ومما أدبنا به الإسلام استحباب تقديم اليمين في كل ما هو من باب التكريم كالوضوء والغسل والتيمم ولبس الثوب والنعل والخف والسراويل ودخول المسجد والسواك والاكتحال وتقليم الأظافر وقص الشارب ونتف الإبط وحلق الرأس والسلام من الصلاة والأكل والشرب والمصافحة واستلام الحجر الأسود والخروج من الخلاء والأخذ والعطاء وغير ذلك مما هو في معناه. وفي ضد ذلك أدبنا الإسلام بأن أقدم اليسار كالامتخاط والبصاق عن اليسار ودخول الخلاء والخروج من المسجد وخلع الخف والنعل والسراويل والثوب والاستنجاء وفعل المستقذرات وأشباه ذلك. فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمن في شأنه كله: في طهوره وترجله وتنعله كما في الحديث المتفق عليه من كلام عائشة رضي الله عنها وترجله يعني تسريح شعر رأسه. وقالت أيضًا في حديث صحيح رواه أبو داود وغيره: كانت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم اليمنى لطهوره وطعامه وكانت اليسرى لخلائه وما كان من أذى. ولعل الحكمة في ذلك هو ما جعل الله من الخير والبركة والفوز والسعادة لأهل اليمين وعكس هذه الأمور لأهل الشمال. وكذلك هو توجيه لسلوك المسلم نحو التعبد بدل أن تكون طائشة بلا نظام ولا معنى فيؤجر على أن يتوجه بأعضائه نحو طاعة المصطفى صلى الله عليه وسلم وباستعمالها في كيفيات وأنحاء موافقة لتوجيهاته النبوية الكريمة. وكذلك هو صياغة لشخصية المسلم التي ينبغي أن تكون متميزة عن غيرها من الملل والنحل فيوافق المسلم المسلم في أي زمن وفي أي أرض كانت.