فرنسا التي ترفع شعار الحرّية والإخاء والمساواة تحوّلت في عهد الرئيس ذي الأصول اليهودية نيكولا ساركوزي إلى دولة ترفض حرّية اللّباس ولا تعترف بإخاء مسلميها وتنكر المساواة بين المنتسبين إلى مختلف الديانات الموجودة على أرضها، لذلك لم يكن مفاجئا بالمرّة أن يطبّق في عهد ساركوزي قانون يحظر ارتداء النّقاب خارج المنزل· فالمرأة المسلمة الرّاغبة في ارتداء النّقاب من حقّها فعل ذلك، لكن داخل منزلها فقط، فإن هي تخطّت باب منزلها صار من واجبها أن تكشف عن وجهها لأن ساركوزي لن يغفر لها تغطيته· ففي فرنسا اليوم الحرّية مكفولة للمنقّبات في منازلهن فقط، فإن هنّ غادرن المنازل صارت حرّيتهن بين أيدي ساركوزي وزبانيته، وصار نقابهن جريمة لا تُغتفر تعاقب عليها فرنسا الحرّية والإخاء والمساواة· وفرنسا التي قالت إنها انزعجت لمنع كمشة من أتباع سعيد سعدي من تنظيم مسيرة غير مرخّصة في شوارع الجزائر العاصمة لم تتوان في قمع تجمّع حاول بعض المسلمين تنظيمه للتنديد بقانون حظر النّقاب والبرقع الذي دخل حيّز التطبيق يوم الاثنين· ففي فرنسا لا يبدو النّقاب فقط محظورا، بل كذلك التعبير عن رأي مخالف لهذا القانون، وبعد ذلك تريد منّا فرنسا ساركوزي أن نؤمن بأطروحاتها في مجال حرّية التعبير التي لا تؤمن بها، وتريد منّا أن نعتنق نظرياتها في مجال حقوق الإنسان الذي بات فاقدا حتى للحقّ في ارتداء اللّباس الذي يريد على أرضها، ولن أن نتصوّر ردّ فعل فرنسا هذه لو أن الجزائر أصدرت قانونا يحظر ارتداء الميكرو جيب، مع إباحة ارتداء الميني جيب، ففي حالة كهذه كانت باريس ستغضب وتندّد وتستنكر لأن منع النّساء في بلد مسلم ينصّ دستوره على أن الإسلام دين له، من ارتداء لباس فاضح مناف لحقوق الإنسان والحرّيات الفردية، أمّا ارتداء النّقاب في بلد علماني فأمر ديمقراطي جدّا ولا يتنافى مع الحرّيات الفردية، فحرّية المسلم في فرنسا ساركوزي تنتهي قبل حتى أن تبدأ!