السؤال: أنا في الثامنة عشر من عمري، أسعى للبحث عن عمل منذ سنتين، لا أعلم ما الذي ينبغي عليَّ عملُه، بدأت في قراءة بعض الأدعية منذ الشهر الماضي، أو حتى التي تشعرني أنني أعيش حياة كريمة، إلا أني مازلت لا أجد عملا، لذا أتساءل: هل يمكنكم إخباري إذا ما كان هناك سور قرآنية يمكنني قراءتها تمكِّنني من إيجاد عمل؟ ** »الشريعة الإسلامية شريعة الأسباب، تَبني عقولَ الناس وقلوبَهم على التعامل مع الحقائق، والتعاطي مع السنن الكونية التي أودعها الله عز وجل في خلقه، مع ما فيها من التوكل على الله تعالى والاعتماد بالقلب عليه في حصول المطلوب. وسيرته عليه الصلاة والسلام مليئة بالواقعية، منسوجة بالسببية، وفيها من التضحيات وتحمل المشاق والصبر على جني الثمار ما أراده الله عز وجل درساً للبشرية من بعده، فلا يطمع أحد أن ينال أعلى مراتب الدنيا بمجرد تلاوات يتلوها فقط دون عمل بل هي الدنيا، بحلوها ومرها، بصعبها وسهلها، فعلى المسلم أن يحسن التعامل معها، فيصبر على أذاها، ويتحمل في سبيل رضا الله شدائدها، ويحزم الأسباب، ويكون التوكل على الله عز وجل في جميع شأنه، كما قال الله تعالى: (فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ). آل عمران/159 فالرزق له أسبابه المادية والشرعية. أما الأسباب المادية فهي العمل والبحث والاجتهاد وعدم اليأس، فإذا لم يوفق في عمل بحث عن آخر... وهكذا. أما الأسباب الشرعية فكثيرة نذكر بعضها: 1- تقوى الله تعالى، وهي فعل ما أمر الله به، وترك ما نهى عنه، قال الله سبحانه: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا* وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ). الطلاق/2-3 2- الاستغفار، قال الله تعالى: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا* يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا* وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا). نوح/10-12 وقال سبحانه وتعالى: (وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعاً حَسَناً إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِير). هود/3 ولهذا فقد ذكر العلامة ابن القيم رحمه الله في كتابه »الوابل الصيب« في »الفصل الثامن عشر«، الاستغفارَ ضمن الأذكار الجالبة للرزق الدافعة للضيق والأذى. 3- الدعاء، فعن أم سلمة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول بعد صلاة الفجر: (الَّلهُمَّ إِنِّي أَسأَلُكَ رِزقًا طَيِّبًا، وَعِلمًا نَافِعًا، وَعَمَلاً مُتَقَبَّلاً). رواه أحمد في »المسند« وابن ماجه في »السنن«، وحسّنه الحافظ ابن حجر كما في »الفتوحات الربانية«، وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه. وقال يحيى بن معاذ الرازي، وهو من خيار السلف: »الطاعة مخزونة في خزائن الله تعالى، ومفتاحها الدعاء، وأسنانه الحلال«. والحاصل أننا لا نعلم سورا معينة من القرآن ثبت أن لها أثرا في جلب الرزق وتيسر وسائله، ولكن تقوى الله تعالى على سبيل العموم، ومنها قراءة القرآن وتدبره، سبب من الأسباب الشرعية لجلب الرزق، مع أهمية الأخذ بالأسباب المادية والاعتماد بالقلب على الله تعالى في تيسير الأمور. والله أعلم«. المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب