طالب مجلس الأمن الدولي أمس الثلاثاء بإجراء تحقيق حول العدوان العسكري الإسرائيلي الإثنين على أسطول صغير ينقل مساعدات إنسانية لقطاع غزة، وبالإفراج الفوري عن السفن والمدنيين المعتقلين. ودعا مجلس الأمن الدولي إلى البدء بلا تأخير بتحقيق محايد يتمتع بالمصداقية والشفافية ويتطابق مع المعايير الدولية، وذلك في بيان قرأه باسمه صباح أمس رئيسه خلال شهر جوان سفير المكسيك كلود هيلير. وأضاف البيان الذي لا يكتسي طابعا إلزاميا لكن تبنيه تطلب إجماع الأعضاء ال15 في مجلس الأمن الدولي، إن المجلس يطالب بالافراج الفوري عن السفن وكذلك عن المدنيين الذين تعتقلهم إسرائيل. وقد تم تبني البيان عقب جلسة لمجلس الأمن الدولي استمرت أكثر من اثنتي عشرة ساعة. وكان قد دعا مندوب فلسطين، خلال الجلسة العلنية، إلى إجراء تحقيق مستقل في العدوان الإسرائيلي على أسطول الحرية في المياه الدولية، والذي تسبب بمقتل 10 من الناشطين الذين كانوا على متن إحدى سفنه الستة، وجرح العشرات من زملائهم. ودعا المندوب إلى إطلاق سراح جميع المحتجزين من الناشطين، الذين ساقتهم القوات الإسرائيلية مع سفنهم إلى ميناء أسدود، معتبراً أنه آن الأوان لمجلس الأمن أن يأخذ موقفاً حازماً من إسرائيل. وأشار إلى أن استمرار الحصار الإسرائيلي على غزة مع حرمان أهلها من الأمن والغذاء هو الذي دفع ب»قافلة الحرية«، مؤكدا أن الدعم العالمي سوف يتصاعد، متوقعاً أن تأتي القافلة تلو الأخرى إلى غزة متى ينتهي هذا العار اللاأخلاقي. وقال المندوب الفلسطيني إن إسرائيل تتصرف كدولة فوق القانون، لذا على المجتمع الدولي اتخاذ موقف حازم منها، مؤكداً أنه آن الأوان لمجلس الأمن الدولي أن يضع حداً للحصار الجائر واللاإنساني وتطبيق القرار 1860 القاضي برفع الحصار عن القطاع، وأن يتخذ التدابير اللازمة لوقف الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، بما فيها القدسالشرقية وإنهاء الاحتلال. في المقابل، قال المندوب الإسرائيلي إنه كان من الممكن تحاشي ما حصل- في إشارةٍ إلى الهجوم على الأسطول- لو قبل الناشطون التوجه إلى ميناء أسدود. وزعم أن النشطاء رفضوا عروض إسرائيل لإيصال المساعدات عن طريق ميناء أسدود لأنه كان »لديهم نيات أخرى واضحة.. وهي التخلص من الجنود وقتلهم؟«، مضيفاً أن تحرك الناشطين لم يكن مظاهرة سلمية، و»الإسرائيليون لم يقوموا بمهمة عسكرية، بل بإجراء وقائي؟«. واعتبر أن بعضهم له »تاريخ إرهابي« ويتعاملون مع حماس، زاعماً أنه لا يوجد بينهم نشطاء سلام. ووصف الحملة بأنها كانت »رسالة كراهية وتنفيذ لعمليات عنف؟«. واعتبر ما حصل بأنه يوم حزين بسبب نتائج هذا »التحريض غير المرحب به«، وقال إن »الحصار معترف به وفق القانون الدولي«، وأن ما حصل مأساوي ومؤسف ولكن لن نسمح لأحد بأن »يهدد أمننا؟