وزير الاتصال يشرف على لقاء جهوي بقسنطينة لبحث آفاق وتحديات مهنة الصحافة    الجزائر وأذربيجان تعززان تعاونهما السياسي والدبلوماسي    الجزائر تراهن على الموانئ لتعزيز مكانتها التجارية الإقليمية    وهران تحتضن الطبعة الثالثة للصالون الإفريقي للأعمال بمشاركة أكثر من 20 دولة    الحماية المدنية تطلق حملة وقائية من حرائق المحاصيل الزراعية في ولايات الجنوب    عصاد: الكتابة والنشر ركيزتان أساسيتان في ترقية اللغة الأمازيغية    تنظيم مسابقة وطنية للطلبة لأفضل فيديو توعوي لمكافحة المخدرات    وزير الاتصال "محمد مزيان" حملات تضليلية تستهدف الجزائر لعرقلة مسارها التنموي    حوادث الطرقات: وفاة 39 شخصا وإصابة 1526 آخرين بجروح في ظرف أسبوع    غزة : ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 51266 شهيدا و 116991 مصابا    كرة القدم: وليد صادي يجتمع بحكام النخبة في لقاء للتوعية حول الجولات المتبقية من البطولة    فلسطين: الاحتلال الصهيوني يواصل عدوانه على مدينة طولكرم ومخيمها    الاتحاد الإفريقي يضع كامل ثقته في الجزائر كقوة " استقرار إقليمية    الجزائر، بهذا المجال، ثمنت "عاليا" العنصر البشري وقيم الابتكار    تأكيد استعداد الجزائر لتكثيف جهودها لدعم الدول الإفريقية    العلاقات التي تجمعنا "تاريخية خالصة" وهي " أصيلة متأصلة    قطاعه "يولي أهمية بالغة للرقمنة، والتسيير الإلكتروني"    حجز ما يقارب 3800 كبسولة من المؤثرات العقلية    افتتاح "قمة إفريقيا لتكنولوجيات المعلومات والاتصالات 2025"    الدفع الالكتروني ضمن طرق الدفع المقترحة لشراء الاضاحي    أمن ولاية الجزائر: حجز أكثر من 75 مليون سنتيم مزورة    ملف الذاكرة قضية أمة.. وليس ريعا استعماريا    أنقرة تدعّم المقاربة الجزائرية لتسوية الأزمات الإقليمية    الرابطة تنظم إلى "الفاف".. تحذر الأندية وتتوعد بعقوبات شديدة    نتيجة مخيبة ل"السي يا سي"    عودة الرحلات التجارية ل"تليفيريك" قسنطينة    54 مشروعا جديدا لتوصيل الألياف البصرية إلى المنازل    تنظيم وتحيين الإطار القانوني لتجنيد قدرات الدولة    التجسيد الفوري لتوجيهات الرئيس يسرّع الاستثمارات    وضعية مقلقة لمنصف بكرار في البطولة الأمريكية    نوتات عابرة للحدود.. من طوكيو إلى القاهرة مرورًا بسيول    تحدي "البراسيتامول" خطر قاتل    وفد برلماني يزور فيتنام لتعزيز التعاون بين البلدين    أجال اقتناء قسيمة السيارات تنتهي نهاية أفريل    مواعيد جديدة لفتح أبواب جامع الجزائر    تمكين زبائن "بريد الجزائر" من كشف مفصّل للحساب    الصين : بكين تعارض إبرام دول أخرى صفقات مع واشنطن على حسابها    كرة القدم/الرابطة الأولى موبيليس: الكشف عن التشكيلة المثالية للجولة    اليمن يُهاجم هدفين إسرائيليين في الأراضي المحتلة..استهداف حاملة الطائرات الأمريكية "ترومان" والقطع التابعة لها    كرة القدم / الرابطة الأولى موبيليس - الجولة ال24 : تأجيل لقاء شبيبة الساورة - اتحاد الجزائر إلى يوم السبت 26 أبريل    صناعة صيدلانية: رقمنة القطاع ستضمن وفرة الأدوية و ضبط تسويقها    سِباق مثير بين المولودية وبلوزداد    مؤتمراتحاد عمال الساقية الحمراء ووادي الذهب: التأكيد على مواصلة النضال لتحقيق الأهداف المشروعة للشعب الصحراوي    العنف يُخيّم على الكرة الجزائرية مجدّداً    قسنطينة : اختتام الطبعة 14 للمهرجان الثقافي الوطني للشعر النسوي    موضوع ندوة علميّة : إبراز جهود جمعيّة العلماء المسلمين في النّهوض بالمرأة والأمّة    توثيق جديد للفهد "أماياس" بشمال الحظيرة الثقافية للأهقار    بالله يا حمامي" و"باتا باتا" تجمعان شعوباً عبر الموسيقى    استنكار رسو "سفن الإبادة" الصهيونية بموانئ المملكة    اجتماع "لجنة فلسطين" تأكيد للدعم العربي لنصرة الفلسطينيين    انطلاق تظاهرة شهر التراث    هذه مقاصد سورة النازعات ..    سايحي: "تطوير مصالح الاستعجالات " أولوية قصوى"    تسهيل وتبسيط الإجراءات أمام الحجّاج الميامين    هذه وصايا النبي الكريم للمرأة المسلمة..    ما هو العذاب الهون؟    كفارة الغيبة    بالصبر يُزهر النصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مدرسة الإرشاد جهد مشايخ في سبيل إرساء التعليم العربي بسكيكدة
نشر في أخبار اليوم يوم 11 - 01 - 2017


بقلم: الأستاذة بوتبان بسمة *
تميزت المرحلة ما بين ( 1838-1870) بعدم وجود سياسة مرسومة لنشر التعليم حيث خصصت المدارس القليلة المتمركزة في المدن لتعليم أبناء الأوربيين حيث قدر عدد التلاميذ الجزائريين ب 636 تلميذ في عام 1850 على مستوى المستعمرة كلها.
