فشل أوروبي... الهجرة تتزايد مجدداً عبر المتوسط ** عاد ملف المهاجرين مجدداً إلى الواجهة في أوروبا خصوصاً مع الفشل في منع تدفقهم عبر البحر المتوسط. إيطاليا التي تستقبل سواحلها النسبة الأكبر تهدد الشمال الأوروبي بفتح الحدود أمام هؤلاء الهاربين من الموت إلى الموت ق.د/وكالات تبرز قضية الهجرة مجدداً لتسلط الضوء على الخلاف الأوروبي في خصوصها. التراشق الإيطالي - النمساوي وصل إلى قمته هذا الصيف بتهديد فيينا بنشر جيشها لمنع تدفق المهاجرين. بعض الدول الأوروبية الأخرى ومنها دول في الشمال تدعو روما لاتخاذ خطوات أخرى و وقف نقل مراكب المهاجرين من البحر المتوسط إلى السواحل الإيطالية بل إعادتهم إلى الشاطئ الجنوبي . بالإضافة إلى ذلك ينعكس الخوف من المهاجرين في أقاليم إيطاليا الشمالية هذا الصيف باستغلال يميني لحصد مزيد من الشعبية كما هو الحال في النمسا حيث تتعالى أصوات لجذب أصوات الناخبين قبل 3 أشهر من الانتخابات العامة محذرة من تدفق البنغاليين نحو أوروبا . أرقام جديدة غير بعيد عن الجدل الأوروبي المتواصل منذ عام 2014 يشبّه البعض هذا المأزق ب حلقات مسلسل طويلة غير منتهية بحسب صحيفة لوموند الفرنسية. عام 2015 قدّرت منظمات الهجرة تدفق نحو مليون إنسان إلى أوروبا. العام الماضي انخفض العدد إلى 360 ألفاً وهو ما يردّه البعض إلى الاتفاق التركي الأوروبي لمنع إبحار اللاجئين نحو اليونان وإعادة من يصلون والإغلاق الكامل لطريق البلقان. المخاوف الأوروبية الجديدة تتعلق أيضاً بنوعية المهاجرين الآتين أخيراً وكذلك ما يجري على الشواطئ الليبية من ممارسات بشعة . فالحقيقة التي لا يمكن إخفاؤها بالنسبة لمختصي مسارات الهجرة هي الموت الذي يترافق مع الإبحار بمراكب التهريب مع مقتل نحو 2400 إنسان في 6 أشهر فقط وهم من كشفت عنهم تقارير المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. يأتي ذلك إلى جانب ما تكشفه أهوال الاستغلال البشع في الطريق نحو شواطئ التهريب في شمال أفريقيا بأثمان بشرية يكشف عن بعضها وأخرى يخشى من كونها غير مكتشفة بعد. يبدو أن هذا المسلسل مستمر إلى ما لا نهاية بالرغم من كلّ الكلام عن وجوب إيجاد حلول جذرية في دول المنشأ والدفع نحو حلّ سياسي أمني في ليبيا بصفتها باباً رئيساً للتهريب. فقد عبّر نائب رئيس المفوضية السياسي الهولندي فرانس تيمرمانس عن استمرار هذه الأزمة بالقول مسألة الهجرة لن تختفي اليوم أو غداً ولا العام المقبل ولا في العقد أو العقدين المقبلين هي ظاهرة عالمية ستبقى قائمة لأجيال . منذ بداية العام الحالي 2017 وحتى منتصف يوليو/ تموز الماضي شهدت الشواطئ الأوروبية استقبال نحو 103 آلاف مهاجر بحراً من شواطئ جنوب المتوسط. وكان نصيب إيطاليا العدد الأكبر بنحو 90 ألفاً بينما تزايدت أعداد الواصلين إلى إسبانيا بواقع 6524 مهاجراً. ولم تكن قبرص بعيدة عن استقبال المئات أيضاً إلى جانب استمرار وصول