إنّ معجزات النّبيّ محمّد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ودلائل نبوّته في إخباره عن أمور غيبية لا يمكن حصرها، ومنها فتح مصر ودخول أهلها الإسلام. عن أبي بصرة عن أبي ذر رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم: ''إنّكم ستُفْتَحون مصر، وهي أرض يسمّى فيها القيراط، فإذا فتحتموها فأحسنوا إلى أهلها فإنّ لهم ذمّة ورحمًا -أو قال: ذمّة وصهرًا- فإذا رأيت رجلين يختصمان فيها في موضع لبنة فاخرج منها، قال: فرأيتُ عبد الرحمن بن شرحبيل بن حسنة وأخاه ربيعة يختصمان في موضع لبنة فخرجتُ منها''، رواه مسلم. قال الإمام النووي: قال العلماء: القيراط جزء من أجزاء الدينار والدرهم وغيرهما، وكان أهل مصر يكثرون من استعماله والتكلّم به، وأمّا الذِّمَّة فهي الحُرمة والحقّ، وهي هنا بمعنى الذمام، وأمّا الرّحم فلكون هاجر أم إسماعيل منهم، وأمّا الصِّهر فلكون مارية أم إبراهيم، ابن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، منهم. ومن ذلك إخباره باستشهاد بعض أصحابه كعمر وعثمان رضي اللّه عنهما، وأنّ أسرع أزواجه لحوقًا به بعد موته أطولهن يَدًا، فكانت زينب رضي اللّه عنها لطول يدها بالصَّدَقة، وأخبر أنّ ابنته فاطمة رضي اللّه عنها أوّل أهله لحوقًا به، فتوفّيت بعد أقلّ من ستة أشهر من وفاته، إلى غير ذلك من أخبار كثيرة..