أصبح الغش ظاهرة وآفة من الآفات الخطيرة التي تهدد الوسط التعليمي في مجتمعنا سواء في المرحلة الإعدادية، الابتدائي، الثانوية أو حتى الجامعية وكل له أسلوبه حيال ذلك، متبعين بذلك مبدأ ''ميكيافيل'': ''يجب العمل بكل الطرق حسنة كانت أم سيئة فالمهم هو الوصول إلى الهدف''. ولعل هذا هو سبب من أسباب تدني المستوى الثقافي وتدهور المسار التعليمي في بلادنا. مع اقتراب موعد الامتحانات الاستدراكية يجد الطالب نفسه واقفا بين شبح الرسوب وشبح المجازفة بالغش الذي إن انكشف أمره قد يقع في عواقب وخيمة تصل إلى حد الطرد لعدة سنوات، ولكن وبالرغم من هذا فطلبة اليوم استحدثوا تقنيات جديدة في الغش من أجل بلوغ مسعاهم في الانتقال للسنة المقبلة. استخدام تقنية الجوال للغش في الامتحانات في وقت مضى عندما كان الأساتذة يتجولون في صفوف القسم أثناء الامتحان عادة ما يجدون وريقة بيد أحد التلاميذ أو في جيب سرواله أو كتابة في الطاولة أو الجدران أو وشوشة بين التلاميذ، وغيرها من الأساليب التي أصبحت اليوم قديمة ولا تجدي نفعا كالتي استحدثت مؤخرا. فمع التطور التكنولوجي تطورت وسائل الغش هي الأخرى لتصبح الجوالات و,4PM ,3PM 5PM في مقدمة هذه الوسائل خاصة الفتيات اللواتي يستغلن الحجاب لاحقا (الكيت مات) مشوهات بذلك سمعة الحجاب واستعماله كوسيلة قذرة وهي الغش. ولهذا تنقلت ''الحوار'' إلى جامعة العلوم السياسية والإعلام وتحدثنا مع السيد ''بوسري'' ليس قسم العلوم السياسية السنة الثانية الذي صرح لنا أنه: استطاع أستاذ مراقب خلال الامتحانات الماضية توقيف طلبة مستعملين الوسائل السابق ذكرها، وفي هذا الصدد يضيف أنه وللأسف الشديد تم ضبط بنات متحجبات كحالة فتاتين توأمتين واحدة منهما طالبة سنة أولى الأخرى مترشعة لشهادة البكالوريا حيث كشفت الأستاذة الحارسة أن الأختين كانت على اتصال هاتفي وما زاد الطين بلة معرفة الحارسة أن احدى الفتاتين قد انتحلت شخصية أختها أثناء الامتحان لينتهي الأمن بطرد الطالبة من الجامعة في حين أقصيت أختها من امتحان البكالوريا ولمدة خمسة سنوات. وعن الإجراءات المتخذة هذه السنة للحد من هذه الظاهرة كشف السيد ''بوسري'' أنه اتخذت الجامعة إجراءات صارمة وأعطيت تعليمات خاصة للأساتذة الحراس بتفتيش الطلبة خاصة الفتيات المتحجبات اللواتي لديهن الفرصة أكثر لاخفاء أجهزة الغش مقارنة بالآخرين مع أنه من الممكن أن يفلت شخص أو اثنين بسبب احترافه الغش أو لغفلة الحارس لكن من جهة أخرى يضيف أنه يستبعد أن تكون محاولات غش كثيرة هذه المرة وهذا وفقا للتعليمات المنشورة التي توضح ما سيعقبه من عقوبات في حالة من قبض واكتشف طالب أو طالبة في حالة غش. الغش الوسيلة الوحيدة للانتقال للسنة الموالية وللتحقق أكثر من الموضوع انتقلنا إلى الأوساط الطلابية لمعرفة رأي الطلبة حول الغش وما هي أسباب ودوافع لجوء بعض الطلبة إليه تحدثنا مع ''هدى'' طالبة سنة ثالثة صحافة حيث ترى أنه بسبب الاجراءات الصارمة التي وضعتها الجامعة تفضل الاعتماد على نفسها أو كما قالت بلغتها ''نديرو لي علينا والباقي على ربي''. كذلك هو رأي أحلام طالبة سنة رابعة علوم سياسية وعلاقات دولية حيث قالت: ''أفضل خوض الامتحان وأختبر قدراتي وتحصيلي العلمي وأعتمد على نفسي عوض أن أعيش لحظات من الرعب والقلق وأنا أراقب الأستاذ الحارس أن يكتشف أمري فأنا أفضل أن أعيد السنة وأجتهد فيها إذا قدر علي الأمر عوض أن أجازف بالطرد والفضيحة''. وغير بعيد عن كلية العلوم السياسية والاعلام انتقلت الحوار إلى كلية الحقوق أين التقينا طلبة كان لديهم رأي مخالف ومغاير للآراء السابقة، حيث قابلنا فتيحة طالبة جامعية بكلية الحقوق فرأيها لم يكن من رأي هدى وأحلام حيث تقول هذه الأخيرة أنها تلجأ إلى الغش والمجازفة خير من أن تعيد السنة وتظل في نفس القسم، ولما سألناها عن الوسائل التي تستعملها أجابت أنه أحسن وسيلة لفعل ذلك هي الهاتف النقال، خاصة مع العروض المغرية التي يقدمها المتعاملون، جيزي، موبيليس ونجمة التي تسهل لهم المهمة. أما ''مراد'' وهو زميل لها في نفس الكلية فيقول أن مسؤولياته الكثيرة لا تسمح له بالمذاكرة في المنزل وحفظ الدروس، لهذا يلجأ إلى الغش وعن الأسلوب الذي يتبعه حيال ذلك، أجاب يساعدني زملائي الناجحون بحيث يمتحن معي واحد من الزملاء الذين نجحوا في المادة التي رسبت أنا فيها فيدخل معي القاعة للامتحان ونمتحن عاديا لكن عندما يصل الوقت لتسليم ورقة الامتحان يكتب اسمي عوض اسمه، وهذه الطريقة الأنجح والأكثر سلامة مقارنة بطريقة الغش بالنقال. وبين هذا وذاك ومهما تعددت الوسائل والتقنيات المستخدمة في الغش، فإنه لا يزال هناك طلبة يؤمنون بالنزاهة والاعتماد على النفس عكس البعض الآخر، الذين يعرفون حق المعرفة أن هذا التصرف خيانة للعلم ولا شك أنهم على دراية بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: ''من غشنا فليس منا''، ومع ذلك فهم يصرون على استخدامه كلما سمحت لهم الفرصة في ذلك ولعل أسباب ذلك هو افتقارهم للثقافة العلمية.