ق. حنان مع دخول موسم الربيع، انطلقت عبر العديد من ولايات الوطن، حملات الزواج الجماعي، حيث تطالعنا يوميا أخبار عن زف العشرات من العرسان في اليوم الواحد، عبر ولايات عديدة من الوطن، لاسيما الولايات الداخلية والجنوبية، علما أن الظاهرة تمس أيضا عدة مناطق أخرى من العالم العربي والإسلامي، ولو أنها حسب المختصين ظاهرة ضاربة في القدم، وتمتاز بها الكثير من القبائل والعشائر، مع فرق بسيط أنها تكون مصورة في المنتمين إليها فحسب، إلا أنها فرضت نفسها وبقوة خلال السنوات القليلة الماضية في الجزائر، رغبة من القائمين عليها، في تيسير أمور الزواج على عدد كبير من الشبان، خصوصا المنتمون إلى فئات اجتماعية بسيطة أو معوزة، في ظل الارتفاع الكبير لنسبة العنوسة في الجزائر بين الجنسين، وتأخر سن الزواج بشكل ملفت لدى الإناث والذكور على حد سواء، فيما تكون الأسباب المادية، وضعف القدرة المادية لهؤلاء، السبب الرئيس وراء عجزهم عن إتمام نصف دينهم، وهو ما جعل القائمين على هذه المبادرات من فعاليات محلية وجمعيات خيرية، تتولى مهمة التكفل بكل تلك المصاريف، وعلى رأسها مصاريف حفل الزفاف بأكملها، وزف العشرات من العرسان إلى بيت الزوجية، بكل يسر، إضافة إلى مساعدة الشباب المستفيدين من تأثيث غرفة الزوجية، وكذا العديد من المصاريف، التي ظلت عائقا أمامهم لإكمال حملهم بالزواج وتأسيس أسرة. فيما تجدر الإشارة أيضا إلى أن هذه المبادرات مست أيضا بعض الفئات الاجتماعية الخاصة، كفئة المسنين والمحرومين والمعاقين، في أعراس جميلة، تتلاشى فيها كل الفوارق الاجتماعية والاقتصادية، ويتشارك فيها الجميع فرحة العمر، بل لعلها تمر أحسن بكثير مما تمر فيها الأعراس المنفردة، مادام أن الأمر لا يقتصر على مشاركة المقربين فحسب، وإنما مشاركة المئات من أقارب العرسان، إضافة إلى إحيائها بالفرق الموسيقية الدينية، فتكون ليلة من أجمل ليالي العمر، لا تمضي ليجد العروسان نفسهما بعدها يعدان تكاليف ما أنفقاه، ولا الديون المتبقية على عاتقهما، وإنما تمضي وهما يفكِّران في أيامهما القادمة. فعلى سبيل المثال تناقلت الكثير من الجرائد ووسائل الإعلام خبر دخول86 عريسا شابا قفص الحياة الزوجية في حفل زفاف جماعي نظم نهاية الأسبوع الماضي، بمدينة ورقلة بمبادرة من جمعية الثقافة والإصلاح للقصر العتيق في إطار نشاطاتها الاجتماعية. وقد طبعت هذا الفرح الجماعي أجواء احتفالية بهيجة صنعتها مشاعر الفرحة التي غمرت قلوب العائلات المتصاهرة وتقاسمتها جموع المشائخ والأعيان والشخصيات ومواكب المدعوين الذين وفدوا من مختلف أرجاء ورقلة، ويعد هذا الزفاف الجماعي الدفعة الثالثة عشر التي تحمل تسمية دفعة الرسول الأعظم محمد صلى الله عليه وسلم. هذا إلى جانب الكثير من المبادرات الجميلة الأخرى التي ظلت تنظم حفلات الزواج الجماعي لعشرات من العرسان، عبر ولايات الوطن، خدمة لأهداف جليلة وسامية كتحصين الشباب وتخفيف أعباء و تكاليف الزواج وزرع بذور المحبة والوحدة وتوثيق فرص التكافل الاجتماعي. ولكن على الرغم من نجاح مثل هذه التظاهرات، في عدة مناطق، إلا أنها لا تلقى القبول من طرف الجميع دائما، فكثيرون وكثيرات، يعتقدن أن فرحة الزفاف، هي فرحة العمر، ولذلك فإنهم يعتقدون أن من حقهم أن يتميزوا فيها ويتألقوا وحدهم، دون أن يكون هنالك من يخطف الأضواء منهم أو ينافسهم على ذلك، وهو رأي بعض من الفتيات اللواتي عبرن عنه حول الموضوع.