** إلى أي مدى يعوِّل الشارع على العرف في استنباط الأحكام؟ وما هي الشروط التي يجب توفرها في العرف لاعتباره مستندا في الأحكام؟ * يجيب الشيخ عصام الشعار عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين عن هذا السؤال بالقول: بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد.. فالعرف هو ما اعتاده الناس وساروا عليه من كل فعل شاع بينهم أو لفظ تعارفوا على إطلاقه لمعنى خاص لا يتبادر غيره عند سماعه، وهذا يشمل العرف العملي والعرف القولي. والعرف العملي، مثل: اعتياد الناس بيع المعاطاة من غير وجود صيغة لفظية، وتعارفهم قسمة المهر في الزواج إلى مقدم ومؤخر. والعرف القولي مثل: تعارف الناس إطلاق الولد على الذكر دون الأنثى، وعدم إطلاق لفظ اللحم على السمك، وإطلاق لفظ الدابة على الفرس. والعرف لا يُؤخذ به ولا يلتفت إليه إلا إذا كان صحيحا بمعنى ألا يخالف العرفُ نصا شرعيا، أو قاعدة من قواعد الشريعة، وإلا كان فاسداً، كأن يتفق سكان منطقة معيّنة مثلاً على حرمان البنات كلية من الميراث. وقد اتفق الفقهاء على أن العرف دليل أو مصدر من مصادر التشريع الإسلامي، وتوسع الحنفية والمالكية في العمل به أكثر من غيرهم، واعتمدوه مستنداً في كثير من الأحكام العملية، وفي فهم النصوص الشرعية، بتقييد إطلاقها وفي تبيان أحكام الفقه المختلفة في دائرة العبادات والمعاملات والأحوال الشخصية والتعزيرات الجزائية. وجاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي ما يلي: أولاً: يراد بالعرف ما اعتاده الناس وساروا عليه من قول أو فعل أو ترك، وقد يكون معتبَراً شرعاً أو غير معتبَر. ثانياً: العرف، إن كان خاصاً، فهو معتبَر عند أهله، وإن كان عاماً، فهو معتبر في حق الجميع. ثالثاً: العرف المعتبَر شرعاً هو ما استجمع الشروط الآتية: أ - أن لا يخالف الشريعة، فإن خالف العرفُ نصاً شرعياً أو قاعدة من قواعد الشريعة فإنه عرفٌ فاسد. ب - أن يكون العرف مطَّرداً (مستمراً) أو غالباً. ج - أن يكون العرف قائماً عند إنشاء التصرف. د - أن لا يصرح المتعاقدان بخلافه، فإن صرحا بخلافه فلا يعتدُّ به. رابعاً: ليس للفقيه -مفتياً كان أو قاضياً- الجمود على المنقول في كتب الفقهاء من غير مراعاة تبدل الأعراف.