شباب جادوا بحياتهم ثمنا لكرامة وحرية الشعب المصري في ثورته ضد القهر والظلم خلال المظاهرات التي اندلعت شراراتها منذ 25 يناير الماضي، وما زالت قائمة إلى الآن باستمرار اعتصام الشباب في ميدان الحرية أو ميدان التحرير في وسط العاصمة المصرية القاهرة. خرج هؤلاء الشهداء في المظاهرات باحثين عن حياة كريمة وغد أفضل لبلادهم عامر بالحرية والعدالة الاجتماعية، كثير منهم لا ينتمون إلى حزب أو حركة، وربما لم يقوموا بأي عمل سياسي طوال حياتهم، ولكن حماسهم ورغبتهم في محو ظلام الخوف والقهر دفعهم للمضي قدما نحو غاياتهم. محمود أحمد محمود، 26 عاما، ديبلوم صناعي، لا يعمل، لديه 4 إخوة، هو أصغرهم، لم يتزوج بعد لكن والدته كانت تنوي أن تخطب له بحلول الصيف. أخته منى في مدينة السويس ارتدت السواد وحملت صورته، قالت إن شقيقها نزل الشارع يوم 25 يناير بعد أن طفح به الكيل، فلا عمل له ولا كرامة لأهالي حي الأربعين من رجال الشرطة. لم يكن الشهيد محمود أحمد يدري أن مجرد قوله "لا" في وجه رجال الشرطة في عيدهم سوف ينهي حياته برصاصاتهم الغادرة، وأن محمود سيكون أحد ضحايا "مذبحة" حي الأربعين التي وقعت يوم جمعة الغضب 28 يناير. شقيقته قطبت وجهها وهي تكمل رواية استشهاد أخيها وقالت: "والدتي كانت تقيم عندي في هذه الفترة ولم يرجع محمود منزله مساء جمعة الغضب 28 يناير والاتصالات كانت مقطوعة، لم نعرف أنه مات إلا فجر السبت". وتضيف منى: "وصلنا خبر إن محمود أصيب وهو ينزف في المستشفى.. هرعنا دون أن نقول شيئاً لأمِّي.. لكن حينما وصلنا، كان قد مات.. غسَّلوه وكفنوه أيضاً.. ولم يكن هناك أي طبيب شرعي في المستشفى"، وتابعت "على الرغم من أن أخي قتل برصاصة في ظهره وخرجت من قلبه إلا أن التقرير الطبي زعم أن الرصاصة استقرت في الصدر". والدة محمود منهارة للغاية دموعها لم تتوقف منذ وفاة ابنها الأصغر فابنها الذي لم يدخل "دنيا" كما تقول شقيقته كان روحَها، وكانت تريد أن تفرح به، لكن منى قالت إن دم أخيها لن يذهب هدرا وأن حقه لن يضيع، ولن يسكت أهالي السويس حتى ينزاح الضباط الذين قتلوا أبناءنا وإخوتنا.