وقفة مع مجازر 8 ماي 1945 ** سلاقجي: مجازر ماي استمرت إلى غاية 30 سبتمبر 1945 المقابر الجماعية.. خطة فرنسا لطمس جرائمها ف. زينب لجأت فرنسا الاستعمارية إلى وسيلة المقابر الجماعية لإخفاء آثار المجازر التي ارتكبتها ضد آلاف الجزائريين العزل المطالبين بالحرية خلال مجازر الثامن ماي 1945 والتي تواصلت إلى غاية 30 سبتمبر من نفس العام حسب ما أكده رئيس مؤسسة الثامن ماي 1945 عبد الحميد سلاقجي ومثلما عجزت مقابر فرنسا عن طمس آثار جرائمها يعجز الجزائريون الشرفاء عن نسيان ما فعله الإرهاب الفرنسي بأرضهم وآبائهم.. ولا يزال عدد من هذه المقابر الجماعية غير معروف إلى اليوم لكن الكثير منها تم كشفها عبر التراب الوطني على غرار تلك الموجودة بمناطق عين الروى وبني عزيز وعموشة وعين الكبيرة وبوعنداس وسيدي سعيد وشعبة لاخرة وهيليوبوليس التي تضم رفات جزائريين من مختلف الأعمار حسب ما أكده سلاقجي في تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية. وكانت الجريمة الوحيدة للجزائريين العزل آنذاك الوفاء لما طالبوا فرنسا الغادرة أن تفي بوعدها تجاه الشعب الجزائري بمنحه الاستقلال في حال انتصارها في حربها ضد النازية حسب ما ذكر به المتحدث الذي أضاف بأن رد المستعمر كان بالتعذيب والقتل الجماعي والقصف بالمدفعية والطائرات الحربية والحرق في الأفران والرمي في الشعاب وفي البحر من أعالي الجبال. ولإخفاء وحشيتها لجأت فرنسا الاستعمارية فيما بعد إلى دفن الجثث في مقابر جماعية ظنا منها أنها ستسكت إلى الأبد صوت الشعب الجزائري المطالب بالحرية وحقه في تقرير مصيره بيده. من جهته أشار الصحفي كمال بن يعيش الذي ترجم على العربية كتابه سطيف: المقبرة الجماعية إلى أن المستعمر الفرنسي لجأ خلال مجازر الثامن ماي 1945 إلى وسائل عديدة لإبادة قرى بكاملها وغداة تلك الأحداث الجهنمية والقيام بعمليات دفن في مقابر جماعية. من جهته اعتبر عمار شواف الذي أخرج للتلفزيون الوطني عديد الأعمال التاريخية منها تلك التي خصصها لمجازر الثامن ماي 1945 أن تلك الأحداث تبقى صفحة مفتوحة بالنظر إلى ان الأرشيف الخاص بها ما يزال محتجزا لدى فرنسا وأن اكتشاف المقابر الجماعية متواصل سواء بسطيف أو بقسنطينة والبويرة والمسيلة. أما المجاهد عمار سبية فما يزال يتذكر أنه غداة الثامن ماي 1945 تم اعتقال والده وتم جره بواسطة أحصنة إلى غاية مدينة سطيف حيث تم استنطاقه طيلة الفترة من 20 ماي إلى غاية 23 جويلية قبل أن يعدم وتقطع جثته ثم يدفن بالمقبرة الجماعية بسيدي سعيد رفقة تسعة آخرين من أفراد العائلة. ويضيف عمار الذي كان آنذاك وأشقائه أطفالا أنه تم تحويلهم على مدينة وهران حيث رعتهم سيدة محسنة تسمى خيرة بلقايد. وبحسب المؤرخ الفرنسي جيل مونسرون فإن عدد المقابر الجماعية لتلك المجازر التي اقترفها جيش الاحتلال والميليشيات المدنية الفرنسية طيلة شهر والتي أعقبت انتفاضة الثامن ماي 1945 من الصعب تحديده. فالمقابر الجماعية لكل من خراطة وشعبة لاخرة وملبو والساحل المجاور ومحجر هيليوبوليس (قالمة) تشهد عن تلك المجازر الرهيبة التي كررها المحتل الفرنسي