شهدت مصر إقبالاً كثيفاً من قبل المقترعين للتصويت على تعديلات الدستور المصري، وكانت مراكز الاقتراع فتحت أبوابها عند السادسة (بتوقيت غرينتش)، من صباح أمس السبت، في أول عملية اقتراع بعد سقوط نظام الرئيس السابق حسني مبارك. وفتحت صناديق الاقتراع لزهاء 45 مليون مصري مقيدين بقوائم الانتخابات، من مجموع تعداد سكان مصر البالغ نحو 80 مليون نسمة، كما جرت الانتخابات ببطاقة الرقم القومي، ما يحد من عمليات التزوير. وتوزعت كثافة المشاركة في محافظات الصعيد والقاهرة الكبرى والإسكندرية. ففي محافظة أسيوط توافد مئات الآلاف من المواطنين في مدن الغنايم، صدفا، أبوتيج، ديروط، القوصية، أسيوط، البداري، على لجان الاستفتاء من الساعة السابعة قبل أن تفتح اللجان أبوابها بساعة كاملة، وعبّر المواطنون عن سعادتهم بالاستفتاء بتوزيع الحلوى على أنفسهم، مؤكدين أنه تعبير عن نيلهم الحرية من نظام الرئيس مبارك. وعلى الرغم من كثافة الحضور، جرت الأمور في سلاسة واضحة، بينما غاب القضاة عن بعض اللجان مثل لجنة عمر بن الخطاب في قرية أولاد محمد بمركز الغنايم فتم تحويل المواطنين إلى لجان استفتاء أخرى. وتكرر الأمر نفسه في العديد مدن محافظتي سوهاج وقنا مثل طما، المراغة، ساقلته، دشنا، قوص، نجع حمادي، والتي شهدت هي الأخرى إقبالاً كثيفاً منذ الثامنة صباحاً، ونظم بعض المواطنين مسيرات انقسمت بين مؤيدين للتعديلات، وقلة رافضة لها. كما شهدت محافظات القاهرة الكبرى (القاهرة، الجيزة، حلوان، القليوبية، 6 أكتوبر) إقبالاً واضحاً، وإن تفاوت من لجنة إلى أخرى، لكن في كل الأحوال ساد الهدوء اللجان كافة، وحرص بعض المشاهير على الإدلاء بأصواتهم مبكراً وعلى رأسهم الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى الذي أدلى بصوته في لجنة مدرسة قصر الدوبارة بشارع القصر العيني. بينما تجمهر مئات المواطنين أمام مدرسة النور بأرض اللواء، معتقدين أن القائمين عليها يرفضون استقبال المواطنين للإدلاء بأصواتهم، وتبين أن المدرسة ليست ضمن المدارس التي يجرى فيها الاستفتاء، وتم تحويل المواطنين إلى مدرسة "الطريق الأبيض" للإدلاء بأصواتهم. 37 ألف عسكري ويأمل المجلس العسكري الذي تسلّم السلطة من مبارك في 11 فبراير، أن يوافق الناخبون على التعديلات حتى يتمكن من تنظيم انتخابات برلمانية ورئاسية وتسليم السلطة لحكومة منتخبة خلال شهور. ودعا المجلس الناخبين إلى الإقبال على التصويت، وقال إن المشاركة في عملية انتخابية نزيهة أهم من النتيجة. ونشر الجيش 37 ألف عسكري لمساعدة الشرطة في تأمين الشوارع. ويمكن أن يدفع رفض التعديلات المجلس لإطالة أمد الفترة الانتقالية التي يرغب في تقليلها قدر الامكان وتشكيل لجنة قضائية جديدة تعيد صياغة الدستور. وهو سيناريو قد يتسبب في تأجيل الانتخابات البرلمانية حتى ديسمبر وفقاً لما قاله مصدر أمني، وهو ما يؤخرها أربعة أشهر عن الموعد الذي حدده الجيش في سبتمبر. ومن المتوقع أن تجرى الانتخابات الرئاسية عقب البرلمانية. وحتى قبل ظهور نتائجه، تسبّب الاستفتاء الذي يهدف لتوجيه البلاد لانتخابات تشريعية ورئاسية جديدة، في حدوث انقسام في حركة الإصلاح بالبلاد بين مؤيدين للتعديلات الدستورية وآخرين يرغبون في دستور جديد. فقد أيّدت حركة الاخوان المسلمون، أكبر جماعة معارضة منظمة في البلاد، وإسلاميون آخرون التعديلات، بينما عارضتها أحزاب معارضة اخرى وإصلاحيون كبار من بينهم مرشحا الانتخابات الرئاسية المقبلة محمد البرادعي وعمرو موسى.