عندما تتحول الاسلاموفوبيا إلى قانون في الدول الأوروبية ** تشهد الدول الأوروبية في الآونة الأخيرة انتشار غير مسبوق لظاهرة الاسلاموفوبيا بحيث أصبحت المسلمات في هذه البلدان اكثر عرضة لهذا الداء الذي سرعان ما تحول من اعتداءات فردية إلى قوانين تسنها هذه الدول للتضييق على المسلمين وعلى رأسها الحجاب والمساجد. ق.د/وكالات أحدث فوز حزب البديل الألماني اليميني المتطرف والذي جاء في المركز الثالث في الانتخابات بنسبة 12.06 لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية تخوفا كبيرا لدى كثير من الأجانب خاصة العرب والمسلمين لا سيما أن سياسات طرد الأجانب ومعاداة الإسلام وعدم السماح باستقبال لاجئين هي الأهداف التي يسعي إليها الحزب المتطرف. وفي هذا الإطار قال الباحث في الإعلام بجامعة هامبورغ وسام عامر إن فوز حزب البديل يمهد الطريق أمامه للدخول للبرلمان الألماني وبقوة كونه احتل المركز الثالث من كتلة التصويت وهذه المرة الأولى من نوعها لحزب يميني متطرف منذ الحرب العالمية الثانية وهو يقلق الأجانب بشكل كبير . وأضاف ف النسب كانت مختلفة بصعود اليمين في الولايات الألمانية الست عشرة ففي مدينة هامبورغ شمالا -مثلا- لم يفز الحزب مقارنة بمقاطعة ساكسونيا التي اكتسح فيها حزب البديل وهذا يعكس توجهات الناخب الألماني في هامبورغ كون الاشتراكيين هم المسيطرون هنا منذ زمن وهذا يعني عدم تنامي شعبية اليمينين وأن مدى تأثيره في مقاطعة هامبورغ ستكون محدودة . وحول تأثير صعود اليمين على الأجانب أوضح عامر أنه لا شك في أن فوز حزب البديل اليميني سينعكس بشكل كبير عليهم لا سيما اللاجئين كما يعني أن سياسة الباب المفتوح التي انتهجتها المستشارة ميركل سوف تلقى المزيد من المعارضة وهو ما سيدفعها لتغيير سياساتها ربما وسيجعلها تضع سياسيات وقرارات أكثر حدة تؤدي لترحيل آلاف اللاجئين أو تشديد قوانين الإقامة والعمل. ويلفت عامر إلى أن فوز اليمين سوف يكون له آثار سلبية على وجود المسلمين في ألمانيا أيضا ما سيزيد من العنصرية في المجتمع الألماني والتفريق بين ما هو ألماني مسلم وغير مسلم وأن هذا الصعود سيؤدي لرفع مستوى الكراهية التي ستدفع لأحداث عنف من قبل مناصريهم ضد المسلمين خصوصا النساء. من جهتها قالت منظمة هيومن رايتس ووتش في تقرير سابق لها بعنوان التمييز باسم الحياد: الحظر على حجاب المعلمات والموظفات العموميات في ألمانيا إن الحكومة الألمانية تحظر الرموز الدينية والزي الديني للمعلمات ولغيرهن من العاملات في الوظائف العامة مما ينطوي على التمييز ضد النساء المسلمات اللاتي يرتدين الحجاب. ويستند التقرير الذي جاء في 67 صفحة والمنشور على موقع المنظمة إلى أبحاث موسعة استغرقت 8 أشهر لتحليل الآثار الحقوقية الناجمة عن الحظر وأثره على حياة المعلمات المسلمات ومنهن من يشتغلن بالتعليم منذ سنوات وانتهى إلى أن الحظر تسبب في تخلي بعض النساء عن عملهن أو هجر ألمانيا حيث عشن طيلة حياتهن. ولدى صدور التقرير برر المسؤولون الألمان الحظر على أساس أن المعلمات عليهن واجب ضمان بقاء المدارس مُحايدة في