معاناة وظروف صعبة بسبب نقص التكفل المراكز الخاصة تلهب جيوب أولياء مرضى التوحد تعتبر نعمة الذرية من أكثر النعم التي يتمناها الإنسان في حياته لما فيها من حفاظ على النسل البشري كما أن الأطفال هم مصدر سعادة كل أسرة إلا أن مصدر السعادة هذا يمكن أن يتحول في يوم من الأيام إلى حسرة وحزن وذلك بعدما يولد الأطفال وهم يعانون من علة كالإصابة بمرض التوحد وهو الأمر الذي يجعل الأولياء يعانون كثيرا مع أطفالهم. عتيقة مغوفل تحصي الجزائر أكثر من 140 طفل مصاب بالتوحد تتراوح أعمارهم ما بين 15 شهرا و17 سنة والجدير بالذكر أن مرض التوحد يتصدر قائمة الأمراض العقلية التي يتعرض لها الأطفال في بلادنا إلا أن المؤسف في الأمر أن التكفل الاجتماعي بهذه الفئة صعب في مجتمعنا مع أن الدولة تقوم ببعض المبادرات لصالح هذه الفئة الهشة من المجتمع الجزائري إلا أنها تبقى ناقصة إلى حد كبير. مبالغ خيالية تشترطها المراكز الخاصة عادة ما يصاب أولياء الأمور بخيبة أمل كبيرة عندما يعرفون أن مولودهم القادم طفل يعاني من مرض التوحد أو أنهم يكتشفون ذلك مع تطور نمو الابن لأنهم يعلمون جيدا وكسابقيهم من أولياء الأمورأنهم سيعانون الأمرين مع ذلك الطفل وهو حال السيد نجيب في العقد الرابع من العمر متزوج وأب لثلاثة أطفال أوسطهم يعاني من مرض التوحد وهو يبلغ من العمر 7 سنوات والجدير بالذكر أننا التقينا صدفة بالسيد نجيب وقد كان ابنه برفقته في إحدى وسائل النقل الحضرية وفي خضم حديث جمعنا به أخبرنا المتحدث أنه يعاني وزوجته كثيرا مع ابنهما لأنه طفل ليس كباقي أبنائه فداء التوحد جعله طفلا عدوانيا وسريع الغضب والبكاء حين لا يتوفر له ما يريد في الحين وحسب السيد نجيب وما زاد من تأزم مشكل الوالدين مع طفليهما هو عدم استطاعته الالتحاق بالمدرسة كأقرانه وذلك بسبب معاناته من هذا الداء وهو الأمر الذي جعل السيد نجيب يلجأ للمدارس الخاصة من أجل تعليم ابنه الصغير إلا أن تلك المدرسة اشترطت على الوالد أقساطا شهرية خيالية فقط طلبت منه مبلغ 20 ألف دينار جزائري مقابل تعليم الطفل في بداية الأمر قبل الوالد عرض المؤسسة ووافق على انخراط ابنه بها مقابل ذاك المبلغ وقام بأخذه للمدرسة لمدة ثلاثة أشهر ثم قام بعد ذلك بتوقيفه وذلك بسبب ارتفاع الاقساط ورغم أن السيد نجيب وزوجته يعملان معا إلا أنهما لم يستطيعا تسديد الأقساط لابنهما وذلك بسبب مصاريف باقي أفراد العائلة وهو الأمر الذي جعلهما يحرمان ابنهما من الالتحاق بالمدرسة كأقرانه. حاضنات البيوت الحل الوحيد للأولياء وبما أن المدارس الخاصة تشترط مبالغ خيالية حتى يتمكن الطفل من الالتحاق بها وجدت بعض الأمهات العاملات الحل في المربيات حتى يتمكن من ترك أطفالهن ساعات عملهن ومن بين هؤلاء الأمهات السيدة مريم في العقد الثالث من العمر لديها طفل يبلغ من العمر3 سنوات ونصف هذا الأخير مصاب بمرض التوحد منذ ولادته وقد حاولت الأم مرارا وتكرارا مع العديد من رياض الأطفال حتى تتمكن من إدماجه في أحد أقسامها إلا أنه للأسف كل الرياض التي قصدتها الأم لم تقبل طفلها وهو الأمر الذي جعلها تبحث عن مربية خاصة لطفلها لتجد واحدة في نهاية المطاف إلا أن هذه الأخيرة اشترطت مبلغ 10 آلاف دينار على الأم مقابل أن تترك ابنها عندها ساعات عملها وهو الأمر الذي جعل السيدة مريم تقبل شروط المربية لأنها لم تجد بديلا عنها إلا أن الأم أكدت لنا من خلال حديثها إلينا أنها قامت بشراء لوحات خاصة من الحروف وطلبت من المربية أن تلقنها لابنها في أوقات فراغها وذلك حتى يتمكن الطفل من تعلم أبجديات الحروف أحسن من أن يلعب طوال اليوم.
جهود حثيثة لإدماج هذه الشريحة والجدير بالذكر أن وزيرة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة مونية مسلم قد أكدت أنه تم توفير قرابة 6 آلاف مقعد بيداغوجي لفائدة الأطفال المصابين بالتوحد بمراكز متخصصة على المستوى الوطني بعد الاتفاقية التي كانت بين وزارتي التضامن والتربية الوطنية التي تهدف إلى إدماج أطفال التوحد في الوسط المدرسي كما أن الوزارة قد فتحت مؤخرا ثلاثة مراكز متخصصة للتكفل بأطفال التوحد في كل من بن عكنون بالجزائر العاصمة تلمسان والبويرة مبرزة أن المراكز المتخصصة سمحت بالتكفل بقرابة 6 آلاف طفل كانوا على قوائم الانتظار التي تحصيها الوزارة والتي كانت تفوق 9 آلاف طفل. وذكرت الوزيرة أن قطاع التضامن الوطني يعمل بالتنسيق مع وزارة التربية الوطنية في إطار اتفاقية على إدماج الأطفال المصابين بالإعاقات الذهنية الخفيفة في الوسط المدرسي العادي مضيفة أن الوزارة تعمل لإدماج وإشراك ذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمع ومشاركتهم في التنمية الاجتماعية وأوضحت ذات المسؤولة أن هذه الاتفاقية المبرمجة لفائدة هذه الفئة من المجتمع تندرج في إطار نهج الحكومة وتعهداتها المؤسسة لقانون حماية ومرافقة المعاق وإدماج واندماج ذوي الاحتياجات الخاصة في كل المجالات.