المرحلة الأولى من رئاسيات فرنسا تُجرى اليوم.. ** * جزائريو فرنسا يتجاوزن المليون ناخب * الجزائر تحبذ فوز ماكرون لكنها تحتفظ بعلاقات جيدة مع فيون وهامون ف. ه يشكل حضور الفرنسيين من أصول مغاربية وخاصة الجزائريين رقما صعبا في الاستحقاق الرئاسي الذي ستجرى مرحلته الأولى اليوم الأحد الأمر الذي دفع عددا من المرشحين إلى محاولة جذب هذا الصوت الانتخابي ويبدو أن أصوات عدد غير قليل من (الجزائريين) ستذهب للمرشح ماكرون الذي أطلق تصريحات (ودية) باتجاه بلادنا عكس آخرين.. وحسب أرقام غير رسمية فإن عدد المسجلين في اللوائح الانتخابية والذين يحملون الجنسيتين الفرنسية والجزائرية يتجاوز المليون ناخب وهم معنيون بالانتخابات الرئاسية كما الانتخابات التشريعية التي ستجرى في جوان المقبل. وتفرض هذه الكتلة الانتخابية الوازنة نفسها على معظم المترشحين للرئاسة الفرنسية الذين يسعون إلى نيل جزء من هذه الأصوات أو النصيب الأكبر منها. وفي فيفري الماضي زار المرشح المستقل للرئاسة إيمانويل ماكرون الجزائر وعبّر عن إدانته الاستعمار الفرنسي للجزائر ووصفه بأنه (جريمة ضد الإنسانية). وفجّر هذا التصريح جدلا كبيرا في فرنسا بين مؤيد ومعارض في الأوساط السياسية والشعبية ووصفته بعض الأوساط بأنه مجرد تصريح يهدف إلى كسب أصوات الناخبين من أصول جزائرية ولا يستبعد متتبعون أن يكون لهذا التصريح دور في استمالة أصوات كثيرين. وكان معهد (إيفوب) لاستطلاعات الرأي خلص في دراسة عام 2012 إلى أن الفرنسيين الذين يحملون الجنسيتين الفرنسية والجزائرية لعبوا دورا حاسما في فوز فرانسوا هولاند بالانتخابات الرئاسية على حساب خصمه نيكولا ساركوزي بعد تصريحاته العدائية ضد الجزائر ورغبته في تمرير قانون يمجد الاستعمار الفرنسي. وفاز فرانسوا هولاند على ساركوزي بفارق ضئيل وبنسبة لم تتجاوز حينها 3 بالمائة أي نحو مليون و140 ألف صوت. كما أكدت دارسة أخرى للمعهد نفسه أن الجالية الجزائرية الكثيفة في مدينة مرسيليا أسهمت بشكل كبير في هزيمة الحزب الاشتراكي في الانتخابات البلدية عام 2015. وأشارت الدراسة إلى أن الجالية الجزائرية امتنعت عن التصويت لصالح الحزب الحاكم عقابا له لانتهاجه سياسات ذات توجه ليبرالي إضافة إلى تصريحات رئيس الحكومة السابق مانويل فالس عن الهجرة والإسلام والمسلمين. اختلاف الأجيال ويرى الدكتور حسني عبيدي أستاذ العلوم السياسية في جامعة باريس ومدير مركز الدراسات والأبحاث عن العالم العربي في جنيف أن ماكرون فهم بنباهة أهمية الوعاء الانتخابي الذي يمثله التصويت المغاربي والجزائري بشكل خاص وكيف تجند الفرنسيون من أصول جزائرية لقطع الطريق على ساركوزي والتصويت بكثافة لصالح هولاند . ورأى الدكتور عبيدي في تصريح لموقع قناة الجزيرة القطرية أن تصريحات المرشح ماكرون يختلف تأثيرها على الصوت الجزائري بحسب الأجيال مشيرا إلى أن لها وقعا إيجابيا على الجيلين الأول والثاني من الجزائريين لارتباطهم بالثورة التحريرية وعلاقتهم القوية بالجزائر . ويضيف الأكاديمي الجزائري أن الجيل الجديد يشاطر في جزء كبير منه نفس توجهات وتوجسات الفرنسيين عموما ومنهم من يصوت للبرامج ووفقا لأولوياتهم في القضايا الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية أكثر من التدقيق في مواقف المرشحين تجاه الجزائر . وتشير بعض التقديرات إلى أن الأصوات الجزائرية -والمغاربية بشكل عام- غير متجانسة ومقسمة بين عدد من المرشحين يأتي في مقدمتهم إيمانويل ماكرون ثم بونوا هامون وفرانسوا فيون كما ستذهب أصوات إلى مرشح اليسار الراديكالي جان لوك ميلونشون. مناورة سياسية في المقابل يرى عزوز بغاغ عالم الاجتماع والوزير الفرنسي السابق من أصول جزائرية أن الصوت المغاربي والجزائري (لعب دورا مهما في انتخابات 2012 لأنه كانت هناك رغبة قوية في معاقبة ساركوزي). ويضيف بغاغ أنه يتوقع خلال هذه الانتخابات عزوفا كبيرا للشباب من أصول جزائرية جراء إحساس الجيل الجديد بأن هناك رفضا رسميا لثقافتهم وتاريخ آبائهم حيث التغييب في المناهج التعليمية الفرنسية لتاريخ الحرب في الجزائر وكل المجازر التي ارتكبها الجيش الفرنسي . ويؤكد الوزير السابق أن تصريحات ماكرون حول الجزائر تصب في الاتجاه الصحيح رغم أنها مجرد مناورة سياسية من أجل استمالة أصوات الفرنسيين من أصول جزائرية . وبخصوص الموقف الرسمي الجزائري يرى الأكاديمي حسني عبيدي أن النظام الجزائري يحبذ فوز ماكرون لكنه أبقى في الوقت نفسه على علاقات جيدة مع منافسيه فرانسوا فيون وبونوا هامون . وأضاف أن صانع القرار في الجزائر يميل منذ الاستقلال إلى مرشح اليمين الديغولي لأسباب براغماتية كما أن الموقف الرسمي للجزائر يميل إلى عدم الاستثمار في شخص واحد. وتشير آخر استطلاعات بخصوص نوايا الناخبين أن مارين لوبان مرشحة حزب الجبهة الوطنية حصلت على 24 بالمائة من الأصوات بينما حصل مانويل ماكرون المرشح المستقل على المرتبة الثانية بنسبة 23 بالمائة. وحصل فرانسوا فيون على 19 بالمائة مقابل 18 بالمائة بالنسبة إلى جان لوك ميلانشون مرشح حركة فرنسا العصية المنتمية إلى أقصى اليسار الذي يحقق تقدما لافتا منذ المناظرة التلفزيونية في الرابع من أفريل الجاري.