** هل يجب على الزوج شكر زوجته على عمالها اليومية والاعتيادية كإعداد الطعام وتنظيف المنزل؟ * القضية بين الزوجين ليست قضية واجب ومندوب، وحقه وحقها، وما عليه وما عليها، بقدر ما هو حسن معاشرة بالمعروف· ومن تمام شكر الله تعالى على نعمه أن يشكر المسلم من جعله الله سبباً لهذه النعمة من الناس· روى أبو داود عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنّه قَالَ: (لَا يَشْكُرُ اللَّهَ مَنْ لَا يَشْكُرُ النَّاسَ) وصححه الألباني في "سنن أبي داود"· وذلك لأن شكر الله تعالى إنما يتم بطاعته وامتثال أمره، ومما أمر الله به: أن تشكر من أحسن إليك من الناس، ولهذا قال النبي "صلى الله عليه وسلم": (مَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ) رواه أبو داود وصححه الألباني في "سنن أبي داود"· انظر: "تحفة الأحوذي"· وقال الشيخ عبد المحسن العباد: "معلوم أن كل خير فهو من الله سبحانه وتعالى: (وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنِ اللَّهِ) (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا) فكل خير حصل للإنسان فالله تعالى هو المتفضل به، ومن الخير الذي يتفضل الله به على من يشاء من عباده أن يسوق إليه إنساناً يسخره له ويلين قلبه له بحيث يحسن إليه، وهذا الإحسان هو في الحقيقة من الله عز وجل؛ لأن الله تعالى هو الذي وفق من أراد أن يحسن إليه للإحسان إليه، فهو سبحانه وتعالى متفضل بكل شيء، ولكن كما أن العبد فاعل باختياره، وأنه يحمد على ما يحصل منه من الخير، وكذلك يذم على ما يحصل منه من الشر، فإنه إذا حصل منه الإحسان فإنه يحمد على إحسانه وعلى معروفه، ويشكر على ذلك، والشكر لله عز وجل أولاً وآخراً؛ لأنه هو المتفضل بكل شيء، فهو يتفضل بالخير بسبب أحد من الناس، أو بدون أن يكون هناك سبب من أحد من الناس، فالكل بفضل الله عز وجل، والكل بإحسانه وجوده وكرمه سبحانه وتعالى، فعلى الإنسان أن يشكر الله عز وجل على كل النعم الظاهرة والباطنة؛ لأنها كلها من الله تقديراً وتوفيقاً، ومن ساق الله تعالى الخير على يديه لإنسان فإنه يشكره ويثني عليه ويدعو له، سواء كان هذا المعروف يتعلق بأمر دنيوي أو بأمر ديني" انتهى· "شرح سنن أبي داود"· ومعاشرة المرأة بالمعروف من دواعي استدامة السعادة الزوجية بينهما· وروى الترمذي عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي) وصححه الألباني في "سنن الترمذي"· قال السندي رحمه الله: "مُرَاده أَنَّ حَسَن الْعِشْرَة مَعَ الْأَهْل مِنْ جُمْلَة الْأَشْيَاء الْمَطْلُوبَة فِي الدِّين، فَالْمُتَّصِف بِهِ مِنْ جُمْلَة الْخِيَار مِنْ هَذِهِ الْجِهَة، وَيَحْتَمِل أَنَّ الْمُتَّصِف بِهِ يُوَفَّق لِسَائِرِ الصَّالِحَات حَتَّى يَصِير خَيْرًا عَلَى الْإِطْلَاق"· وروى الترمذي عن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (خِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِهِمْ خُلُقًا) حسنه وصححه الألباني في "سنن الترمذي"· وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة": "وعلى كل من الزوجين بذل الإحسان للآخر، والعمل على الوفاق وجمع الشمل، وكف النزاع، فيجب على كل واحد من الزوجين أن يتقي الله جل وعلا، وأن يؤدي ما عليه من واجبات تجاه الآخر، وأن يعاشر كل واحد الثاني بالمعروف والإحسان، وأن يكرم كل من الزوجين قرابة زوجه، حتى يتم لهم حسن العشرة، ويلتئم شمل الأسرة"· وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "إذا قال قائل: ما هي الوسيلة إلى أن يحب الرجل زوجته والمرأة زوجها؟ فنقول: الوسيلة إلى ذلك بينها الله بقوله: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) فإذا عاشر كل إنسان زوجته بالمعروف، وهي كذلك، حصلت المحبة والألفة والحياة الزوجية السعيدة"· "فتاوى نور على الدرب" لابن عثيمين· فالذي ينبغي للزوج أن يشكر زوجته إذا أحسنت إليه، أو أسدت إليه خدمة أو معروفاً، وذلك من أسباب حسن العشرة ودوامها· والله أعلم المصدر: موقع لإسلام سؤال وجواب·