تشهد ظاهرة الغش في الوسط الطلابي مؤخرا تناميًا ملحوظا جعلها تفرض نفسها في فترة الامتحانات، حيث يتفنن الطلبة في إيجاد وابتكار الطرق الأسهل والأفضل للغش وطبعًا الأكثر أمانًا والأقل خطورة، ولعل الطرق الأكثر انتشارًا في أيامنا هذه هي تلك التي تعتمد على آخر ما توصل إليه التطور التكنولوجي في ميدان الاتصالات وخاصة الهواتف النقالة. لقد تعددت أساليب الغش وألقت بثقلها على عقول الشباب والطلبة المقبلين على الامتحانات وفي مختلف الأطوار والتخصصات، وصارت الجامعة الجزائرية من خلال ما يكشف فيها من حالات الغش تحتل الصدارة من حيث تعدد الوسائل والطرق التي يجتهد فيها الطلبة من أجل الغش في مختلف الكليات حتى كليات العلوم الشرعية والتي لم تسلم هي الأخرى من انتشار هذا العمل المشين، وإذا كان الغش في الامتحان هو استعمال وسائل غير مشروعية للحصول على إجابات صحيحة ومن ثم علامات ملائمة، فإنه يعتبر ضربًا من ضروب السرقة والتزييف الذي يقضي على مبدأ تكافؤ الفرص، الأمر الذي يبعث على التكاسل والخمول ويزيد من انتشار هذا السلوك السيء وسط الطلاب الذين قصدوا الجامعة من أجل التحصيل العلمي والمعرفي لا من أجل الحصول على العام وحسب كما أجابنا البعض من الطلبة، والمتأمل في شؤون الغش بالجامعة الجزائرية يلاحظ أن هناك أنواعا كثيرة منه، فهناك الفردي الذي يعتمد فيه الطالب على نفسه، وهناك الجماعي والذي يكون بين مجموعة طلبة عن طريق الاتفاق المسبق بحكم الصداقة أو الزمالة أو رد الجميل مقابل الخدمة والمساعدة، وفي الغش الفردي كثيرا ما يقوم الطالب بنقل المعلومات والدروس والمحاضرات على قصاصات ورقية بكتابة صغيرة الحجم وهو ما يعرف بالحروز، وقد يلجأ إلى تصغير وتقديم بعض الوثائق والمحاضرات عن طريق صور طبق الأصل مصغرة والتي توفرها تقنيات الطباعة الحديثة، وحتى الطاولات وكف اليد قد تعوض الورق أحيانا، وكذلك سطوح الجدران، إذ بمجرد دخولك إلى قاعات التدريس تصادفك مختلف الكتابات من تعريفات وقوانين ودروس على سطوح هذه الأخيرة، وقد يلجأ الطلبة إلى »MP3« والذي صار وسيلة في يد المتحجبات تكون ناجحة ومضمونة في كثير من الأحيان، خاصة إذا ما كان الأستاذ الحارس ذكرا وهو ما يجعله يتفادى الاقتراب من المتحجبة بحكم الثقافة والدين الإسلامي، وفي بعض الحالات يستخدم الطالب أشخاصا آخرين لانتحال الشخصية وتوكيلهم بمهمة الامتحان، وهنا تكون العملية أخطر وقد تؤدي الى الفصل والإيقاف المباشرين، أما الغش الجماعي فتكون الوسائل فيه أحدث بالإضافة إلى ما سبق ذكره، حيث تحولت الهواتف المحمولة في أيدي الطلبة إلى وسائل لتسهيل عملية الغش بعد أن كانت وسائل لتسهيل الاتصالات بين الناس، وصارت خدمة ال »SMS« أو ما يعرف بخدمة الرسائل القصيرة الرائدة في هذا المجال، حتى أن بعضهم يكون عبارة عن رسائل تحمل إجابات وفق رموز مشفرة يتفق عليها مجموعة من الطلبة مسبقا حتى لا يستطيع الأستاذ أن يفكها في حالة كشفه للطالب، ويتم عن طريقها تبادل المعلومات والأجوبة بين الطلبة، بالإضافة إلى البلوثوت الذي يعد آخر تقنية للغش بين الممتحنين أو بين الممتحنين وأصدقائهم. وأمام هذا يبقى الهدف من الغش واحد وهو الانتقال إلى الأقسام العليا وإن تعددت الأساليب والحجج والذرائع، فهناك من يقول إن كثافة البرنامج الدراسي هي السبب وأن الوقت لا يكون كافيا للاطلاع والحفظ الكامل للدروس والمحاضرات، وهناك من يقول إن التكاسل والخمول هو الذي يجعل الكثيرين يهرعون إلى الغش في آخر المطاف كوسيلة للحصول على النقاط الجيدة، بينما يرى آخرون أن الأساتذة هم السبب لأن طريقة صياغتهم للأسئلة والتي تعتمد على منطق »رد البضاعة« أو عدم الخروج عن النص الحرفي للإجابة وتقديم الأمثلة الحفظية دون صياغة الأسئلة التي تركز على درجة الفهم والذكاء والمثابرة بين الطلبة هي من العوامل التي تشجع الطالب على عدم بذل المجهود والاعتماد على اختزاله واختصاره بالغش.