الناس في أمر الاستغفار أصناف ثلاثة: * الصنف الأول: صنف صادق مع الله في طلب الغفران فهو يعقد العزم على الإقلاع عن الذنب بقلبه ثم يلهج ذلك بلسانه سائلا مولاه العفو والمغفرة وكلما عاد إلى الذنب لغلبة طبعه أو غفلة أو نسيان أو ضعف في نفسه وهذا حال أكثر المستغفرين الصادقين. * الصنف الثاني: صنف كاذب في استغفاره يلهج به باللسان بينما يضمر الإصرار على المعصية في الجنان قال الفضيل بن عياض _رحمه الله-: استغفار بلا إقلاع توبة الكذابين ويقاربه ما جاء عن رابعة العدوية: استغفارنا يحتاج إلى استغفار كثير . وسئل صهل عن الاستغفار الذي يكفر الذنوب فقال: أول الاستغفار الاستجابة ثم الإنابة ثم التوبة فالاستجابة أعمال الجوارح والإنابة أعمال القلوب والتوبة إقباله على مولاه بأن يترك الخلق ثم يستغفر الله من تقصيره الذي هو فيه وقال ابن رجب: فالاستغفار التام الموجب للمغفرة هو ما قارن عدم الإصرار كما مدح الله تعالى أهله ووعدهم بالمغفرة في قوله تعالى: وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (سورة آل عمران: 135 ). * الصنف الثالث: فهو الصنف المعرض عن الاستغفار إما بسبب غفلة أو بسبب يأس من حالة وخوفه من معاودة المعصية. وهذا الصنف اليائس من رحمة الله يجهل مدى سعة مغفرة الله جل وعلا ولو فقه ذلك لما تخلف قط عن الطمع في عفوه وستره ورحمته. قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (سورة الزمر: 53 ). وفي الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو أخطأتم حتى بلغت خطاياكم ما بين السماء والأرض ثم استغفرتم الله لغفر لكم .