المسرح الجهوي لوهران: إقبال كبير على العروض المخصصة للأطفال تزامنا مع العطلة كانت الساعة تشير الى الثالثة زوالا ورغم أن ساعة كاملة تفصل عن بدء العرض المسرحي الخاص بالأطفال والمنظم اول امس الجمعة بالمسرح الجهوي عبد القادر علولة لوهران إلا أن القاعة مكتظة بالصغار وأولياءهم حيث تشهد الأمسيات الترفيهية التي يخصصها المسرح للأطفال كل ثلاثاء وجمعة إقبالا عائليا كبيرا إذ تتم العروض منذ عدة أسابيع مع نفاد جميع التذاكر حسب ما أفاد به مدير هذه المؤسسة الثقافية. ق.م أكد مراد سنوسي أن هذا الإقبال الكبير ناجم عن التغييرات التي أدخلت على توقيت العروض أصبحت تنظم في حدود الرابعة زوالا عوض العاشرة صباحا أيام الجمعة ما يعطي للأولياء متسع من الوقت لافتا الى أن إدارة المسرح فكرت من جهة أخرى في إثراء البرنامج الخاص بالصغار. ويحاول القائمون على البرمجة من جعل البرامج كمساحة يمضي فيها الأطفال والأولياء أوقات ممتعة مفعمة بالتقاسم حيث يلاحظ تفاعل العديد من الأولياء في العروض. وتؤكد لمياء وهي أم لولدين في الخامسة والرابعة أنها استمتعت كثيرا بالعرض البهلواني على قدر ولديها أو ربما أكثر حيث غنت ورقصت معهما على أنغام أغنية غم زم زم الشهيرة. ويقول مدير المسرح الجهوي لوهران أنه لاحظ منذ إثراء البرنامج توافدا كبيرا للأولياء حيث كان يكتفي احدهم بالحضور فيما تزايد عدد الأولياء اللذين يأتيان سويا لمرافقة اطفالهم. وبهذا فإن العرض لم يعد خاصا بالأطفال بل اضحى عرضا عائليا نظرا لتعدد لحظات المشاركة والتقاسم بين الأطفال وأولياءهم. وفيما كان يخصص للأطفال عرض مسرحي فحسب ارتأت إدارة المسرح إثراء البرنامج بإضافات عدة حيث يستقبل الأطفال مجموعة من المهرجين والمشاة على الركائز يمكن للصغار التسامر معهم وأخذ صور تذكارية برفقتهم. وبعد العرض المسرحي الذي غالبا ما يستمر ساعة من الزمن يستمتع الأطفال إما بعرض بهلواني أو بعرض للألعاب السحرية لتصل مجمل الأمسية إلى ساعتين. كما أدرجت استراحة بين العرض المسرحي والعرض البهلواني حيث يجتمع الممثلون المشاركون في المسرحية في البهو العلوي للمسرح ما يسمح للأطفال بأخذ صور مع أبطال العروض و طرح ما يحلو لهم من الأسئلة. المسرح مساحة للتفاعل بين الممثلين والأطفال يقول السيد سنوسي في هذا الشأن أن هذه الخطوة تعد مفيدة للأطفال والممثلين على حد السواء حيث يستمتع الأطفال بالحديث مع أبطال العرض ما يسمح لهم بمعرفة العديد من الأشياء حول التمثيل المسرحي كما أن هذا اللقاء يثمن عمل الممثلين الذين يحظون بمحبة وتقدير الصغار والكبار. ويشاطر تامي بوخدمي بطل مسرحية الأسد والحطاب هذا الرأي حيث يقول أن الاجتماع بالصغار في هذه البرهة من الزمن تسمح له بتحسس رد أفعال الأطفال ما يمكنه من تخمين ما يفضل الأطفال و ما يؤثر فيهم مضيفا أن هذا التفاعل مع جمهوره يساعده في التحسين من أداءه. ويقول الطفل يانيس ذو الخمس سنوات أنه يحبذ القدوم إلى المسرح على الجلوس أمام رسوم الكرتون بالضبط لأنه باستطاعته التحدث مع الشخصيات و حتى معانقتها ما ليس بمقدوره فعله مع أبطال الكرتون. وهرع هذا الطفل الذي يبدو من المترددين على المسرح إلى إحدى شخصيات مسرحية ما أصغر مني وهو يقهقه ويهتف أنه الصرصوري أنه الصرصور و قالت والدة الطفل يانيس أن ابنها يتحدث طوال الأسبوع عن شخصيات المسرحية وكأنهم أصدقاءه مضيفة أنهما لاحظت تأثير جد ايجابي للمسرح على سلوك ابنها منذ بدأ في القدوم إلى المؤسسة. وأضافت أنها غالبا ما تستعمل أمثلة من المسرحيات التي تحضرها معه لإعطاء الأمثلة و العبر. من جهته يعتبر الدكتور حميد بن جابر و هو مختص في علم النفس لدى الأطفال من جامعة الجزائر أن المسرح يؤدي دوراً مرموقاً في مجال توجيه الأطفال وإنماء مداركهم حيث أنه يدرب الأطفال على الحياة تدريباً إيجابياً مفعماً بالأحكام الأخلاقية معتبرا اياه مدرسة للفصاحة والانفعال المضبوط. و أضاف أن المسرح ليسا فنا أدبيا فحسب حيث أنه يشتمل على باقة من المؤثرات تشمل الموسيقى و الديكور تساهم كلها في تنمية ذوق الطفل و ميولاته الفنية. وتقول نعيمة و هي أم لطفلين نذير ذو الثماني سنوات و ندى ذات الإحدى عشر ربيعا أن المسرح ساعدها كثيرة في تطوير لغة طفليها حيث أنهما يكتسبان العديد من المصطلحات مبرزة أن إحدى ميزات المسرح انه أداة للتعلم النشط المبني على المتعة عكس طرق التدريس الرسمية و التربوية. ويعد مسرح الأطفال من رواسخ المسرح الجهوي لوهران حيث تم تشكيل أول فرقة للمسرح المحترف الخاص بالاطفال كانت قد أسست سنة 1972 بوهران من طرف الكاتب والمخرج والممثل المسرحي عبد القادر علولة وأول مسرحية جزائرية موجهة للطفولة النحلة أنتجت هي الأخرى بوهران في بداية السبعينيات. وأكد السيد سنوسي أن إيرادات مسرح الأطفال خلال السنوات الأخيرة تشكل نسبة كبيرة في مداخيل المسرح الجهوي لوهران والحال سواء بالنسبة لأغلبية المسارح الأخرى حيث لم يفقد مسرح الصغار جمهوره على مرّ الفترات عكس مسرح الكبار.