«. وكان رئيس مجلس الأمن، المندوب اللبناني نواف سلام، غادر قاعة المجلس قبل أن يبدأ المندوب الإسرائيلي بإلقاء كلمته. وكان وزير الخارجية التركية أحمد داوود أوغلو دعا خلال الجلسة التي دعا إليها لبنان كرئيس للدورة الحالية لمجلس الأمن، إلى مساءلة إسرائيل عن هجومها على أسطول الحرية، مطالباً إياها بالاعتذار إلى المجتمع الدولي ورفع الحصار عن غزة. وقال أوغلو إن إسرائيل ارتكبت جريمة خطيرة متجاوزة كل القيم التي قامت عليها الأممالمتحدة. ووصف العدوان بأنه عمل غير مسبوق وانتهاك خطير للقانون الدولي، مضيفاً أن هذا نوع من القرصنة وليس هناك مبررات له، لافتاً إلى أن هذه ليست سواحل الصومال حيث القرصنة لا تزال موجودة. واعتبر أن إسرائيل خسرت شرعيتها كعضو في الأممالمتحدة، مؤكدا أن الأسطول كان يضم مساعدات إنسانية إلى غزة، وأن العالم كان شاهداً على هذه المأساة الإنسانية ولم يفعل شيئاً. وأكد أنه لا يجب أن تكون هناك أي دولة فوق القانون، داعياً إلى مساءلة إسرائيل وفرض عقوبات عليها، وداعياً أيضا تل أبيب إلى الاعتذار للمجتمع الدولي عن الضحايا الذين سقطوا في الهجوم. كما حث الوزير التركي مجلس الأمن على إدانة إسرائيل وأن يقوم بما هو متوقع منه، وطالب بإنهاء الحصار على غزة بمشاركة المجتمع الدولي وإدخال المساعدات إلى القطاع. ووصف داوود أوغلو هذا اليوم بأنه يوم أسود في تاريخ البشرية. ومن جانبه، قال المندوب البريطاني إن بلاده أعربت لإسرائيل عن استيائها للهجوم على أسطول الحرية. وأعرب عن الأسف للهجوم غير أنه قال إنه »يجب أخذه في سياق الأحداث؟«. ووصف أعمال إسرائيل بأنها »غير بنّاءة وغير مساعِدة«، داعياً إلى حل سريع »لمشكلة غزة ووقف المآسي في القطاع ورفع القيود المفروضة عليه«. وقال إنه يجب الانتقال من المفاوضات غير المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين إلى المفاوضات المباشرة، محذراً من الدخول في دوامة جديدة من الغضب والعنف في الشرق الأوسط. ودعا السلطات الإسرائيلية إلى تقديم تقرير كامل وتفصيلي عن الإصابات، وطالب بإجراء تحقيق غير منحاز في الحادث. وحث حركة حماس وجميع الأطراف إلى تطبيق أحكام القرار الدولي رقم 1860، القاضي برفع الحصار عن غزة، بالكامل وإقامة دولتين تعيشان جنباً إلى جنب بسلام. ومن جانبه، أعرب المندوب الروسي عن »الأسف العميق« و»القلق البالغ« بسبب الهجوم الإسرائيلي على الأسطول الذي وقع في المياه الدولية. ودعا إلى إيضاح كامل من إسرائيل على ما جرى الإثنين، واصفاً الهجوم على سفن تحمل المساعدات بشكل غير مبرر بأنه انتهاك للقوانين الدولية. واعتبر أن ما جرى هو دعوة إلى إنهاء الحصار على غزة والقيام بخطوات عملية لإيصال المساعدات إلى القطاع. وأمل المندوب الروسي ألاّ يؤثر ما حصل على مفاوضات السلام. وبدوره، أعرب مندوب الصين عن »قلق بلاده الكبير« من الهجوم الإسرائيلي على أسطول الحرية. ودعا إلى اتخاذ قرارات سريعة لتنفيذ القرار 1860 لرفع الحصار عن غزة وفتح المعابر وتدفق المساعدات إلى القطاع ومساعدة السكان على استعادة حياتهم الطبيعية. وفي المقابل، برر المندوب الأمريكي الجريمة بذريعة أنه »يجب أخذ قلق إسرائيل الأمني في الاعتبار؟«. وأضاف: ندعو شركاءنا الدوليين إلى تعزيز جو من التعاون بين كل الأطراف. وطالب مندوب فرنسا بتحقيق مستقل في الحادث قبل إطلاق الاستنتاجات، ودعا اللجنة الرباعية للانعقاد للوصول إلى رفع الحصار عن غزة ودعم محادثات السلام.