الأقلية المسحوقة: تاريخ من الاضطهاد والظلم ** كثيرا ما كان الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي مون يعبر عن قلقه حتى تعب العالم من هذا القلق. خلفه أنطونيو غوتيريس هو الآخر بدأ يلجأ إلى هذه الطريقة الباردة والمحايدة في التعبير عن موقفه من أزمات وحروب العالم المشتعلة. ق.د/وكالات غوتيريس يعبر عن قلقه الشديد وهو يقرأ ويشاهد التقارير التي تتحدث عن فرار أكثر من 35 ألف مسلم من الروهينغيا من جحيم الاضطهاد الذي تمارسه الحكومة والرهبان ومليشيات بوذية متطرفة في ميانمار (بورما). مأساة الروهينغيا لم تثر الكثير من القلق أيضا لدى الدول الإسلامية والعربية المشغولة حاليا بحروبها الداخلية ومناكفاتها السياسية. لكن التراخي الإسلامي والعربي يقابله اهتمام كبير من قبل البابا فرنسيس حيث سيكون ملف الروهينغيا في قلب زيارة غير مسبوقة يقوم بها في أواخر تشرين الثاني/ نوفمبر القادم لهذا البلد البوذي في غالبيته. ويعيش الروهينغيا منذ عقود في غرب ميانمار ويتحدث هؤلاء المسلمون السنة شكلا من أشكال الشيتاغونية وهي لهجة بنغالية مستخدمة في جنوب شرق بنغلادش. ويقيم نحو مليون منهم مخيمات لاجئين خصوصا في ولاية راخين (شمال غرب البلاد) ويرفض نظام ميانمار منحهم الجنسية البورمية. وينص القانون حول الجنسية الصادر في 1982 على أنها وحدها المجموعات الإثنية التي تثبت وجودها على أراضي ميانمار قبل 1823 (قبل الحرب الأولى الإنكليزية-البورمية التي أدت إلى الاستعمار) يمكنها الحصول على الجنسية لذلك حرم هذا القانون الروهينغيا من الحصول على الجنسية لكن ممثلي الروهينغيا يؤكدون أنهم كانوا في ميانمار قبل هذا التاريخ بكثير. وفر آلاف منهم من ميانمار في السنوات الأخيرة بحرا باتجاه ماليزيا وإندونيسيا واختار آخرون الفرار إلى بنغلادش حيث يعيش معظمهم في مخيمات. ويعتبر أفراد الروهينغيا أجانب في ميانمار وهم ضحايا العديد من أنواع التمييز مثل العمل القسري والابتزاز والتضييق على حرية التنقل وقواعد الزواج الظالمة وانتزاع أراضيهم كما أنه يتم التضييق عليهم في مجال الدراسة وباقي الخدمات الاجتماعية العامة. ومنذ عام 2011 مع حل المجلس العسكري الذي حكم ميانمار لنحو نصف قرن فقد تزايد التوتر بين الطوائف الدينية في البلاد. وما انفكت حركة رهبان بوذيون قوميون في السنوات الأخيرة تؤجج الكراهية معتبرة أن الروهينغيا المسلمين يشكلون تهديدا لميانمار البلد البوذي بنسبة 90 بالمائة. في عام 2012 اندلعت أعمال عنف كبيرة في البلاد بين البوذيين والأقلية المسلمة أوقعت نحو 200 قتيل معظمهم من الروهينغيا. وتبلغ نسبة الأقلية المسلمة في ميانمار 4 من إجمالي عدد السكان الذي يصل إلى 51 مليون نسمة بحسب إحصاءات عام 2007 الرسمية. ويتحدر المسلمون في البلاد من عدة مجموعات عرقية أبرزها الروهينغيا التي لا تعترف بها السلطات مكونا من مكونات الدولة وتدعي أنهم مهاجرون جاؤوا من بنغلادش. وفي أكتوبر في عام 2016 سجلت حملة عنف حين شن الجيش البورمي عملية إثر إدعاءات حكومية بمهاجمة مسلحين مراكز حدودية في شمال ولاية راخين(راكين). وتجددت الحملة العسكرية العنيفة التي يشنها الجيش ضد الروهينغيا الشهر الماضي بعد أيام من تسليم الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة كوفي عنان لحكومة ميانمار تقريرا نهائيا بشأن تقصي الحقائق في أعمال العنف ضدهم في ولاية أراكان. إلا أن الحكومة ردت بتحقيق توصلت فيه إلى أنه لا توجد أدلة على جرائم وأن الناس من الخارج قاموا بتزييف الأخبار وادعوا أن عملية إبادة قد حصلت بحسب رد حكومة ميانمار. وكان ناشطون بثوا صورا وتسجيلات تظهر إحراق الجيش ومليشيات بوذية عشرات القرى للأقلية المسلمة فيما تحدثت تقارير عن مقتل العشرات في العمليات التي استهدفتهم. وتظهر التسجيلات ما قال الناشطون إنها غارات للجيش أدت لتدمير عشرات القرى شمال إقليم أراكان إضافة لصور تظهر جثث عشرات الضحايا المدنيين ممن سقطوا خلال الحملة العسكرية. وشهدت ميانمار نزوحا كبيرا من الروهينغيا المسلمين باتجاه الحدود مع بنغلادش إثر حملة القمع التي يتعرضون لها والاضطهاد العنصري. ونزح أكثر من 35 ألفا من الروهينغيا المسلمين باتجاه الحدود بين ميانمار وبنغلادش وكان بعضهم مصابا بأعيرة نارية. وبدأ بعض المسلمين بمحاولة صد الهجمات ضدهم لحماية أنفسهم من المتطرفين البوذيين في شمال ولاية راخين الجمعة الماضي وعلى إثر ذلك قامت الحكومة بإجلاء الآلاف من مسلمي الولاية. وتكتفي الأممالمتحدة بالتنديد بهجمات المسلحين وتحاول الضغط على ميانمار ل حماية أرواح المدنيين دون تمييز فيما تناشد بنغلادش السماح بدخول الفارين إليها من الهجوم المضاد الذي شنه الجيش حيث تستضيف بنغلادش بالفعل أكثر من 400 ألف من لاجئي الروهينغيا الذين فروا من ميانمار ذات منذ أوائل التسعينيات. من تناقضات الموقف في ميانمار أن رئيسة الحكومة هي أون سان سو تشي الحاصلة على جائزة نوبل في السلام والتي برزت على الساحة السياسية بعد عقود من الدكتاتورية العسكرية. وتعرضت حاملة نوبل لانتقادات خلال السنوات الأخيرة بسبب موقفها من حقوق وحماية الروهينغيا المضطهدين في البلاد حتى إن الزعيم الروحي البوذي العالمي الدالاي لاما غضب من صمتها إزاء محنتهم فناشدها علنا اتخاذ موقف. وتنفي سو تشي وجود حملة تطهير عرقي لمسلمي الروهينغيا في البلاد بالرغم من تأكيد العديد من التقارير الدولية تعرضهم للقمع والتعذيب إذ اعتبرت في مقابلة مع بي بي سي استخدام عبارة تطهير عرقي لوصف وضعهم في البلاد يعد أمرا مبالغا فيه . نحن أمام جريمة ضد الإنسانية توجه فيها أصابع الاتهام نحو الحكومة في ميانمار والجيش والبرلمان والمؤسسة الدينية البوذية التي يقود رهبانها أبشع العمليات الانتقامية ضد من وصفتهم الأممالمتحدة ب الأقلية الدينية الأكثر اضطهادا في العالم . تركيا تدعو لقمة اسلامية إلى ذلك قالت تركيا إنها ستدعو لعقد قمة لمنظمة التعاون الإسلامي لمناقشة أوضاع مسلمي الروهينغا في ميانمار والبحث عن حل جذري لمشكلتهم وذلك في ضوء تقارير دولية تحدثت الجمعة عن فرار نحو 38 ألفا منهم بسبب أعمال القتل التي يمارسها الجيش البورمي والمليشيات البوذية ضدهم منذ أيام في إقليم أراكان. ونقلت وكالة الأناضول للأنباء عن وزير الخارجية مولود تشاووش أوغلو قوله مساء الجمعة إن قمة ستعقد بمبادرة من الرئيس رجب طيب أردوغان على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك في ال 19 من الشهر الجاري. وأضاف الوزير التركي أن عددا من زعماء الدول المهتمة بالأزمة سيشاركون في القمة كما أنه سيحضرها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش مؤكدا أن بلاده تعمل من أجل إنهاء الظلم الذي يتعرض له الروهينغا في إقليم أراكان وأن الرئيس أردوغان بحث في وقت سابق اليوم الأوضاع هناك في اتصالات هاتفية مع عدد من زعماء العالم . وكان جيش ميانمار أقر في بيان صحفي صادر عنه بقتله ما لا يقل عن 370 من مسلمي الروهينغا في عملياته المستمرة بالإقليم منذ 25 آب/ أغسطس المنصرم فيما كشف المجلس الأوروبي للروهينغا الاثنين الماضي عن مقتل ما بين ألفين وثلاثة آلاف مسلم في هجمات للجيش خلال ثلاثة أيام فقط. يأتي ذلك بينما يواصل ناشطون على مواقع التواص الاجتماعي توثيق عمليات الحرق التي تقوم بها قوات الجيش البورمي والميليشيات البوذية لقرى بأكملها في إقليم أراكان فيما يواصل الآلاف منهم النزوح الى حدود بنغلادش. من هم الروهينغا؟ يعيش نحو مليون من الروهينغا منذ عقود في غرب ميانمار بعضهم في مخيمات لاجئين خصوصاً في ولاية راخين. هؤلاء المسلمون السنّة يتحدثون شكلاً من أشكال الشيتاغونية وهي لهجة بنغالية مستخدمة في جنوب شرق بنغلادش. بدأت معاناة هؤلاء خصوصاً مع رفض نظام ميانمار منحهم الجنسية معتمداً على قانون الجنسية الصادر في العام 1982 الذي ينصّ على أنه وحدها المجموعات الإثنية التي تثبت وجودها على أراضي ميانمار قبل 1823 (قبل الحرب الأولى الانكليزية - البورمية التي أدت إلى الاستعمار) يمكنها الحصول على الجنسية. لذلك حرم هذا القانون الروهينغا من الحصول على الجنسية. لكن ممثلي الروهينغا يؤكدون أنهم كانوا في ميانمار قبل هذا التاريخ بكثير. يُعتبر أفراد أقلية الروهينغا أجانب في ميانمار وهم ضحايا العديد من أنواع التمييز مثل العمل القسري والابتزاز والتضييق على حرية التنقل وقواعد زواج ظالمة وانتزاع أراضيهم. كما يتم التضييق عليهم في مجال الدراسة وباقي الخدمات الاجتماعية العامة. ومنذ العام 2011 مع حل المجلس العسكري الذي حكم ميانمار لنحو نصف قرن تزايد التوتر بين الطوائف الدينية في البلاد. وما انفكت حركة رهبان بوذيين قوميين في السنوات الأخيرة تؤجج الكراهية معتبرة أن الروهينغا المسلمين يشكّلون تهديداً لميانمار البلد البوذي بنسبة 90 في المائة.