القوارب إلى الجزر اليونانية بالرغم من الاتفاق مع أنقرة. وفي حين طغت أعداد السوريين على الواصلين إلى الشواطئ الأوروبية خلال مواسم الهجرة الأخيرة فإنّ القلق الأوروبي الحالي هو بسبب التدفق الأفريقي الكبير بنسب تفوق 60 في المائة. وتتربع نيجيريا بنحو 15 في المائة قائمة دول المنشأ الأفريقي وساحل العاج ب10 في المائة والمغرب وإريتريا ب5 في المائة لكلّ منهما. مع ذلك فإنّ أرقام الأممالمتحدة تلك التي تبرز انخفاض نسبة السوريين إلى نحو 6 في المائة من مهاجري القوارب تقلق الأوروبيين وتدفعهم إلى التركيز على بنغلادش كدولة منشأ جديدة. انعكاسات مقلقة عبّر وزير الهجرة واللجوء البلجيكي ثيو فرانكين بوضوح عن عمق الأزمة الأوروبية في ما يتعلق ب جنون مساهمة البعثة الأوروبية في المتوسط بإنقاذ وسحب مراكب المهاجرين غير الشرعيين نحو الشواطئ . فلو كان الأمر في يد هذا السياسي وهو من الحزب الشعبوي الفلمنكي فإنّ ما يجب أن تقوم به البعثات البحرية الأوروبية في البحر المتوسط هو التقاط المهاجرين وإنقاذ مراكبهم وإعادتهم إلى الشواطئ الجنوبية. تصريحات فرانكين مع إشارات أخرى من دول أوروبية غير راضية عن زيادة التدفق دفعت منظمات حقوقية والصليب الأحمر في عدد من الدول إلى انتقاد لاذع لتركيز الأوروبيين على منع اقتراب القوارب من الشواطئ وترك الناس يغرقون ويموتون كحلّ وقائي بحسب ما خرج به أمين عام منظمة عون اللاجئين في كوبنهاغن أندرس كام من خلال رسالة مفتوحة وجهها إلى قادة الاتحاد الأوروبي. لكنّ فرانكين أوضح موقفه: بالتأكيد يجب إنقاذ الناس لكن لا يجب جلبهم إلى أوروبا فتلك سياسة خاطئة وتجذب المزيد من المهاجرين . ليست حالة التراشق بين الأوروبيين جديدة ففي عام 2015 برز نزاع إيطالي - فرنسي شبيه بما هو عليه في جويلية 2017 بين روما من جهة وعدد من الدول الأوروبية. أرقام مرعبة خلال نصف عام منذ حانفي وحتى 13 جويلية وصل إلى السواحل الإيطالية نحو 90 ألفاً ممن تطلق عليهم تسمية كلانديستيني كتعبير عن المهاجرين غير الشرعيين في إيطاليا. هؤلاء المهاجرون الذين ينتشرون في معسكرات مؤقتة وفي الشوارع الإيطالية بعدد يفوق 200 ألف يثيرون مخاوف كثيرة. فبين سياسة أوروبية ترغب بوقف تدفق هؤلاء من شواطئ شمال أفريقيا خصوصاً الشواطئ الليبية واتهامات إيطالية لدول الاتحاد الأوروبي ب التخلي عن مساعدتها ومساعدة اليونان في الأزمة يتدفق أسبوعياً الآلاف من مهاجري القوارب. إلى جانب السجال بين روما وفيينا ودول اسكندنافيا القلقة من معطيات الهجرة واللجوء إلى البر الأوروبي يبرز داخل إيطاليا استغلال واضح لهذه الأزمة. فالسياسيون في روما يجدون أنفسهم تحت ضغط كبير بسبب تعالي الأصوات الداخلية المطالبة بوقف الهجرة تماماً وقد هددوا الدول الأوروبية الأخرى بأنّها إذا لم تتحرك نحو سياسة توزيع فعالة للاجئين فإن إيطاليا ستفتح أبوابها شمالاً لتوزيعهم نحو الدول الأوروبية .