في أول سورة بكتاب الله تعالى وفي أول آية يقول المولى سبحانه الحمد لله رب العالمين أول كلمة في هذه الآية تحمل معاني جميلة جليلة ينبغي أن نستشعرها وأن ندركها. تكلم أهل اللغة في “أل” المبدوءة بالحمد فقالوا “أل” هنا للاستغراق أي استغراق جميع المحامد. وعليه يكون الحمد أعم من الثناء والشكر. قال القرطبي: قال علماؤنا: الحمد أعمُّ من الشكر، لأن الحمد يقع على الثناء وعلى التحميد وعلى الشكر، والجزاء المخصوص إنما يكون مكافأة لمن أولاك معروفا، فصار الحمد أعم في الآية لأنه يزيد على الشكر. لله: اللام في لله تفيد الاستحقاق والاختصاص. فالحمد كله لله وحده؛ فهو المنعم المتفضل وحده سبحانه، قال سبحانه (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا، إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) ويقول سبحانه (وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ). ونبينا صلى الله عليه وسلم كان يحمد الله في كل أحواله عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا رأى ما يحب قال (الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات). وإذا رأى ما يكره قال (الحمد لله على كل حال). ويعلمنا أن نحمده في شأننا كله في صلاتنا وصيامنا وحجنا وعند الانتهاء من الأكل والشرب وعند اللبس وعند الاستيقاظ من النوم وعند حلول المصائب. عن أبي موسى الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا مات ولد العبد قال الله لملائكته قبضتم ولد عبدي. فيقولن نعم فيقول قبضتم ثمرة فؤاده. فيقولون نعم فيقول ماذا قال عبدي؟ فيقولن حمدك واسترجع فيقول الله ابنوا لعبدي بيتا في الجنة وسموه بيت الحمد). رواه الترمذي. وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنْ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِيَ وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ إِلَّا أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ). رواه البخاري. وعن أبي مالك الأشعري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول الطهر شطر الإيمان والحمد لله يملأ الميزان وسبحان الله والحمد لله والله أكبر تملأ ما بين السماء والأرض والصلاة نور والصدقة برهان والصبر ضياء والقرآن حجة لك أو عليك كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها). فأين نحن من الحمد على المنعم سبحانه فهو يرضى منا أن نحمده على الأكلة ونحن ولله الحمد نرفل في أثواب الأمن والاستقرار والنعم. ومن الحمد، أن نشكر من كان سببا في إيجاد الخير، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم (لا يشكر الله من لا يشكر الناس).