بدخولنا الحلقة التاسعة والعشرين نكون قد دخلنا نصف عمر المونديال، على اعتبار أن البطولة التاسعة التي جرت عام 1970 بالمكسيك، والتي سنروي أحداثها، جرت بعد أربعين سنة عن أول بطولة عالمية بالأورغواي عام 1930. وبين البطولة الأولى والتاسعة، شهدت رياضة كرة القدم العديد من التغييرات، والتي جاءت في ظل الشعبية الكبيرة التي اكتسبتها هذه الرياضة، التي باتت تستوي عند الصغير والكبير. مونديال المكسيك 1970، وكما سنحدّثكم في هذا العدد، عرفت مشاركة المنتخب الوطني لأول مرة في التصفيات، لكن مشاركة زملاء رشيد مخلوفي لم تتعد الدور الأول إثر خسارته أمام تونس في الجزائر 1-2، وتعادل سلبي في تونس، لكن الحظ أعطى ظهره للتونسيين في آخر محطة تصفوية. بطاقة واحدة لإفريقيا وأخرى بين آسيا وأوقيانوسيا في بداية مونديال المكسيك 1970 تم إعطاء بطاقة لإفريقيا وبطاقة مقسومة بين آسيا وأوقيانوسيا. وقبل هذا المونديال كانت الفيفا تطبق سياسية عنصرية تجاه القارتين الإفريقية والآسيوية. لا جديد في نظام المنافسة يعتمد نظام هذه الدورة على تقسيم المنتخبات المشاركة على أربع مجموعات، كل مجموعة تحتوي على أربع منتخبات، ويتأهل المنتخبان صاحبا الترتيب الأول والترتيب الثاني للدور ربع نهائي الذي يقام بطريقة خروج المغلوب. وإذا تساوى منتخبان في عدد النقاط فإنه يتم احتساب فارق الأهداف بينهما. وفي حالة تساوي فارق الأهداف فإن الأفضلية للمنتخب الذي سجل أهدافا أكثر. إقصاء الجزائر في أول دور أمام تونس لم يفلح المنتخب الوطني في بلوغ الدور الثاني من تصفيات مونديال المكسيك إثر الخسارة التي مُني بها زملاء حسن لالماس في لقاء الذهاب بملعب 20 أوت بهدفين لواحد أمام المنتخب التونسي. سجّل الهدف الوحيد للمنتخب الوطني لاعب رائد القبة بوعلام عميروش، وهو أول هدف في تاريخ مشاركة المنتخب الوطني في المونديال. لقاء العودة بين المنتخبين انتهى بالتعادل السلبي؛ لم يشفع لزملاء رشيد مخلوفي في بلوغ الدور الموالي. المغرب في المكسيك على حساب تونس فما حدث في تصفيات مونديال الشيلي عام 1962 بين المغرب وتونس تكرر حرفيا في مونديال المكسيك 1970. ففي اللقاء الفاصل بين المنتخبين التونسي والمغربي لم يفلح أي من الفريقين في إلحاق الهزيمة بالطرف الآخر؛ مما توجب إجراء مباراة فاصلة. وفشل الطرفان في حسم نتيجة المباراة التي انتهت بتعادل الفريقين. ولم يكن أسلوب الضربات الترجيحية مستخدما في ذلك الوقت؛ مما توجب إجراء قرعة بقطعة معدنية لتحديد الفريق المتأهل للدور الثاني من التصفيات. ووقف الحظ إلى جانب المغاربة وأقصيت تونس من التصفيات. الحرب بين السلفادور والهندوراس أسوأ ما حدث في التصفيات التمهيدية حدوث حرب بين السلفادور وهندوراس بسبب أزمة الحدود بين البلدين، تم على إثرها قطعُ العلاقات الدبلوماسية بينهما. وجاءت بطولة كأس العالم لتزيد في الفتنة التي تسببت أخيرا في اندفاع السلفادوريين إلى أعماق أراضي الهندوراسيين، منتهكين بذلك جميع الأعراف الدولية. وتمَّ قطعُ العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. وظنَّت الحكومة السلفادورية أنَّها قادرةٌ على إلحاق هزيمة نكراء بهندوراس مثلما فعل منتخب الكرة عندما هزم نظيره منتخب الهندوراس في المباراة الفاصلة والحاسمة. وذكرت بعض التقارير غير المؤكدة أن عدد القتلى من الجانبين تجاوز العشرة آلاف قتيل والآلاف من الجرحى والمصابين، علما أن هذه الحرب الدامية لم تستمر سوى 72 ساعة فقط. أغرب قرار في تاريخ الفيفا يُعتبر القرار الصادر من طرف الاتحاد الدولي للعبة في عام 1969 والمتمثل في منع ارتداء قميص الرقم 13 لأنه يحمل معه الشؤم، أغرب قرار صدر من طرف »الفيفا« منذ تأسيسها مطلع القرن المنقضي! غياب كوريا الشمالية تركيبة المجموعات الأربعة أسفرت قرعة مونديال المكسيك التي جرت نهاية عام 1969 على النتائج التالية: المجموعة الأولى: المكسيك - الاتحاد السوفياتي- السلفادور- بلجيكا. المجموعة الثانية: إيطاليا - السويد - الأوروغواي - إسرائيل المجموعة الثالثة: إنجلترا - رومانيا - البرازيل - تشيكوسلوفاكيا المجموعة الرابعة: ألمانياالغربية - المغرب - بلغاريا - البيرو. مواجهة الافتتاح