يُطرح مشكل الفكة لدى الكثير من أصحاب المحلات، ولدى بعض سيارات الأجرة، وحتى الكلوندستانات، حيث أنهم يجدون أنفسهم لا يملكون الفكة، أو الصرف الذي يعطونه للزبون، وهو ما يطرح السؤال التالي: من المخطئ؟ إن مشكلة الفكة تخلق مشاكل عادة بين المواطنين وهؤلاء التجار، حيث يلوم الزبون التاجر على أنه لا يملك الفكة، وكذلك يلوم التاج الزبون على أنه لم يحضرها معه، ولكن هل الزبون هو المخطيء أم التاجر؟ تقول لنا راضية إنها كلما استقلت سيارة أجرة طالبها بأن تحضر لها الفكة، وكانت تفعل دائما، أي أنها تحرص على أن تحمل الفكة معها عندما تخرج من البيت، ولكنها في مرة من المرات لم تفعل، ودخلت سيارة أجرة وأعطته قبل نزولها ورقة من ذوات الخمسمائة دينار، فغضب السائق وهاجمها، تقول لنا، وقلل كذلك من احترامها، وهو الأمر الذي دفعها إلى أن تذهب دون أن تدفع له، لأنه، تضيف، لا يستحق أن ندفع له، خاصة وأنه كان عليه أن يحمل هو الفكة، وليس الزبون، سائق الأجرة الذي لا يحمل الفكة فهو مخطئ، وعليه أن لا يلوم الزبون· لكن بعض التجار يقولون عكس ذلك، بل يقولون إن الزبون أحيانا يتعمد أن لا يحضر الفكة معه حتى لا يدفع، هذا ما قاله لنا بوعلام، وهو تاجر مواد غذائية، قال: سئمت من تصرف بعض المواطنين الذين يأتونني، وبكل وقاحة، يدفعون لي ألف دينار ليشتروا أغراضا لا تفوق قيمتها المائة دينار، والمشكل أن الأمر لا يحدث مرة أو مرتين، بل إنك تحسب أن الجميع لا يملك الفكة، وكنت في السابق أتغاضى عن تلك التصرفات، وقد أعطي الزبون الغرض دون أن آخذ منه أموالا، ولكني تفطنت إلى أن البعض يتعمد عدم إحضار فكة حتى يتهرب من الدفع، هذا أمر مؤسف جعلني لا أتسامح إلا مع الزبائن الذين أعرفهم· وقد يكون الأمر أكثر صعوبة بالنسبة ل"لكلوندستانات" والذين لا يحملون أبدا معهم الفكة، خاصة هؤلاء الذين يمارسون نشاطهم من حين لآخر، والذين يطلبون من الزبائن دائما أن يحضروا معهم قليلا من الفكة، يقول لنا إسلام، وهو "كلوندستان" ليلي، يقول إنه كثيرا ما يتشاجر مع زبائنه، فهو يعمل وينام في المكان الواحد، أي أنه يأخذ من الزبون عشرين دينارا فقط، ولكن بعض الزبائن لا يقدرون وضعه، فيأتونه بورقات من ذوات المائتي والألف دينار، والله يستر، يضيف، عندما يصنعون ورقة الألفي دينار ماذا سيكون مصيره· لكن بعض تلك الشجارات قد لا توقف عند مجرد العتاب، بل قد تحول إلى صراعات واشتباكات بالأيدي، وفي الحيقة فإن المذنب الأول ليس الزبون ولا التاجر، بل عدم تفهم البعض للآخرين·