القصف الجوّي الذي راح ضحّيته ثلاثة عشر عنصرا من الجماعات العسكرية المتمرّدة على نظام الحكم في ليبيا حسب النّاطق الرّسمي العسكري لحلف "النّاتو" مارك فان أوم كان نتيجة خطأ ولم يكن مقصودا، وهو الأمر الذي لم يتقبّله اللّواء عبد الفتّاح مصطفى قائد القوّات المسلّحة المنشقّة المسمّاة "ثوّار"، حيث قال: "إن النّاتو خيّب ظنّنا" وهدّد باللّجوء إلى مجلس الأمن، خاصّة بعد أن لوحظ على "النّاتو" حسب زعمه تخلّيه عن جماعات بنغازي التي لا تريد صلحا ولا سلاما ولا هدنة وكلّ مبتغاها هو رحيل العقيد القذافي وعائلته والمقرّبين منه وترك الساحة لهم لجلب قوى الغرب الساعية إلى السيطرة على مصادر البترول، وبالتالي الوصول إلى سدّة الحكم بمساعدة قوى الاستعمار التقليدي، وعلى وجه الخصوص فرنسا، بريطانيا وإيطاليا· إن لوم حلف "النّاتو" من طرف القائد العسكري للمتمرّدين الليبيين ليس في محلّه، فأهداف الحلف ليست بالدرجة الأولى حماية المدنيين في الشرق فقط وإنما أيضا القاطنين في الغرب من غير المقاتلين الحاملين للسلاح، وهذا أمر يصعب تفريقه فالكلّ أصبح مختلطا المدني بالعسكري، خاصّة في المدن الآهلة بآلاف السكان، كما أن عينه الأخرى مفتّحة على البترول وليس له من هدف غيره، زيادة على ذلك بات يخشى تكرار عملية قصف المدنيين· وفوق هذا فإن "النّاتو" بدأت تتناهى إلى مسامعه تقارير تفيد بوجود عناصر مدرّبة للقاعدة تقاتل مع ما يسمّى بجيش الثوّار قوّات الحكومة الليبية، وهو إذا ما تأكّد فستنقلب العملية عليهم من طرف الغرب، خاصّة بعد أن أقرّ المتمرّدون أنفسهم بوجود شيء من هذا القبيل يقاتل معهم النّظام الليبي، وهو ما يصدّق تصريحات العقيد في وقت سابق حول هذه العناصر· إذا اعتقد أيّ ليبي أو عربي أن "النّاتو" يحميه من أهله وعشيرته الذين انقلبوا عليه نصرة له فهو واهم وغير واقعي، فهذا الحلف ليس له أصدقاء ولا مباديء ولا قيم، وكلّ ما ينشده هو منابع البترول وغنائم حربه على الشعب الليبي دون شرعية أو وجه حقّ، لهذا كلّه نقول بصريح العبارة إن حلف "النّاتو" تعمّد قصف أولئك العناصر المقاتلة ولم يخطئ، وسوف تكشف لنا الأيّام ليس هذا فقط ولكن ما هو أدهى وأمرّ·