ما يخص الدين والهوية. لكن بحسب التقرير فإنه لا يوجد دليل على أن سلوك المعلمات ينتهك هذا الواجب. لكن الحظر يستند إلى فكرة أن مجرد ارتداء الحجاب يخلّ بالحياد وهي الحجة ذاتها التي استندت إليها المحكمة الدستورية الاتحادية في مدينة كارلسروه بعد 7 سنوات من صدور التقرير السابق إذ أكدت في نهاية جوان الماضي أن قرار منع الطالبة المحجبة جاء على أساس حياد الدولة في إجراءات المحاكم وهو ما يفوق الحرية الدينية والحقوق الأساسية والمهنية للطالبة ولفت إلى أن مصالح ولاية هيسن تسود انطلاقا من تعزيز فكرة الحياد الفكري والديني للدولة. واعتبرت حيثيات الحكم التي اطلع عليها معد التحقيق أن عدم مشاركة الطالبة في التدريب المذكور لن يكون له تأثير إضافي على تحصيلها العلمي وأن المتدرب القانوني يعمل كممثل لسلطة الدولة ومبدأ الحياد يجب أن يحترم والملابس بنظر المحكمة لها دلالة دينية تنتهك مبدأ الحياد في القضاء ولذلك فإن المتدربات من المحجبات يثرن الشكوك بحيادهن وهو ما يعتبره المحامي بركان ذريعة لأن الإنسان خاضع في الأساس لحرية الضمير وللفرد الحق في أن يمتلك ذهنه كما جسده وحرية تفكيره ملكه ويعتمد في أحكامه واختياراته على قناعته الوجدانية أيضا ولا يمكن أن يتأثر بأي دين من الأديان من دون أن ينتقص ذلك من وطنيته لافتا إلى أن عدم التسامح العقائدي الذي يعتري السلطة القضائية وخوفها من أن تعمل المحاكمات لخدمة عقيدة أو إيديولوجية معينة دفعها إلى اتخاذ قرار مجحف بحق المتدربة. حمى التمييز لكن الباحث في مبادرة النخبة الممتازة لدراسات الدين والسياسة بجامعة مونستر في ألمانيا السيد الرحماني يرى ضرورة وضع هذا الحكم ضمن سياق صدوره إذ عقب صدور الحكم الأولى رفعت المتدربة دعوى مستعجلة للتظلم من هذا القرار أمام المحكمة الإدارية بمدينة فرانكفورت-أَمْ-ماين استنادا إلى كونه قرارا مجحفا فيه تمييز عنصري ضدها كمسلمة يأمرها دينها بالتزام لباس معين فقبلت محكمة فرانكفورت الدعوى المستعجلة وكان رد الفعل من جانب وزارة العدل هو التقدم إلى المحكمة الإدارية بمدينة كاسل بشكوى تعترض فيها على قبول الدعوى المستعجلة فجاء حكم المحكمة الأخيرة في مدينة كاسل لصالح وزارة العدل على أساس وجود مستند قانوني يجعل قرار الوزارة مقبولا. فالأمر إذن متعلق باختلاف في تفسير القانون بين الهيئات القضائية في ألمانيا فثمة جهة تقبل وجهة ترفض ومسوغات الجهة الرافضة في القضية المذكورة لم تكن بسبب ديانة الشخص المتقدم إلى الوظيفة أو العمل وإنما بسبب اعتبارات أخرى متعلقة بمتطلبات الوظيفة من وجهة نظر صاحب العمل لذلك لا يمكن الحديث بالمطلق عن وجود تمييز عنصري في القانون الألماني بسبب الديانة وهذا ليس نفيا بالطبع لوجود أشكال للتميز العنصري ضد المسلمات المحجبات فالتمييز موجود بالفعل في حالات دون أخرى وكل حالة تقدر بقدرها. ولايات ينتشر فيها التمييز تتزايد المضايقات للمحجبات في ولايتي شمال الراين وستفاليا وبادن فورتنمبرغ إذ تتعرض 7 من كل 10 نساء للمضايقات بشكل شبه يومي للتمييز والمضايقات ولا سيما المضايقات اللفظية ناهيك عن