هناك من ادعى على مر العصور بعلمه بأحداث ستحدث وآخرون أوهموا أنفسهم ومن معهم باطلاعهم على الغيب وكل هذا ثبت زيفه وكذبه بمرور الأيام والأحداث. إلا أن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم بما أخبرنا به عن الأحداث والوقائع التي كانت في حياته وبعد مماته لدليلا على تفضيل الخالق لأعظم مخلوقاته محمد صلى الله عليه وسلم بالعديد من أوجه الإعجاز ليس في الدنيا فحسب بل وفي الآخرة وما يحدث بها بإذن الله. فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم حينما قام بالناس خطيباً فأخبرهم بما هو كائن إلى يوم القيامة يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: قام فينا النبي - صلى الله عليه وسلم - مُقاما فأخبرنا عن بدء الخلق حتى دخل أهل الجنة منازلهم وأهل النار منازلهم حفظ ذلك من حفظه ونسيه من نسيه. رواه البخاري. كما بشر الرسول أصحابه بالشهادة فقد أخبر باستشهاد عمر بن الخطاب وعثمان بن عفّان رضي الله عنهما. وقال عن عمّار بن ياسر رضي الله عنه: ( ويح عمار تقتله الفئة الباغية) رواه البخاري وكان يقول عند زيارته أم ورقة: (انطلقوا بنا نزور الشهيدة) رواه أحمد. وأخبر ثابت بن قيس رضي الله عنه باستشهاده فقال: يا ثابت ألا ترضى أن تعيش حميدا وتقتل شهيدا وتدخل الجنة رواه الحاكم ويضاف إلى ذلك إخباره عليه الصلاة والسلام عن مقتل قادة المسلمين الثلاثة في معركة مؤتة في اليوم الذي قُتلوا فيه. وعن أهله فقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم أن أسرع أزواجه لحوقًا به أطولهن يدًا فكانت زينب رضي الله عنها لطول يدها بالصدقة وأخبر أن ابنته فاطمة رضي الله عنها أول أهله لحوقًا به فتوفيت رضي الله عنها بعد أقل من ستة أشهر من وفاة أبيها. وعن المستقبل العديد من الأحاديث منها انتشار الإسلام بين ربوع الأرض وانتشار الأمراض وزوال الممالك. فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بانتشار الإسلام والتمكين له واتساع رقعته فعن خباب بن الأرت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله أو الذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون) رواه البخاري. وعن ثوبان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوى لي منها وأعطيت الكنزين الأحمر والأبيض) رواه مسلم. ومن جملة ما أخبر به صلى الله عليه وسلم - طاعون عمواس - الذي حدث في الشام وكان سبباً في موت كثير من الصحابة - وكثرة المال واستفاضته كما حدث في زمن الخليفة العادل عمر بن عبدالعزيز. ومن ذلك أيضا إخباره بفتح الشام وبيت المقدس وفتح اليمن ومصر وركوب أناس من أصحابه البحر غزاةً في سبيل الله وإخباره صلى الله عليه وسلم عن غلبة الروم لأهل فارس خلال بضع سنين كما في سورة الروم. ومن الأمور الغيبية التي أخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم زوال مملكتي فارس والروم ووعده لسراقة بن مالك رضي الله عنه أن يلبس سواري كسرى وهلاك كسرى وقيصر وإنفاق كنوزهما في سبيل الله. كما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله) رواه البخاري وفي يوم الخندق شكا الصحابة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم صخرة لم يستطيعوا كسرها فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذ الفأس وقال: (بسم الله) فضرب ضربة كسر منها ثلث الحجر وقال: (الله أكبر أعطيت مفاتيح الشام والله إنى لأبصر قصورها الحمر من مكاني هذا) ثم قال: (بسم الله) وضرب ثانيةً فكسر ثلث الحجر فقال: (الله أكبر أعطيت مفاتيح فارس والله إنى لأبصر المدائن وأبصر قصرها الأبيض من مكاني هذا) ثم قال: (بسم الله) وضرب ضربة كسرت بقية الحجر فقال: (الله أكبر أعطيت مفاتيح اليمن والله إنى لأبصر أبواب صنعاء من مكاني هذا) رواه أحمد. وقد فتح الله تلك الممالك على يد المسلمين في عصور الخلافة وقام عمر رضي الله عنه بإلباس سراقة رضي الله عنه سواري كسرى.