حنان قرقاش يعتبر الكراء الحل الوحيد المتبقي لدى شريحة واسعة من المواطنين في الجزائر، خاصة العائلات الحديثة، التي وبانتظار الموافقة على طلب حصولها على سكت اجتماعي لائق، وفي ظل حالة الضيق التي تعاني منها الكثير من الأسر الجزائرية، فان نسبة كبيرة من المتزوجين حديثا، أو منذ بضع سنوات، يضطرون إلى تأجير سكنات قريبة أو بعيدة، ويدفعون لأجل ذلك مبالغ طائلة كتسبيق، إضافة إلى ما يدفعونه من مستحقات الإيجار شهريا، بعد انقضاء الفترة التي دفعوها، وذلك فإنهم لا يتمكنون في أحيان كثيرة من عيش حياتهم بسلام، مادام أن كل ما يجمعونه وما يدخرونه، يذهب في الإيجار. ولا تتوقف سلبيات الإيجار عند حدود المبالغ المالية الباهظة، التي على المؤجرين دفعها شهريا، وإنما أيضا إلى مصيرهم، في حالة عدم قدرتهم على تسديد مستحقات الإيجار، هو عجزهم عن إيجاد منزل يتلاءم وإمكانياتهم المادية، في ظل الغلاء الذي يميز، سوق تأجير المنازل في الجزائر، ولعل هذا بالضبط ما حدث مع ثلاث عائلات من البليدة، تعيش معاناتها يومية بوسط المدينة. العائلات الثلاثة التي تتكون في مجملها من حوالي 11 فردا، لازالت تبيت في العراء بشارع رشيد المهري بباب الزاوية بالبليدة، منذ تاريخ 24 جانفي الماضي، بعد أن قام مالك البيت الذي كانت تؤجره بطردها، ولم تجد لها مأوى غير الشارع. العائلات الثلاثة، التي تضم أطفالا أيضا، كانت تستأجر بيتا من نحو ست سنوات، حسبما أدلت به السيدة "مختار زُبيدة" في حديثها ل"أخبار اليوم" عن المعاناة التي تتكبدها أسرتها وأسرتيْ جيرانها أيضا، منذ حوالي ثلاثة أشهر في الخيم التي قامت بنصبها بنفس الحي الذي كانت تقيم فيه في السابق، وهي الخيم التي تفتقر إلى أدنى شروط وضروريات الحياة الكريمة، ناهيك عما عانوه خلال فصل الشتاء، إضافة إلى ما يتعرض له أطفالهم من مخاطر، وعلى رأسها القوارض، التي كادت أن تتسبب في مقتل ابن جارتها الرضيع، منذ فترة قصيرة، بعد أن دخلت إلى الخيمة. هذا دون الحديث عن المعاناة النفسية والضغوط اليومية التي يعيشها المتضررون، نتيجة التفكير المتواصل والمرهِق في البحث عن حل لوضعيتهم. وكانت بداية المشكلة مع صاحب المنزل الذي كانوا يستأجرونه بعدم قدرتهم على مواصلة دفع أقساط الإيجار الباهظة، نظرا لمحدودية مداخيلهم، والظروف المعيشية الصعبة التي يتخبطون فيها، ما جعلهم يواجهون مصيرا مجهولا، حينما قرر صاحب المنزل استعادة منزله وطردهم منهم، بعد أن عجزوا عن دفع مستحقات الكراء، في عز فصل البرد والأمطار. وقد قامت الأسر المتضررة بالاتصال بالسلطات المحلية بولاية البليدة، في اليوم الموالي لطردهم، وفي عدة مناسبات أخرى، لشرح وضعيتهم، وطلب انتشالهم من حياة الشارع الذي مر على إقامتهم فيه إلى غاية كتابة هذه الأسطر قرابة ثلاثة أشهر، ولازالوا لغاية اللحظة بانتظار الرد الايجابي من طرف السلطات المعنية، لعلها تلتفت إلى شكاويهم، وتنصفهم بترحيلهم إلى سكنات اجتماعية لائقة، سيما وأنهم يملكون ملفات طلب سكنات اجتماعية منذ عدة سنوات لدى المصالح المختصة، ولذلك فإنهم يناشدون والي ولاية البليدة، والسلطات المعنية، التدخل لإنقاذهم وأطفالهم، من حياة الشارع التي يعيشونها، ومن الظروف الحياتية الصعبة، التي يمضون فيها أيامهم، في خيم تفتقد لكل شروط الحياة الضرورية.