لكن بعد إصدار أول قانون حول التعليم الإجباري في الجزائر 1882 الذي ينص على خلق سياسة تعليمية مخصصة للأهالي الجزائريين لكنه لقي معارضة شديدة من طرف المعمرين وقاوموه بشتى الوسائل الدعائية عن طريق ممثليهم في المجالس المختلفة حيث صرح أحد المعمرين عن تخوفه من المسلم المتعلم بقوله: (إن المسلمين إذا تعلموا طالبونا بحقوقهم وجابهونا بمناقشاتهم وغدوا أقل طواعية وطاعة لنا مما هم عليه الآن)
وفي الوقت الذي تردد فيه الساسة الفرنسيون الرسميون من تعليم الأهالي تحت ضغوط المعمرين وتراجع الجزائريين عنه بعد تخوفهم من التعليم الفرنسي لجأ المسلمون الجزائريون إلى الزوايا والتعليم المسجدي وغيرها من المراكز وأصبحت المدينة مركزا للأنشطة الثقافية تمتزج فيها المحافظة الشديدة على الهوية الوطنية مع العصرنة الأوروبية وداخل هذه البوتقة التي يغرسها الشعور بعدم الرضى ونتيجة ذلك نشأ شباب مستعد للتضحية للخروج من دائرة الاستعمار.
ومع صدور قرار 18 أكتوبر 1892 الذي يوجب الحصول على رخصة تأسيس مدرسة عربية باشرت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين إلى الاهتمام بالتعليم الحر الذي أصبح يضاهي التعليم في المدارس الفرنسية بمدارسه المبنية على طراز عصري ومن بين المدارس التي لقيت نجاحا كبيرا بالمدينة مدرسة الإرشاد الحرة التي قامت بدور هام في تعليم البنين والبنات على الرغم من أن الإدارة الفرنسية لم تتوقف عن معارضة التعليم العربي الحر وعرقلته رغم ذلك هيأت بسكيكدة مدرستين حرتين إلى جانب معلمي الكتاتيب القرآنية الأولى أسستها جمعية العلماء مدرسة الإرشاد بسكيكدة والمدرسة الثانية فتحتها حركة الانتصار التي أشرف على تسييرها سعيد كافي إلى جانب إعدادية دومينيك لوسياني ثانوية العربي التبسي حاليا- بنيت عام 1930 ذات نظام داخلي صارم وهي المؤسسة التي درس بها عدد من المناضلين الجزائريين الذين التحقوا بصفوف الثورة الجزائرية في الداخل أو في فرنسا واستشهد معظمهم في معارك حرب التحرير من بينهم: (يوراس عباس حسين لحول فرحات عباس مسعود بوقادوم العربي دماغ العتروس بلعيد عبد السلام محمد حربي بشير بن ناصر عبد الحق قويسم حسين بوزاهر محمد حربي حفيظ بن نيقوس).
من هنا البداية
يعود تاريخ تأسيس مدرسة الإرشاد إلى سنة 1944و مازالت إلى يومنا هذا تنشط في المكان المسمى زقاق عرب حيث تنير وتضيء شوارعه بالعلم والثقافة وهي أيضا بصمة لا تمحى عند أهالي سكيكدة لروحهم الوطنية قبل اندلاع الثورة التحريرية.
وللمدرسة قصة علينا أن نرسخها في ذاكرة الأجيال القادمة لأنها قصة كرم وتضحية في سبيل إرساء التعليم والنهوض به لدى الطفل العربي فهي تضحية حوالي 30 شخصا من مثقفي سكيكدة قرروا تزويد حيهم في أوائل سنة 1940 بمدرسة جزائرية مستوحاة من جمعية العلماء المسلمين فقاموا بتكثيف مجهوداتهم وجمع عدتهم لإنشاء جمعية الإرشاد في 26جويلية 1944 والتي أصبحت فيما بعد مدرسة الإرشاد.