الضغط المعنوي والنفسي في مجالات العمل وفق ما تؤكده عضو الحزب الاشتراكي الديمقراطي والناشطة في جمعية رحمة الإسلامية في ولاية هيسن لبنى وارياش ل العربي الجديد مشيرة إلى أن الكثيرات من النساء اعتدن على هذا النوع من التعاطي السلبي وتجاوزن الكثير من العوائق التي زادت حدتها مع تصاعد أزمة اللاجئين والتحليلات المبنية على خلفيات عنصرية مع وصول حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني الشعبوي إلى برلمانات الولايات والبوندستاغ (البرلمان الاتحادي) الذي حل فيه ثالثا في الانتخابات الأخيرة في سبتمبر/أيلول الماضي وهو ما شكل انعطافة سلبية وتسبب بنقمة متزايدة على اللاجئين والمسلمين بشكل عام وعلى المرأة المحجبة بشكل خاص وبات المسلمون البالغ عددهم 4.7 ملايين مسلم بحسب بيانات المكتب الاتحادي للهجرة واللاجئين يتعرضن لضغوط من قبيل دعاوى ضد الموظفات من المحجبات. وهو ما تؤكد عليه الناشطة في جمعية الدعوة الإسلامية ليلى إبراهيم قائلة الواقع الذي تعيشه الكثير من الألمانيات المحجبات ليس بعيدا عما حصل مع المتدربة في محكمة فرانكفورت وهو ما يؤرق العائلات والجمعيات العربية والإسلامية تحديدا لكون الغرب ومنهم الألمان يرون في الحجاب رمزا دينيا يتناقض مع العلمانية رغم الانفتاح الذي عرفت به ألمانيا خاصة في الفترة الأخيرة واستقبالها مواطنين ولاجئين من مختلف الجنسيات لكن الإعلام اليميني عمل على تشويه صورة المرأة المحجبة وساعده في ذلك موجات العنف والترهيب الإعلامي من الإسلاموفوبيا التي أدت إلى تزايد الريبة من المسلمين في ألمانيا بحسب ليلى إبراهيم وزادت الريبة من المسلمين مع تمدد الفكر المتطرف في أوروبا بعد أن ضرب الإرهاب عددا من دولها خلال السنوات الأخيرة وهو ما أثر سلبا على صورة المرأة المحجبة وجعلها محل شبهة وكأنها أحد الداعمين للفكر التكفيري ومصدر للإرهاب. نقاب الدنمارك يعود غير بعيد عنن المانيا تتجه حكومة الدنمارك التي يتزعمها حزب فينسترا الليبرالي بتحالف مع المحافظين والليبراليين الجدد إلى سنّ قانون منع اللثام لاستهداف النقاب والبرقع في البلاد. وفي ضوء المؤتمر العام لحزب رئيس الوزراء لارس لوكا راسموسن يومي السبت والأحد المقبلين تتضح معالم تشكل أغلبية برلمانية داعمة لحظر النقاب والبرقع إثر تغير موقف حزب التحالف الليبرالي الذي بات مؤيداً لهذه الخطوة. وقد انطلقت منذ فترة حملة في الدنمارك قادها حزب الشعب اليميني المتشدد لحث المشرعين على تبني وجهة نظره في الحظر. لكنّ الدعوة بقيت منحصرة في هذا الحزب لفترة طويلة قبل أن تجد صداها لدى يمين ويسار الوسط تدريجياً. وبحسب التوجه الجديد للاتفاق على مشروع القانون الجديد فإنّ حظر النقاب سيسري على منع النساء من ارتدائه في الأماكن العامة من خلال الدفع بقانون يحظر التلثم في الحيز العام وذلك لمنع النقاب (يغطي الوجه من دون العينين) والبرقع (المقصود هو الأفغاني الذي يغطي الوجه كاملاً مع نوع من الشاش على العينين) في الحيز العام كالمدارس والجامعات والمستشفيات وغيرها من الأماكن التي يطلق عليها الأمكنة العامة .