انتهت بدون فائز انتهت المباراة الافتتاحية بين منظم البطولة المكسيك والاتحاد السوفياتي والتي لعبت يوم الأحد 31 ماي 1970 بدون فائز بالتعادل السلبي، فرغم الحضور القوي للجماهير المكسيكية التي ناصرت منتخبها إلا أن ذلك لم يُجد نفعا، وانتهى اللقاء كما انطلق بدون فائز. الدور الأول شهدت المجموعة الأولى تأهل المنتخبين المكسيكي والروسي على حساب بلجيكا والسلفادور، فيما تأهل عن المجموعة الثانية منتخبا إيطاليا والأورغوراي، لكن بشق الأنفس على حساب الصهاينة والسويد. المجموعة الثالثة، وكما كان منتظرا، تأهل عنها المنتخبان الإنجليزي حامل لقب الدورة الأخيرة، والمنتخب البرازيلي بقيادة نجمه الكبير لكل الأوقات بيليه، هذا على حساب رومانيا وتشيكسلوفاكيا. وأخيرا، تأهل عن المجموعة الرابعة منتخبا ألمانيا والبيرو على حساب بلغاريا والمغرب، علما أن أسود الأطلس أنهوا المنافسة بتعادل إيجابي أمام بلغاريا بهدف لمثله. سجل هدف بلغاريا دويومير جيتشيف في الدقيقة 40، وهدف المغرب موهوب غزواني في الدقيقة 61. الدور ربع النهائي إقصاء بطل ***لم والأورغواي في المربع الذهبي بعد 20 سنة جرت جميع مباريات الدور ربع النهائي يوم الأحد 14 جوان وفيها فازت ألمانياالغربية على إنجلترا 3-2 بعد التمديد في مباراة ثأرية؛ لأن إنجلترا كانت هزمت ألمانيا 4-2 في نهائي المونديال السابق. وفي باقي مباريات الدور ربع النهائي فازت البرازيل على البيرو 4-2. سجل أهداف البرازيل ريفيلينيو في الدقيقة 11، وتوستاو (2) في الدقيقتين 15 و52، وجيرزينيو في الدقيقة 75. أما هدفا البيرو فسجلهما البرتو غالاردو في الدقيقة 28، وتيوفيلو كوبيلاس في الدقيقة 70. وفازت إيطاليا على المكسيك 4-1. سجل الأهداف الإيطالية غوستافو بينا خطأ في مرماه في الدقيقة 25، وجيجي ريفا في الدقيقتين 63 و76، وجياني ريفيرا في الدقيقة 70، وهدف المكسيك خوسيه غونزاليس في الدقيقة 13. وفازت الأوروغواي على الاتحاد السوفياتي 1-0 بعد التمديد. وسجل الهدف فيكتور إيسباراغو في الدقيقة 116. الدور نصف النهائي البرازيل تثأر من الأورغواي وإيطاليا تقصي ألمانيا في الدور نصف النهائي الذي أُجري يوم الأربعاء 17 جوان فازت إيطاليا على ألمانياالغربية 4-3 بعد التمديد. سجل لإيطاليا روبرتو بونينسينا في الدقيقة 8، وتاركيسيو بورجينيتش في الدقيقة 98، وجيجي ريفا في الدقيقة 104، وجياني ريفيرا في الدقيقة 111. أما أهداف ألمانياالغربية فسجلها كارل هاينز شنيلينغير في الدقيقة 90، وغيرد مولر في الدقيقتين 94 و110. وفازت البرازيل على الأوروغواي 3-1. سجل أهداف البرازيل كلودوادو في الدقيقة 44، وجيرزينيو في الدقيقة 76، وريفيلينيو في الدقيقة 89. أما هدف الأوروغواي فسجله لويس كوبيلا في الدقيقة 19. المركز الثالث لألمانيا على حساب الأورغواي أحرزت ألمانياالغربية المركز الثالث بفوزها على الأوروغواي 1-0 في المواجهة التي دارت يوم السبت 20 جوان. وسجل الهدف فولفغانغ أوفيرات في الدقيقة 26. النهائي البرازيل بطلة العالم على حساب إيطاليا أقيمت المباراة النهائية في 21 جوان على ملعب الأزتيك الشهير في مكسيكو أمام 107 ألف متفرج. أول أهداف اللقاء جاء في الدقيقة 17 بواسطة بيليه. »وقبل ثماني دقائق من نهاية المرحلة الأولى تمكن المنتخب الإيطالي من تعديل النتيجة بواسطة بونينسينيا. وبوقع هدف لمثله انتهت المرحلة الأولى. استمر البرازيليون خلال الشوط الثاني في فرض سيطرتهم على وسط الملعب، تجسدت في الدقيقة 63 بهدف ثان وقّعه اللاعب جيرسون. وفي الدقيقة 70 قضى جيرزينيو على آمال الإيطاليين بتوقيعه الهدف الثالث، ثم هدفا رابعا في الدقيقة 86 بواسطة كارلوس ألبرتو. وقبل إطلاق الحكم الألماني الشرقي رودي غلوكنر صافرة النهاية نزل آلاف البرازيليين إلى حدود الملعب لتقبيل نجوم بلادهم. واستمر جنون هؤلاء حوالي 30 دقيقة على الرغم من تدخل المسؤولين في الملعب ومناشدتهم بمكبرات الصوت التحلي بالهدوء والنظام؛ كي يتمكن الرئيس المكسيكي من تسليم الكأس إلى قائد المنتخب كارلوس ألبرتو. وبذلك يستعيد المنتخب البرازيلي كأسه العالمية التي ضاعت منه في مونديال إنجلترا التي فاز بها الإنجليز على حساب ألمانيا.