ضم المكتب التأسيسي الأول للجمعية مجموعة من المؤسسيين هم: (فتوي محمد براهيمي الساسي بداي عمار بليوز أحمد لوكيل علي ناصر علي مغلاوي ساعد كسوس صدوق مشطوف علي يحيى أحمد سعدي ابراهيم بن زينة عبد الرحمن بوكرمة الطيب جلمين محمد امزيان كرباتي بشير بخي محمد عبادة بلقاسم عيش محمد بلبصير بشير حراق بلقاسم يوراس أحمد).
وحسب منشئيها فمدرسة الإرشاد كانت تهدف إلى تعليم القرآن وتعاليم الإسلام واللغة العربية إلى جانب الفرنسية لأن من تعلم لغة عدوه آمن مكرهم وشرهم إضافة إلى تعليم بعض المعارف العلمية الأخرى.
وعندما تم اعتماد المدرسة شرع مؤسسيها في البحث عن مقر لبداية العمل وبفضل عطاء أعضائها تمكنت الجمعية من شراء فندق محمد امزيان وحولته إلى مقر المدرسة.
وبعد مدة زمنية انقطع عمل المدرسة في سنة 1947 لنقص في التموين لكن بعد فترة وجيزة تم استئناف عمل المدرسة بفضل صالح بولنمور الملقب ب(بابا صاليح) بصفته رئيسا وناشطا بمدرسة الإرشاد والذي لم يتقبل فشل هذا المشروع فقام برهن منزله الواقع بطريق المسجد للحصول على قرض بنكي لمواصلة النشاط فتحت المدرسة أبوابها للدفعة الأولى من التلاميذ للسنة الدراسية 1949 /1950.
ومن هذه الدفعة نجد سعيود خديجة - قاضية في محكمة سكيكدة والمجلس الأعلى -التي استقبلت الشيخ العربي تبسي بباقة أزهار وأنشدت له أنشودة ترحيبية ما زالت تتذكر كلماتها إلى يومنا هذا.
كان أول مدير للمدرسة محمد صالح لعتيق ومن مدرسيها (أحمد بوكرمة سعيد علال سعيد بوذراع لعور مغلاوي إسماعيل جوامع وأول معلمة هواين فطيمة.
صحيح أنه في السنة التجريبية الأولى للمدرسة كان مكتب الإرشاد مكون من بولنمور صالح كازة ساعد جبار ضريف بوالكروة علي بلاسكة عمار تجيني طاهر شبلي ساعد خلفي محمد بالعربي عبد القادر) ويهدف إلى تطوير المدرسة إلى غاية انضمامها إلى جمعية العلماء المسلمين وتصبح اسما على مسمى الإرشاد وفي سنة 1950 انضمت المدرسة إلى جمعية العلماء المسلمين وتم تعيين الشيخ محمد الغسيري مديرا لها الذي استطاع بعد ثلاث سنوات بأفكاره التحررية تغيير الحياة الدراسية والاجتماعية المحلية حيث أثر بشكل كبير على الحياة اليومية للمواطن في سكيكدة حيث قام بتحويل الاحتفال بالمولد النبوي الشريف من المدرسة إلى المسرح البلدي والمسرح الروماني وقام بتنظيم مهرجان مسرحي سنوي في المسرح الروماني وذلك بمشاركة مدرسة قسنطينة ميلة عزابة بسكرة .... ما شجع العائلات إلى الخروج لمشاهدة العرض.
كما زار المدرسة الكاتب المسرحي فوضالة والشيخ مبارك الميلي والشيخ العدوي والشيخ العباس وضمت المدرس الجنرال محمد علاق الذي التحق بالثورة التحريرية سنة 1954 من مدينة سكيكدة.
في سنة 1953 لتحقيق حلمهم بالتوسع قام المؤسسون بشراء قطعة أرض جديدة في بن كازة الواقعة في طريق عبد النور واستدعوا المهندس دردور مخطط مدرسة جديدة للبنات ولكن هذا المشروع لم يتحقق لأسباب مجهولة.
وقد شارك سكان سكيكدة القدامى كل على مقدوره لإنجاح هذه المدرسة كما نجد في الأرشيف الخاص بالمدرسة يذكر بولنمور: أنه كانت تبرعات مثل السيد (اينال) الذي تبرع بجلود الخرفان و آخر أعطى جلود الماعز ...
وفي تلك الفترة خصصت شاحنة تابعة لجمعية الإرشاد لجمع جلود الخرفان الممنوحة للمدرسة كل عيد أضحى في شوارع سكيكدة مما سمح حتى للعائلات الفقيرة بتقديم عطاء لمساعدة المدرسة و هو نوع من التضامن.
بعد مغادرة الشيخ محمد الغسيري إدارة المدرسة سنة 1953 خلفه محمد سعيد قارة ثم محمود بورزامة إلى غاية الاستقلال.
استمرت هذه المدرسة إلى غاية سنة 1962 أين تحول مقرها إلى الثكنة القديمة التي تحمل اسم مدرسة الإرشاد حاليا و قد حول مقر مدرسة الإرشاد القديمة إلى مدرسة قرآنية تستقبل أطفال سكيكدة.
وتبقى سكيكدة منشأ الوطنية والعلم والحضارة والقيم التي يجب النضال والمحافظة عليها من الزوال.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.