يقول خبراء في الشأن التربوي الجزائري أن ظاهرة الغش تعرف ارتفاعا من سنة لأخرى، بسبب تزايد عدم الإهتمام بالتعليم لدى الطلبة والتلاميذ الجزائريين وذلك لعدة عوامل ومؤثرا أخرى منها أن الدارسون الجزائريون أصبحوا يعتقدون أن سبيل الدراسة لم يعد هو السبيل الأفضل لتأمين مستقبل ناجح وتظهر لهم في ذلك أمثلة من الواقع عن طلبة أكملوا دراستهم الجامعية بنجاح لكنهم فشلوا في حياتهم العملية. والعكس تماما بالنسبة لأشخاص آخرين لم يسلكوا طريق العلم ولكن نجحوا في حياتهم العملية وخاصة أولئك الذين سلكوا طريق التجارة. وحسب أحد الأساتذة بإحدى ثانويات ولاية سطيف، فإن هذه العوامل هي التي جعلت الكثير من التلاميذ يلجأون إلى الغش وذلك اختصارا للطريق كما يقال، وحسبه فإن الغش لم يعد طريق النجاح فقط بل أصبح سلوكا يتباهى به أصحابه مع زملائهم من منطلق إبراز ما يعتبرونه شجاعة أو قدرة على تجاوز كل القيود والحراسة المفروضة من قبل الأساتذة، والأكثر من ذلك فإن نسبة كثيرة من الذين يلجأون إليه لا يكتمون ما قاموا به وربما لا يعتبرونه أصلا عملا محرما أو على الأقل ممنوعا. تلاميذ يساومون أساتذتهم ! محدثنا كشف عند اتصالنا به أن الكثير من الأساتذة يتعرضون لمساومات من بعض التلاميذ من أجل مساعدتهم في الغش وخاصة في امتحانات شهادة البكالوريا، وقال إنه في امتحانات بكالوريا العام الفارط قصدته فتاة وطلبت منه أن يساعدها في الغش وعرضت عليه جهاز هاتف نقال لتتصل به أو يتصل بها أثناء الإمتحان، وعندما رفض ذلك وعزرها تعزيرا شديدا اعترفت له بأنها قامت بالفعل نفسه مع أستاذ آخر في البكالوريا السابقة ساعدها في امتحان مادة الرياضيات وحصلت على علامة 15 من 20 بمساعدة هذا الأستاذ الفاقد للضمير، ويقول محدثنا أن الهاتف النقال أصبحت الوسيلة الأكثر تطورا في ممارسة الغش في الوسط المدرسي، بالإضافة إلى أجهزة التسجيل المتطورة من نوع MP3. .. المتفوقون كذلك ؟! لكن المثير في الموضوع أن ظاهرة الغش لم تعد مقتصرة على فئة الطلبة الفاشلين أو الذي يملكون إمكانيات محدودة أو ضعيفة، بل إنها شملت كذلك الطلبة المتفوقين الذي لم يعودوا كذلك في منأى عن الغش وخاصة في المواد التي تتطلب الحفظ وخاصة المواد الأدبية، وحسب المصدر نفسه فإن هذا المؤشر خطير جدا وواحد من العوامل التي ساهمت في تدني المستوى العلمي في الجامعة الجزائرية التي أصبحت تستقطب نسبة كبيرة من الطلبة الذي مروا عبر طريق الغش في امتحانات البكالوريا. الإناث أكثر من الذكور ومن جهة أخرى يؤكد محدثنا أن التجربة أثبتت أن ظاهرة الغش منتشرة أكثر لدى شريحة الإناث مقارنة بالغش عند الذكور، وأرجع الأمر إلى تقاليد المجتمع الجزائري التي تجعل الفتاة في منأى عن المراقبة الدقيقة والحراسة الشديدة من طرف المكلفين بالحراسة في قاعات الإمتحانات، لكن الكثير منهن تستغل هذا "الحرج الأخلاقي" لتمارس الغش، ونفى أن تكون المحجبات هن أكثر من يلجأن إلى الغش، بل بالعكس فحتى "المتبرجات" لهن طرقهن في التحايل على أساتذة الحراسة داخل الأقسام، وقال لنا أنه ضبط هو شخصيا في بكالوريا العام الفارط فتاة متبرجة ذراعها مملوء كله بالكتابات.. ليؤكد في الأخير أن الظاهرة ألقت بظلالها على كل فئات الطلبة والتلاميذ الذين لم يعودوا يؤمنون بأنه من غشنا فليس منا بل يؤمنون بأنه من نقل انتقل، ومن اعتمد على نفسه بقي في قسمه ؟!. نسيم لكحل:[email protected]