طيلة حرب التحرير الوطنية حسب هذا المؤرخ الذي أشار إلى أن الدعاية الفرنسية حاولت اختراع ذرائع لتلك الأعمال الوحشية الواسعة النطاق التي قام بها معمرون قتلة. وقد أكدت أحداث الثامن ماي 1945 التي استهلت بمظاهرات سلمية قبل أن تنتهي بمقابر جماعية للجزائريين قناعة مفادها أن المستعمر الذي احتل البلاد بالقوة لا يمكن إخراجه منها إلا بالقوة وهو ما مهّد الطريق إلى الكفاح المسلح من أجل التحرير. آلة الموت لم تكن العيارات النارية التي أطلقها حاكم قالمة آندري أشياري لإيقاف المسيرة السلمية للجزائريين في حقيقتها سوى إعلانا لحرب وحشية ومجازر رهيبة ضد المواطنين العزل سيشرف عليها هو شخصيا مرفوقا ب آلة الموت بمليشيات المعمرين المسلحة من قبل الجيش الفرنسي ذهب ضحيتها بقالمة ما يزيد عن 18.000 شهيد من بينهم الأخوين اسماعيل 20 سنة وعلي 18 سنة. وكان وقع إعدام الأخويين كبيرا على العائلة التي اعتبرت الشهادة في سبيل الله والوطن جائزة ربانية لكن رغم ذلك وخوفا من انتقام الفرنسيين من كل أفراد العائلة فقد لجأت أمهما مسعودة إلى إخفاء أخويهما الصغيرين حميد و مبروك في برميل الماء كما تقول العطرة وابنها علي مشيرين إلى أنه تكريما لروح شهداء العائلة فقد تم تسمية المواليد ما بعد أحداث 08 ماي 45 بأسماء الأب عمر والأخوين اسماعيل وعلي. وتشير وثيقة رسمية (في أرشيف جمعية 8 ماي 1945) هي عبارة عن مراسلة من قائد الفرقة المتنقلة بقالمة المدعو بويسون بعث بها إلى مدير الأمن العام للجزائر يوم 23 ماي 1945 ليخبره بأن عملية إعدام المشاركين في المسيرة قد تمت رميا بالرصاص وهم: بلعزوق السعيد والأخوين عبده علي واسماعين وبن صويلح عبد الكريم ودواورية محمد إضافة إلى ورتسي عمارومبروك وشرفي مسعود وأومرزوق محند أمزيان. كما تشير وثائق أخرى بحوزة ناشطين في الدفاع عن حقوق ضحايا تلك المجازر إلى أن ما يزيد عن 500 جثة للسكان المسلمين الذين تم إعدامهم صوريا في ماي 1945 أعيد إخراجها من الحفر الكبيرة التي رميت فيها ونقلها بواسطة شاحنات وتحت حماية قوات الدرك الفرنسي نحو فرن الجير بمرزعة المعمر لافي لإحراقها بهيلويوبوليس أو دفنها بالمكان المسمى كاف البومبة الذي يضم 4 خنادق يتراوح طولها ما بين 20 و25 مترا وفي كل واحد منها ما يزيد عن 20 جثة بنفس البلدية. في نفس السياق يروي مناضلون في جمعية 8 ماي 1945 بقالمة التي تأسست سنة 1995 العديد من القصص الأليمة في تلك الأحداث ومنها الطريقة الوحشية التي أعدمت بها السيدة الزهرة رقي من طرف المليشيات الدموية بعد قطع أجزاء من جسمها إلى جانب أخويها محمد وحفيظ ثم أحرقت بالفرن. وهناك أيضا قصة السيد مومني الذي صلب وألصق جسمه بالحائط بواسطة مسامير كبيرة داخل قسم الدرك بقالمة حتى الموت وتخليدا لتلك المجازر فقد تم إنجاز النصب التذكارية ل11 موقعا التي ستبقى على ممر الزمان والأجيال شاهدا على بشاعة المستعمر وهي وتتوزع عبر بلديات بلخير وبومهرة وهيليوبوليس وواد شحم ولخزارة وخاصة بعاصمة الولاية التي توجد بها كل من الثكنة العسكرية القديمة وممر السكة الحديدية ومحطة القطار ونادي الكشافة.