لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشجع الناس فقد فرت منه جيوش الأعداء وقادة الكفر في كثير من المواجهات الحاسمة بل كان يتصدر صلى الله عليه وسلم المواقف والمصاعب بقلب ثابت وإيمان راسخ ويؤكد أنس بن مالك رضي الله عنه ذلك بما حصل لأهل المدينة يوماً حينما فزعوا من صوت عال فأراد الناس أن يعرفوا سبب الصوت وبينما هم كذلك إذ أقبل عليهم النبي صلى الله عليه وسلم على فرس رافعاً سيفه قائلاً لهم: ( لم تراعوا لم تراعوا ) أي (لا تخافوا ولا تفزعوا) رواه البخاري و مسلم فهذا الموقف يبين شجاعته صلى الله عليه وسلم حيث خرج قبل الناس لمعرفة الأمر وليطمئنهم ويهدأ من روعهم. ويؤيد ما سبق موقفه صلى الله عليه وسلم حين تآمر كفار قريش على قتله وأعدوا القوة والرجال لذلك حتى أحاط بمنزله قرابة الخمسين رجلاً فثبت عندها رسول الله ولم يُصبهُ الخوف بل نام ولم يهتم بشأنهم ثم خرج عليهم في منتصف الليل بشجاعة وقوة حاثياً التراب على وجوههم ماضياً في طريقه مخلفاً علياً مكانه. ويجلس صلى الله عليه وسلم في الغار مع سيدنا أبي بكر والمشركون حول الغار وهو يقول لأ بي بكر بشجاعة الواثق بحفظ الله: ( لا تحزن إن الله معنا ) . وصارع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات مرة ركانه المعروف بقوته وشدته في القتال فصرعه رسول الله وغلبه فأي شجاعة وقوة كان يمتلكها عليه الصلاة والسلام. وذات مرة استظل عليه الصلاة والسلام تحت ظل شجرة لينام القائلة وكان متعباً من أثر إحدى الغزوات وقد علق سيفه على غصن الشجرة وبينما هو كذلك إذ أقبل عليه أحد المشركين آخذاً بسيف رسول الله قائلاً له: من يمنعك مني؟ فأجاب رسول الله إجابة الأبطال من غير تخوف: الله! ثم قام وأخذ رسول الله السيف بشجاعة وقوة وقال للمشرك من يمنعك مني؟ فأجاب قائلاً لرسول الله: كن خير آخذ . وأما عن شجاعته وإقدامه في الغزوات والحروب فقد كان الصحابة رضي الله عنهم إذا حمي الوطيس واشتد البأس يحتمون برسول الله صلى الله عليه وسلم يقول علي رضي الله عنه: كنا إذا احمر البأس ولقي القوم القوم اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم فما يكون منا أحد أدنى من القوم منه رواه أحمد . ولما أصاب الصحابة يوم حنين من الأذى والهزيمة ما أصابهم فر بعضهم من أرض المعركة أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يفر فلقد كان على بغلته و أبو سفيان بن الحارث آخذ بلجامها والنبي صلى الله عليه وسلم يقول بصوت عال : ( أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب ) رواه البخاري و مسلم . وفي يوم أحد يوم أن خالف الرماة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيطر المشركون على زمام المعركة لم يتزحزح النبي صلى الله عليه وسلم من موقفه بل وقف موقف القائد القوي الشجاع والصحابة من حوله يتساقطون وحوصر صلى الله عليه وسلم من قبل المشركين ولم يكن حوله إلا القلة من الصحابة يدافعون عنه وبرز منهم سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه حينما دعاه رسول الله فناوله النبال وقال له: ( ارم يا سعد فداك أبي وأمي ) رواه البخاري .