أكّد سكان حي ديار الباهية بالمدنية في الجزائر العاصمة، أنهم لن يغادروا الشارع هذه المرّة، ولن يوقفوا احتجاجهم إلى غاية النّظر في مطالبهم وتلبيتها فعليا ونهائيا بعد أن سئموا الوعود وتماطل السلطات في تلبية مطلبهم الشرعي والرئيسي وهو ترحيلهم إلى سكنات اجتماعية لائقة· الوقفة الاحتجاجية التي بدأها سكان الباهية قبل نحو عام عادوا واستأنفوها مجدّدا صبيحة أوّل أمس، حيث قاموا بالاحتجاج على أوضاعهم المزرية بحرق العجلات المطاطية وغلق كافّة الطرق المؤدّية إلى ساحة البلدية قبل أن يمنعوا موظّفي هذه الأخيرة صبيحة أمس أيضا من الالتحاق بمناصب عملهم إلى غاية النّظر الفعلي في مطالبهم· وقال ممثّل السكان في حديثه ل "أخبار اليوم" إن احتجاجهم هذه المرّة سيتّخذ شكلا أكثر حزما، سيّما وأنهم يحاولون منذ أكثر من 20 يوما إيفاد لجنة لمقابلة الوالي المنتدب الجديد ل "سيدي امحمد" الذي وعدهم بمقابلتهم خلال أسبوع دون أن يحصل ذلك· وأكّد محدّثنا أن السكان سئموا نهائيا من هذا الوعود وما أسماه بتماطل السلطات المعنية في الاستجابة لانشغالاتهم، خاصّة بعد تغيير الوالي المنتدب للدائرة الإدارية ل "سيدي امحمد"· حيث قال ممثّل السكان إن الوالي الجديد قال إنه لا يعلم شيئا عن الملف لكنه أكّد أنه سيقوم بدراسة الملف المطروح قبل مجيئه· وأضاف مواطن آخر من سكان ديار الباهية المعتصمين أمام البلدية والمحتجّين على الأوضاع المعيشية الكارثية والمزرية التي يتخبّطون فيها منذ سنوات ما قبل الاستقلال، أن العمارة لم تعد تحتمل أكثر، وهي مهدّدة بالانهيار في أيّ لحظة فوق رؤوس سكانها، بدليل أن سلالمها أضحت هشّة للغاية بعد أن تآكلت كلّيا، كما أن أسوار العمارة صارت أكثر ما يهدّد حياة السكان من الأطفال والعجزة والمرضى، وقد شهدت حادثة أليمة عندما سقط طفلا منها قبل مدّة ولقي حتفه نتيجة هشاشة السور والبناء عامّة· وأكّد ممثّل عن سكان ديار الباهية أيضا أن السلطات المحلّية طالبتهم قبل نحو عام، أي منذ انطلاقة وقفتهم الاحتجاجية الأولى بتنظيم أنفسهم وتشكيل لجنة للتحدّث باسم الحي وطرح انشغالات سكانه، وهو ما قاموا به فعلا، حيث قاموا بتأسيس جمعية لذلك وقد حاولوا مرارا التعامل بكلّ موضوعية وبطريقة حضارية على أساس الحوار المتبادل سواء مع البلدية أو مع الوالي المنتدب وإنما لم ينته ذلك حسبه إلى نتيجة ملموسة، ولم يسهم ذلك إلاّ في إطالة فترة انتظارهم، وفي تزايد قلق واستياء وتذمّر السكان، ما بات يهدّد بانفجار الوضع بعد أن عجز عقلاء الحي عن تهدئة الأوضاع أكثر من ذلك، فيما يقول إن سكان الباهية شاهدوا ويشاهدون علميات الترحيل التي مسّت عدّة أحياء بعيدة ومجاورة دون أن تمسّهم العملية، رغم أن عددهم ليس بالكبير فهم لا يتجاوزون ال 200 عائلة ومن الممكن جدّا إيجاد إمكانية لترحيلهم إلى سكنات اجتماعية لائقة في أقرب فرصة وانتشالهم من الحالة الكارثية التي يعيشونها في منازل حي ديار الباهية المكوّنة من غرفة واحدة لا تتجاوز مساحتها 27 م مربّع، وتفتقر إلى أدنى ضروريات الحياة كالمطبخ والمرحاض والغاز وانفجار قنوات الصرفي الصحّي وانتشار الأمراض التنفّسية والصدرية وعدّة أمراض أخرى وسط السكان، ناهيك عن جملة من المشاكل الاجتماعية التي يتخبّط فيها سكانها أيضا، كانتشار الآفات الاجتماعية وتأخّر سنّ الزّواج وتفريق الأبناء على بقّية الأقارب وغيرها· كما قال السكان إنهم عازمون على مواصلة احتجاجهم إلى غاية تلبية مطلبهم الأساسي وهو ترحيلهم في أقرب فرصة، حيث قالوا إنهم ملّوا سماع الوعود ولا يرضون بغير قرارات الترحيل تسلّم لهم في أقرب الآجال لأنهم غير مستعدّين للانتظار أكثر مادامت وضعيتهم معروفة، سواء لدى البلدية أو لدى مصالح الدائرة الإدارية التي ينتمون إليها منذ عدّة سنوات، وقد سبق وأن تلقّوا وعودا بتلبية مطالبهم قبل نحو عام تقريبا ويريدون حاليا تجسديها على أرض الواقع· من جهته، قال رئيس بلدية المدنية السيّد موفق عبد الرزاق في تصريح ل "أخبار اليوم" إن مطالب السكان مشروعة، وأنهم بالفعل يعانون من أزمة سكن خانقة منذ عدّة سنوات، ولكنه أضاف أن الأمر ليس بيد البلدية وان على السكان التعقل و الانتظار إلى غاية تلبية مطالبهم التي تمّ أخذها بعين الاعتبار وإيجاد حلّ نهائي ومرضي لأزمتهم· وقال السكان إنهم سيبقون في الشارع معتصمين أمام البلدية المحاذية لحيّهم إلى غاية توصّلهم إلى حلّ نهائي واستقبالهم من طرف الوالي المنتدب ل "سيدي امحمد" وترحيلهم إلى سكنات لائقة، ف 60 سنة من الانتظار حسبهم تكفي·