73 سنة بعد مجازر ماي.. وخمسة عقود بعد الاستقلال فرنسا ترفض الاعتراف بجرائمها في الجزائر
لم تعترف فرنسا الرسمية خمسة عقود بعد الاستقلال بالجرائم الاستعمارية في حين تحيي الجزائر اليوم الثلاثاء الذكرى ال73 لأحداث 8 ماي 1945 حيث ارتكبت مجازر راح ضحيتها أكثر من 45.000 جزائري خلال موجة قمع دامية ارتكبتها القوات الاستعمارية في حق سكان طالبوا بحقهم الشرعي في الحرية والاستقلال. أبرزت مجازر 8 ماي 1945 الطابع الإبادي لفرنسا الاستعمارية من خلال أبشع الجرائم التي ارتكبت في حق الشعب الجزائري. تم قتل أشخاص عزل رميا بالرصاص وتم نقل آخرين على متن شاحنات لرميهم في المنحدرات فيما تم نقل آخرين خارج المدن لقتلهم. وبعدها تم حرق جثثهم في خنادق مشتركة. كما استعمل الجيش الفرنسي أفران الجير للتخلص من جثث الضحايا وتواصلت عمليات القصف وكل أنواع التجاوزات. وأجمع عدة شهود ومؤرخون على أن الاستعمار الفرنسي كان بمثابة آلة للقمع والاضطهاد والإبادة ضد سكان كانوا يطالبون بحقهم الشرعي في الحرية والاستقلال في حين لا تزال فرنسا الرسمية ترفض الاعتراف بشكل واضح بجرائمها بالرغم من النداءات العديدة التي وجهت في هذا الشأن. وعلى الرغم من النداءات الداعية إلى طلب العفو ما زال محور الذاكرة بين الجزائروفرنسا حديث الساعة ويظل عقبة أمام تحسن العلاقات الثنائية حتى وإن تم تسجيل تقدم خلال السنوات الأخيرة. واكتفى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون باستعمال عبارة جريمة ضد الإنسانية بشأن الاستعمار وهي عبارة استعملها خلال زيارته للجزائر العاصمة كمترشح للرئاسيات. وقال خلال زيارته الاخيرة للجزائر في ديسمبر 2017 ان قناعاتي حول هذه النقطة لم تتغير منذ ان انتخبت رئيسا للجمهورية مضيفا أنا انتمي إلى جيل فرنسيين يعتبرون ان جرائم الاستعمار الأوروبي هي جرائم مفروغ منها وهي جزء من تاريخنا . واعتبر أنه لا يجب الانغلاق في هذا الماضي ولكن يجب بناء مستقبل مشترك وأمل . واعتبر وزير الشؤون الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان أن هناك مسألة سن الرئيس ماكرون ومسألة عصر مضيفا أنه لا يجب الرجوع في كل زيارة رئاسية إلى الماضي . وقال أيضا يجب القول إن الماضي وقع وأنه كان مؤلما وأحيانا مأساويا والقول أيضا أن بلدينا بينهما فرصة تاريخية للتعاون معا . وفي ذات السياق أكد مؤخرا سفير فرنسابالجزائر كزافيي دريانكور أن ملف الذاكرة بين البلدين يتقدم باحتشام وفي بعض الأحيان باحتشام كبير ولكنه يتقدم . وأكدت الجزائر من جهتها على لسان وزير المجاهدين الطيب زيتوني أن فرنسا ستعترف عاجلا أم آجلا بجرائمها التي ارتكبتها في الجزائر طيلة 132 سنة مبرزا أنه من حق الأجيال الصاعدة معرفة كل ما يتعلق بالممارسات القمعية للسياسات الاستعمارية . واسترسل الوزير قائلا أنه يبقى من الصعب على الجزائريين الاطلاع على حقيقة هذه الممارسات مشيرا إلى أن 2 بالمائة فقط من مجموع الأرشيف الذي يعتبر ملك وحق للجزائر تم استعادته من فرنسا . واعتبر الوزير أن هذا الملف يبقى عالقا إلى جانب ملفات أخرى تخص المفقودين خلال حرب الاستقلال وتعويضات ضحايا التجارب النووية بالصحراء. ويبدو أن الطريق ما زال طويلا لغلق ملف الذاكرة بين الجزائروفرنسا نهائيا لا سيما فيما يخص الاعتراف بالجرائم الاستعمارية. والنضال متواصل أيضا من خلال المجتمع المدني والمؤرّخين ورجال القانون والمحامين.