدة يوم الجمعة، حيث ينتظر أن يتوجه بعض الناشطين إلى عدة مناطق في الإسكندرية، لتوضيح موقف المحتجين وحشد الناس للمشاركة في مظاهرة الجمعة. ويقوم عدد من القادة الشباب للمظاهرات بالتنسيق فيما بينهم ورصد سير المظاهرات يوميا والتخطيط لكيفية مواصلتها. وتظاهر أيضاً نحو ربع مليون شخص في المنصورة مطالبين بتنحية مبارك وحل مجلس الشعب والشورى بينما تواصلت الدعوات لمظاهرات حاشدة يوم الجمعة. وأكدت مصادر صحفية متطابقة أن هناك العديد من السكان شاركوا لأول مرة، حيث رصدت مشاركات فئوية للنجارين والحدادين، وكذلك أعضاء هيئة التدريس الذين أصدروا بيانا شديد اللهجة يطالب مبارك بالرحيل، ويطالب أيضا بإصلاحات في الجامعة وبفتح العمل السياسي فيها. ولفتت المصادر إلى أن هناك مطالبَ من بعض الأحزاب وقادتها للانضمام إلى ميدان التحرير بالقاهرة، وهم يتواجدون وسط المتظاهرين. كما لفتت إلى أن الجبهة السلفية في المدينة أجازت حق التظاهر وقالت إنه "واجب شرعي"، وهو تحول كبير بعد أن كانت تعارض ذلك. كما تظاهر أمس أيضا عشرات الآلاف في شوارع دمياط وطنطا والفيوم والزقازيق والإسماعيلية والبحيرة وأسيوط وسوهاج والأقصر وبني سويف والوادي الجديد والعريش والدقهلية، مطالبين برحيل النظام. وأكد مصدر صحفي للجزيرة أن ما لا يقل عن 150 ألف متظاهر خرجوا أيضا في مسيرات غير مسبوقة بمدن صعيد مصر مثل أسوان وسوهاج. وفي العريش بشمال سيناء حيث نظمت عدة مسيرات, وقال الصحفي حازم البلك إن القوى السياسية وشخصيات مستقلة دعوا إلى تشكيل لجنة لحماية الثورة، كما دعوا إلى اعتصامات حاشدة، وأقاموا خيمة ضخمة بأحد ميادين المدينة. وشكلت مظاهرات الثلاثاء خطوة بعد تعهدات قيادة الانتفاضة بمظاهرات مليونية أيام الأحد والثلاثاء والجمعة من كل أسبوع، سعيا منها لزيادة الضغط على السلطات لتحقيق مطالبها الأساسية، وعلى رأسها رحيل الرئيس مبارك.